عدن تشتعل قبل أيام من قمة خليجية الثلاثاء
وكالات – سياسة – الرأي –
حراك ميداني لافت في الجنوب اليمني، تميز بتصعيد غير مسبوق للمعارك في عدن وتكثيف للغارات على مأرب والحديدة وتعز، قبل أيام من قمة خليجية تستهدف تقييم مجريات العدوان وإعادة توجيهه على وقع اشتداد المعارك في عدن، التي شهدت أمس أعنف اشتباكات منذ بدء العدوان وتكثيف الغارات على أكثر من محافظة يمنية.
ويواصل الجيش اليمني و«أنصار الله» تحقيق الإنجازات الميدانية على طريق تأمين المحافظات الجنوبية من أي محاولة استثمار سياسي تسعى إليه الرياض وحلفاؤها، الذين يعدون لقمة خليجية في الخامس من أيار الجاري، ترمي إلى إعادة تأطير الحرب على اليمن، بعدما غرقت في تخبط وعشوائية ظاهرين للعيان، وذلك في وقت قتل فيه جنديان سعوديان في جازان، بعد تعرض دورية لنيران قرب الحدود مع اليمن.
محاولة «لملمة» العملية العسكرية التي تقوم الرياض اليوم بدفعها إلى مراحل أخرى عبر تسليح القبائل وتدريبها، لزج اليمن في صراع داخلي غير محدد الأجل، تسبق اجتماع الزعماء الخليجيين بالرئيس الاميركي باراك أوباما في كامب دايفيد، منتصف الشهر، إذ يعلم هؤلاء أن ذهابهم إلى هذا اللقاء «التاريخي» خالي الوفاض من معركتهم في اليمن، أمر لا يحبذه الأميركيون، لا سيما بعد الدفع الأميركي الجلي باتجاه وقف العمليات العسكرية والبحث جدياً عن حل سياسي.
وخلال الاجتماع الخليجي، أكد وزير الخارجية القطري، خالد العطية، أن «عاصفة الحزم» جاءت على مستوى «المسؤولية التاريخية» لدول المجلس، كإجراء حاسم لا بد منه لاستعادة الشرعية التي توافق عليها الشعب اليمني. ودعا العطية الأطياف اليمنية كافة إلى الانخراط في عملية الحوار الوطني الشامل ونبذ العنف واحترام الشرعية، إلى جانب ضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مؤكداً استمرار دعم دول المجلس للعملية السياسية في اليمن، «لتعزيز روح التوافق الوطني بين جميع الأطراف اليمنية».
وفي وقت يصَر فيه فريق هادي والرياض على استهلال أي عملية سياسية بحوار مشروط بـ«إعادة الشرعية» أولاً، وبرعاية خليجية ثانياً، جددت طهران دعوتها إلى حوار يمني داخلي ترعاه الأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إنه يجب أن يشارك الجميع في اليمن في حوار من دون شروط مسبقة»، متوقعاً ألا يتم الحوار في الامارات كإحدى الدول المرجحة لاستضافة المحادثات بين القوى اليمنية، لأن «الامارات وللأسف أصبحت طرفاً في النزاع»، بحسب ظريف الذي شدد على ضرورة أن يعقد الحوار في مكان «ليس طرفاً في هذا النزاع».
وخلال لقاء عقده في جامعة نيويورك ليل أول من أمس، رأى ظريف أن المحادثات يجب أن تقود إلى تشكيل حكومة واسعة تقيم علاقات جيدة مع الدول المجاورة لليمن، مضيفاً: «على الحوار أن يكون بين اليمنيين ويديره اليمنيون، ونستطيع أن نسهل الحوار».
من جهة أخرى، كشف مسؤول أميركي أن واشنطن «طلبت عون طهران في إقناع الأطراف اليمنية المتنازعة بالمشاركة في محادثات سياسية»، وذلك في اللقاء الذي جمع ظريف بنظيره الأميركي جون كيري. وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف قد أكدت أن المسؤولين تطرقا إلى ضرورة الانتقال إلى حوار سياسي (بين اليمنيين) وبأسرع وقت ممكن».
في هذا الوقت، أعلن قائد البحرية الإيرانية، حبيب الله سياري، أن مدمرتين إيرانيتين أرسلتا إلى خليج عدن لحماية السفن التجارية متمركزتان حالياً عند مدخل مضيق باب المندب. وقال سياري إن المدمرتين موجودتان هناك «بموجب القوانين الدولية من أجل حماية السفن التجارية لبلادنا من تهديد القراصنة»، مضيفاً أن المدمرتين «ستظلان في المنطقة حتى 22 حزيران المقبل على أن تحل محلهما سفن أخرى».
وللمرة الرابعة خلال شهر، استدعت طهران القائم بالاعمال السعودي إلى وزارة الخارجية الايرانية احتجاجاً على تدخل طائرات سعودية يوم الثلاثاء الماضي لمنع الطائرة الايرانية المحملة بالمساعدات الانسانية من الهبوط في صنعاء.
على الصعيد الداخلي، وفي أول مقابلة تلفزيونية له بعد تعيينه نائباً للرئيس الفار، حذر رئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاح، الذي يبدو اليوم في واجهة المساعي الاقليمية الدبلوماسية لإيجاد صيغة سياسية مقبلة في اليمن، إيران من التدخل في الشأن اليمني، مطالباً إياها بتوثيق علاقاتها مع الدولة ومؤسساتها بدل التعامل مع الجماعات والأفراد. ودعا في مقابلة مع قناة «الجزيرة» القطرية، تبث مساء اليوم، إلى تشكيل منظومة أمنية وعسكرية حقيقية لمواجهة التطرف «بكل أشكاله ومسمياته»، معتبراً أن الحوثيين لا يواجهون تنظيم «القاعدة»، الذي يساعده انقسام الجيش اليمني، على حد تعبيره.
واشتدت يوم أمس الغارات الجوية على مدن عدن وتعز ولحج وأبين في الجنوب، حيث تتواصل معارك عنيفة بين الجيش و«اللجان الشعبية» من جهة، والمسلحين الموالين لهادي من جهة أخرى. وتمكن الجيش و«اللجان» يوم أمس من التقدم نحو أحياء خور مكسر وكريتر في عدن.
ووصف السكان الضربات الجوية والمدفعية على عدن بـ«الأسوأ» منذ بدء الحرب، في وقت تمكن فيه الجيش و«اللجان» من تأمين الخط الواصل بين صنعاء و مأرب، واستعادة معسكر الماس القريب من المدينة.
كذلك، تواصلت الغارات الجوية على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، واستهدفت الغارات مجدداً مطار عدن الذي يشهد محيطه اشتباكات منذ مدة للسيطرة عليه.
وشنت طائرات العدوان سلسلة غارات على معسكر الدفاع الجوي في صافر، واللواء 107 في مأرب، في حين تعرض معسكر الدفاع الجوي في الصليف في محافظة الحديدة لنحو عشر غارات متتابعة. كذلك، استهدف العدوان القصر الجمهوري في محافظة تعز، الذي كان قد دمر في غارات سابقة، كما قصف معكسر قوات الأمن الخاصة في المدينة التي تشهد مواجهات.