السعودیة یُجن جنونها من تقریر جمال بن عمر
قدم الدبلوماسي المغربي جمال بن عمر والذي كان يشغل منصب المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون اليمن والمبعوث الأممي السابق إلى اليمن، إحاطته النهائية حول الوضع الحالي في هذا البلد إلى مجلس الأمن الدولي. تقرير جمال بن عمر حمل في طياته الكثير من الحقائق والمفاجآت التي لم ترق للسعودية وحلفائها حتى وصل بهم الأمر إلى اتهامه بالتواطؤ مع حركة أنصار الله.
ففي تقرير نشرته صحيفة ذا وول ستريت جورنال الأمريكية نقلت خلاله تصريحات جمال بن عمر المبعوث الأممي السابق إلى اليمن والتي تحدث فيها عن تأثير الهجمات السعودية وحلفائها على المباحثات السياسية في اليمن قال بن عمر: “إن الهجمات السعودية كانت سبباً في مضاعفة الخلافات وتعقيد المباحاث بين الأفرقاء اليمنيين والتي كانت تهدف للتوصل إلى حل للأزمة الدائرة في اليمن، وهذه الهجمات سوف تصعب التوصل إلى حل سياسي لهذه الأزمة في المستقبل.”
وأضاف الدبلوماسي المغربي: “خلال المباحثات التي تمت بين الأفرقاء اليمنيين كنا قريبين جداً من التوصل إلى توافق تقسم من خلاله السلطة بين جميع الأطراف ومن ضمنهم أنصار الله. ووافقت حركة أنصار الله على التراجع من جميع المدن التي كانت سيطرت عليها وأن تحل محلها قوات الحكومة اليمنية. وفي المقابل توافقنا على أن يكون عبد ربه منصور هادي (الرئيس اليمني المستقيل) عضواً في اللجنة التي كان من المفروض أن تقود البلاد خلال المرحلة الانتقالية ولكن الهجمات السعودية أوقفت كل شيء.”
في تصريحات جمال بن عمر هذه اتهام مباشر للسعودية وحلفائها بتعطيل الحوار في اليمن وتعقيد الأجواء السياسية ودفع البلاد إلى أتون الحرب، فالسعودية وحسب بن عمر كانت تهدف من خلال ممارساتها وعدوانها إلى إقصاء فريق سياسي مهم وهو حركة أنصار الله الإسلامية من الساحة اليمنية ومن أجل تحقيق هذا الهدف لم تتورع عن استهداف أمن اليمن والمنطقة جمعاء من خلال شنها لعدوانها المسمى عاصفة الحزم.
واختار المبعوث الأممي السابق عدم السكوت على ما يحدث في اليمن ورفض أيضاً التحدث بما يهواه الأقوياء ففضح دور السعودية السلبي في اليمن، حيث رأى بن عمر في عاصفة الحزم السعودية عاصفةً ذهبت بجميع الحلول السياسية للأزمة في اليمن وجلبت الخراب والدمار إلى هذه البلاد الفقيرة.
بن عمر أشار في تصريحاته إلى نجاح الجهود التي بذلها مع الأفرقاء اليمنيين في تقريب وجهات نظر الفرقاء بشكل كبير، حيث تم التوافق على معظم القضايا المطروحة ما عدا موضوع مؤسسة الرئاسة. “لقد كان اليمنيون قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى حل سياسي، كما فعلوا حين وقعوا على اتفاق نقل السلطة واختتموا بنجاح مؤتمر الحوار الوطني وتبنوا اتفاق السلم والشراكة.”
کما رفض بن عمر الحل العسکري للأزمة اليمنية ورأى أن السبيل الوحيد لإعادة العملية السياسية إلى مسارها، وتحقيق استقرار وسلم مستدامين في اليمن يمر بالضرورة عبر حوار يمني- يمني، يكون فيه اليمنيون أسياد قرارهم بعيداً عن أي إملاءات أو تدخلات خارجية.
وأشار بن عمر إلى مسؤولية جميع الأطراف اليمنية عن انهيار العملية السياسية في اليمن بقوله: “وأكدت لأعضاء المجلس أن انهيار العملية السياسية في اليمن ليس مسؤولية جهة واحدة وإنما نتيجة تراكمات يتحمل وزرها جميع الأطراف وإن بدرجات متفاوتة.”
ورأى بن عمر في الهجمات السعودية وحلفائها على اليمن استهدافاً لأمن اليمن وتوفير فرصة ذهبية للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها القاعدة للاصطياد بالماء العكر وتمكين نفوذها في اليمن، حيث أشار إلى تحذيره من أن تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب يستفيد من حالة الفوضى وعدم الاستقرار السائدة وأن استفادته من الوضع القائم ستتعاظم إذا لم يتم التوصل إلى حل سريع للأزمة الراهنة.
ولکن التصريحات التي قصمت ظهر أمريكا والسعودية واللتین غالباً ما حذرتا من النفوذ الإيراني في المنطقة وكالتا الاتهامات جيئة وذهاباً للجمهورية الإسلامية، هي تلك التي قال فيها أنه وخلال خدمته في منصبه كمبعوث دولي لليمن، امتدت لنحو ثلاث سنوات، لم يلمس أي دليل على تورط إيران في شؤون اليمن. كما وصف حليف السعودية الرئيس الهارب عبد ربه منصور هادي بأنه “وسيط غير نزيه وعديم الضمير”.
وفي نهاية تقريره لفت بن عمر إلى الوضع الإنساني المتدهور في اليمن ووصفه بالكارثي في ظل سقوط مئات الشهداء والجرحى من الأبرياء ونزوح الآلاف، وشدد على ضرورة فسح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى جميع أبناء الشعب اليمني مما يكفل استمرار صمودهم والتخفيف من معاناتهم، حيث حذر في تقريره من مخاطر الحظر والعقوبات المفروضة حالياً على أفراد الشعب اليمني.
أراد جمال بن عمر من تصريحاته الصريحة والواضحة، وهو الرجل الذي استقال إثر الضغوطات التي مارستها السعودية على الأمم المتحدة حينما لمست ضميره الحي وعدم استطاعة دولاراتها شراء ذمته، أراد تبرئة ذمته وفضح مؤامرات السعودية وأطماعها في اليمن. فالرجل فند في تقريره جميع مزاعم السعودية التي ساقتها لشن عدوانها ووضع السعودية وحلفائها في وضع لا تحسد عليه حينما أشار إلى عمق المعاناة الإنسانية في اليمن ودورها السلبي في تعقيد الأجواء وبث نار الفتنة ودعم القاعدة وغيرها.
هذه التصريحات كانت كفيلة بأن يجن جنون السعودية وتحرق نار الحقد والكيد قلوب قادتها حينما وجدوا أنفسهم مفلسين على كافة الصعد، فقادة السعودية يعيشون اليوم مأزقاً حقيقياً بعد انكشاف نياتهم الخبيثة أمام المجتمع الدولي وبعد عجزهم وبعد أكثر من شهر على بدء عدوانهم عن تحقيق إنجاز يذكر وبعد سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى اليمنيین وفضح الدور السعودي في تأزيم الوضع الداخلي اليمني ودعم التنظيمات الإرهابية التي تستهدف حاضر ومستقبل اليمن.
يذكر أن جمال بن عمر كان قد قال في مقابلة مع شبكة راشا تودي الروسية إن “مشروع الأمم المتحدة المبني على إقناع الرئيس علي عبد الله صالح الرئيس اليمني السابق على الاستقالة والاتفاقية الانتقالية في هذا البلد واستمرار مفاوضات السلام في اليمن كان بإمكانه أن يكون نموذجاً جيداً لحل الأزمة التي تمر بها البلدان العربية عقب الربيع العربي ولكن التدخل السعودي العسكري في اليمن وصل بنا إلى هذه النهاية. اليمن هو البلد الوحيد الذي جرى فيه حوار وطني واقعي استمر لمدة ستة أشهر. لقد كنت ألعب دور الوسيط في هذا الحوار وكان من شأن هذا الحوار تشكيل حكومة ديمقراطية في اليمن. في الحقيقة لقد بدأت مشكلة اليمن الأساسية بعد نهاية الحوار الوطني في هذا البلد.”
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق