التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

معاهدة الحد من الانتشار النووی من مؤتمر الی مؤتمر 

 تعد أسلحة الدمار الشامل من الأدوات الأكثر فتكاً في تاريخ البشرية، التي حصدت ملايين الأرواح منذ نشأتها منتصف الستينات، وسارعت الدول الكبرى الى امتلاكها لزيادة ترسانتها العسكرية ولإعطاء منظومتها الدفاعية القومية قوةً تجعلها بمنأى عن اي تهديد خارجي.

ولم يعد موضوع هذه الأسلحة مرتبطاً بقوة الردع، إنما تعداه الى القيام بحروبٍ استباقية كالغزو الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣ تحت حجة امتلاك تلك الأسلحة التى اثبتت الوقائع بعدها أنها كذبة كانت مقدمة لاحتلال العراق، بالإضافة الى تهديد أمریکا بضرب سوريا منذ عام ونيف بحجة استخدام الجيش السوري للسلاح الكيميائي علماً ان التقارير الأممية وخاصةً الفرنسية خلصت الى ان الجماعات الإرهابية هي من استخدمتها.

مؤتمر متابعة معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية

إن كل الدول والمنظمات وخاصةً الامم المتحدة  دعت الى التخلص من تلك الاسلحة وهذا ما جاء على لسان بان كي مون في (مؤتمر متابعة معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية) الذي طالب بتصفية الأسلحة النووية بشكل كامل داعيا الوفود المشاركة في المؤتمر إلى “العمل الدؤوب” لهذا الهدف.

وهذا ما قاله الرئيس الروسي فلادمير بوتين الذي اعلن أن روسيا قلصت ترسانتها النووية إلى الحد الأدنى وساهمت في نزع أسلحة الدمار الشامل في العالم وتزمع الاستمرار بالعمل في هذا الاتجاه. واضاف بوتين في رسالته إلى المؤتمر الثلاثاء ٢٨ أبريل/نيسان أن “روسيا تنفذ بشكل منهجي اتفاق عدم انتشار الأسلحة النووية بما فيه المادة السادسة، وقد قلصنا ترسانتنا النووية إلى الحد الأدنى، ما يعتبر مساهمة ملموسة في النزاع الشامل والكامل للأسلحة النووية، ونخطط لمتابعة العمل في هذا الاتجاه وكذلك المحافظة على التوازن بين تطوير الطاقة النووية السلمية وتعزيز نظام عدم الانتشار، بما فيه نظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن بلاده ستسرع عملية تفكيك الرؤوس النووية التي سحبتها من ترسانتها. ولفت في كلمته أمام المؤتمرين إلى أن القوى العظمى “الآن أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق شامل” مع طهران. كما وعد كيري الدول غير النووية التي تتهم القوى العظمى النووية بأنها لم تنزع أسلحتها بما فيه الكفاية، بأن واشنطن “عازمة على العمل معكم من أجل إقناع المشككين” بالرغبة الأمريكية في نزع السلاح.

يذكر أن المعاهدة التي دخلت حيز التنفيذ عام ١٩٧٠، تضم ١٩٠ بلدا أو كيانا ولا تزال مفتوحة للتوقيع، وتعقد مؤتمرات متابعة كل خمس سنوات، وتنص على الحق الكامل لكل الدول المشاركة فيها بممارسة الأبحاث وإنتاج واستخدام الطاقة النووية لأهداف سلمية.

ومن الدول التي تملك سلاحا ذريا ولم توقع حتى الآن على الاتفاقية، الهند وباكستان والکیان الإسرائيلي، كما انسحبت كوريا الشمالية من المعاهدة في ٢٠٠٣ وأجرت منذ ذلك الحين ثلاث تجارب نووية.

المناطق التي استخدم فيها سلاح الدمار الشامل

الأكثر غرابةً في هذا الموضوع ان الدول التي تدعو الى التخلص من هذا السلاح هي التي تملكه خاصةً النووي منه، بل ان بعض هذه الدول قامت باستخدامه فعلاً امثال امريكا التي كانت الدولة الاولى في العالم التي سحقت مدينتي هيروشيما وناكازاكي في اليابان والتي اودت بحياة ١٠٠٠٠٠ قتيل. لذلك كانت هاتين المدينتين اول من عانى همجية تلك الاسلحة وتبعهما الشرق الأوسط الذي يعد من المناطق التي استخدمت فيها الأسلحة غير التقليدية في الصراعات الحديثة، ولو أن ذلك الاستخدام كان على نحو تكتيكي محدود. فقد استخدمت مصر الأسلحة الكيمياوية في اليمن في الستينيات، ويزعم أن ليبيا أيضاً استخدمتها في تشاد. كذلك تفيد تقارير بأنها استخدمت في افغانستان، ثم استخدمت مؤخراً في السودان. والعراق استخدمها ضد الأكراد، واستخدمها على نطاق واسع في الحرب العراقية – الإيرانية. بالاضافة الى الجيش الامریكي الذي أمطر العراق بأكثر من مليون قذيفة ملوثة باليورانيوم المنضب.

ويبقى التهديد باستخدام هذه المنظومات من الأسلحة معلماً مألوفاً من معالم أية مجابهة تتفجر في المنطقة، أو على أطرافها. لكن عندما يتم الحديث عن هذه المنظومات يتم التناسي كلياً عن الکیان الاسرائيلي الذي یمتلك ٢٠٠ رأس نووي وغير منضوٍ في البروتوكول الاضافي للحد من الاسلحة النووية، ناهيك عن دول اوروبا التي معظمها يمتلك تلك المنظومات الفتاكة، والتركيز في الآونة الاخيرة على الجمهورية الإسلامية حول ملفها النووي وامكانية توصلها للقنبلة الذرية والتي أعلنت مراراً وتكراراً أنها لا تسعى لذلك، وأن المسألة سلمية بحتة مرتبطة بالتكنولوجيا النووية ذات الطابع السلمي والعلمي، لذلك فان الاستنسابية في معالجة هذه الاسلحة تجر العالم الى المزيد من التسلح ربما بمنظومات اكثر فتكاً قد تكون في أيدي دول اوروبا وامريكا وروسيا.

إن كل تلك الخطابات لا تغير في واقع الأمر شیئاً طالما لم تترافق مع خطوات عملية تلزم كل الدول التي تمتلك تلك الأسلحة بالتخلص منها، لكن طالما ان الأمم المتحدة (وهي المنظمة التي من المفترض ان تكون حيادية) قاصرة حتى عن منع الجيوش استخدام الأسلحة المحرمة دولياً ابتداءً من الكيان الإسرائيلي وأمریکا واخيراً في اليمن حيث قامت الطائرات السعودية باستخدام اسلحة محرمة دولياً، فكيف بها ترعى برنامجاً يحد على الاقل من انتشار تلك الاسلحة.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق