حینما تخاطب الأمة الإسلامیة السعودیة: کفی نفاقاً باسم الدین الإسلامی
من بين كثرة الأحداث الجارية في المنطقة والعالم، يحاول البعض تفسير التناقضات الموجودة. ولعل من أهم هذه التناقضات، الاختلاف بين الأقوال والأفعال، أو ما يمكن القول إنه التعارض بين العقيدة والتطبيق. وهذا ما يظهر جلياً اليوم في السياسات التي تضعها الدول، والتي يبرز فيها حجم التناقض بين الادعاءات وترجمتها على الأرض. وهنا يأتي الحديث عن السعودية التي تقدم نفسها دوماً باسم الدين الإسلامي، وهو ما قد يكون أعطاها احتراماً زائداً عن حده. فقد أثارت أفعال السعودية وبالتحديد عندما يتعلق الموضوع بتعاطيها مع شعوب المنطقة، الكثير من التساؤلات حول حقيقة خلفيتها الإسلامية، في وقتٍ دلَّت أفعالها على انها تقف في خط الكيان الصهيوني. فكيف يمكن تفسير هذا الواقع الملتبس؟ وما هي حقيقة السعودية والتي يمكن إثباتها بالأفعال؟
أن تقدم السعودية نفسها على انها راعيةٌ للدين الإسلامي، أمر أصبح من الضروري محاولة نقضه، لما يشكل ذلك من مسؤوليةٍ للمسلمين بحق دينهم. فأفعال السعودية شوهت صورتها وجعلتها تدخل دائرة التناقض الواضح بين الايديولوجية والتطبيق. وبعيداً عن النقاش الديني ومن خلال الممارسات فقط، يمكن تأكيد بُعد السعودية عن المفاهيم الإسلامية في كافة المناحي العملية وبالتحديد العمل السياسي. فما هي الأفعال التي تؤكد ذلك؟
– إن قيام السعودية بدعم الإرهاب الذي ساهمت في تأسيسه، وبالتحديد القاعدة وتنظيم داعش، هو بحد ذاته من الأمور التي تؤكد الحقيقة الصهيونية للسعودية وبعدها عن الدين الإسلامي. فدعمها للإرهاب الذي حمل اسم الإسلام من أجل تأمين حاضنةٍ له، هو أول جريمة بحق الإسلام. وقيامها بتمويله وهو الطرف الذي يقتل كل من يخالفه وبالتحديد المسلمين، هو الجريمة الثانية .
– إن ادعاء السعودية دفاعها عن الشعب السوري المظلوم، وقيامها بالمقابل بضرب قوة النظام والدولة السورية، لا يمت لتعاليم الدين الإسلامي بصلة. بل إن مشروع السعودية في سوريا لم يكن إلا مشروعاً سياسياً بامتياز، هدفه ضرب محور المقاومة، وخدمة أمن الكيان الإسرائيلي. وبالتالي فإن كل الادعاءات السعودية باطلة، بمجرد الوقوف بوجه مقاومة الشعوب المسلمة. وهو ما يؤكد بحد ذاته أن السعودية هي أبعد ما يكون عن الدين الإسلامي .
– إذا كانت السعودية صادقةً في ادعاءاتها بدعم الشعوب المستضعفة، فماذا يعني تدخلها في البحرين لحفظ نظامٍ أدانته كل الدول لانتهاكه حقوق الإنسان؟ بل كان تدخلها عسكرياً وبطريقة مباشرة، ولا يوجد في الدين الإسلامي ما يشرعنه .
– وماذا يقول المسؤولون السعوديون عن معاملة شعبهم ورفضهم القيام بأية اصلاحات سياسية توفر لمواطنيهم قدراً من الشراكة السياسية وتسمح بحرية الرأي وتحمي حقوق الانسان؟ فلا بد من التمييز بين التحرر من أنظمة الاستبداد التي هيمنت على دول العالم العربي على مدى أكثر من نصف قرن وبالتحديد الدول الخليجية، وبين إقامة مشاريع سياسية جديدة تتبنى قيم الإسلام التي تدعم الحريات العامة وتكرس مبدأ الشراكة السياسية وتحارب الفساد. فأين السعودية من ذلك؟ وهي التي تعزز بحكمها لشعبها مبدأ الحكم الفردي والقبلي والفئوي، وتبتعد عن مفهوم “الأمة” التي تعبر عن حجم الانتماء الديني بين الشعوب .
– أثبتت السعودية أنها بعيدة عن الدين، أو يمكن القول بأحسن الأحوال إن لها فهمها الخاص للدين. فدين السعودية يقفز على ثوابت المسلمين، ويسعى لفرض فهم آخر للرسالات الإلهية، ويحاول تكريس مفاهيم تقديس “أولي الأمر” وحرمة الخروج على الحاكم الظالم. الى جانب تقديس التاريخ غير المنقح عن قصد، والذي كُتب بتوجيه الطغيان السياسي والاستبداد، وهي الظاهرة التي أدت الى نشوء “السلفية “.
– إن المسلمين هم أمة واحدة يتعايشون في ما بينهم ويتفاهمون. ويتفقون ضمناً على التعايش مع الاختلاف، مع احتفاظ كل فرقة بخصائصها، الى جانب التوافق على الأسس المشتركة التي حددها الإسلام. اما بالنسبة للسعودية فالمطلوب أن لا يتبلور مفهوم الأمة. ولتحقيق ذلك يجب التقسيم وزيادة الخلافات، عبر تحويل الخلافات الاجتهادية المشروعة الى خلافات تتبنى السيف والدم لإثبات وجود الاطراف المتناحرة. فكيف قامت السعودية بذلك؟
– بعد انتهاء الحرب في افغانستان، وجدت السعودية أنها ساحة خصبة لتكوين مجموعات مسلحة تحمل فكر المدرسة الفقهية المتحالفة مع نظام الحكم السعودي، تكفر الآخرين وترفض الديمقراطية والحريات العامة وفق منظور فقهي ضيق. وأصبحت هذه المجموعات تدريجياً في قبضة أجهزة الإستخبارات السعودية، وتحولت الى سلاح موجه ضد محاولات التغيير السياسي في المنطقة، استخدمتها السعودية في ما سمي بثورات الربيع العربي .
– لم تكتف السعودية بذلك بل حاولت تعميم هذا المشروع بعد النجاح في مصر، وكان للنفط الخليجي دورٌ في ذلك. لكنها وللأسباب التي تتعلق بالسيطرة والنفوذ وحكم الشعوب بالاستبداد، دخلت في مناكفاتٍ سياسية تطورت الى حد العداوة مع الدول الخليجية الأخرى وبالتحديد قطر. فأي دينٍ إسلاميٍ تدعيه السعودية؟
إن كافة الشعوب الإسلامية اليوم تعي حقيقة الدور السعودي وخلفه الخليجي في المنطقة. بل إن العدوان السعودي على اليمن، شكل بحد ذاته صفعةً لنفاقٍ دام عقوداً من الزمن، أوضحته السياسات الحاقدة التي طالما تميزت بها السعودية. وهنا يأتي السؤال التالي: الى متى ستبقى السعودية تدعي انتماءها للدين الإسلامي؟ في وقتٍ أصبحت تقول لها كافة شعوب المنطقة: أيتها السعودية كفى نفاقاً باسم الدين الإسلامي .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق