التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

قبائل الشمال الیمنی تُدخل السعودیة فی أزمة عدم استقرارٍ جدیدة 

تعد الحرب مع اليمن نزهة. هكذا يمكن اختصار المشهد اليمني، بعد أن كانت العشائر تنتظر ساعة الصفر لتدافع عن أرضها من العدوان السعودي الذي دخل يومه الواحد والأربعين. ولعل السعودية التي اصبحت قلقة من المستقبل أكثر من غيرها، تنظر الى الخطر الداهم الذي بدأت تشعر به منذ اندلاع المناوشات البرية مع اليمنیين. وهنا يجري الحديث عما حصل من هجمات نوعية نفذتها القوات اليمنية استهدفت من خلالها العمق السعودي. فماذا في آخر تطورات الأحداث الحدودية بين اليمن والسعودية؟ وما هي دلالاتها الإستراتيجية؟

أولاً: انطلاق شرارة الرد اليمني:

مع انقضاء أربعين يوماً من العدوان السعودي على اليمن، انطلقت ليلة أول من أمس شرارة الرد اليمني على السعودية من خلال عمليات نوعية نفذتها قوات تابعة للجيش اليمني ومجاميع قبلية على أكثر من جبهة داخل العمق السعودي أدت إلى السيطرة على مواقع عسكرية واقتحام مناطق وقرى وقتل وأسر جنود وضباط سعوديين. ووصلت العمليات إلى داخل مدن تابعة لمحافظة نجران واشتعلت النيران في شوارع المدينة، كذلك استولت القبائل على موقع التبة الحمراء وثلاثة مواقع أخرى محيطة بمحافظة جازان ومصادرة كافة عتادها العسكري. فيما أكدت مصادر عسكرية على الحدود اليمنية السعودية الى أن المواقع التي تم استهدافها تقع بعيداً عن المنطقة الحدودية في عمق الأراضي السعودية. وقد اكدت مصادر خاصة لصحيفة الأخبار اللبنانية، أن القوات اليمنية اقتحمت مساء الاثنين بعض المراكز العسكرية في نجران، فيما تساقطت القذائف على عدة أحياء في نجران داخل العمق السعودي وعلى بعد عشرات الكيلومترات من الحدود اليمنية. وكان قد سقط عدد من الجنود السعوديين في كمائن للجيش اليمني في المناطق الحدودية شمال البلاد. فيما حذر الجيش اليمني من أن أي استهداف للأراضي اليمنية من قبل المواقع السعودية سيتم الرد عليه بقوة. وعلى صعيد آخر، كانت الحكومة السعودية قد أعلنت أمس إقفال المدارس في نجران بسبب سقوط قذائف من الجهة اليمنية، كذلك تحدثت مصادر محلية هناك عن نزوح كبير لسكان نجران وجيزان السعوديتين.

من جهتها أفادت “سي أن أن” عن مصادر تابعة لحركة أنصار الله، الى أن ما لا يقل عن ٢٠٠ من مسلحي القبائل في شمال اليمن، شنوا هجوماً بالقذائف الثقيلة على مدينة نجران السعودية الحدودية، بالتنسيق مع الحركة. وأشارت المصادر إلى أن الهجوم أسفر عن اشتعال النيران في عدد من المباني بالمدينة السعودية. وقالت المصادر إن اشتباكات اندلعت بين مسلحي القبائل وأفراد من حرس الحدود والشرطة السعودية، وأكدت أن المسلحين لا يخططون للبقاء طويلاً في نجران، واعتبرت أن الهجوم بمثابة “رسالة” إلى السلطات السعودية.

ثانياً: الدلالات المهمة:

– إن المواجهات والعمليات العسكرية التي وصلت إلى العمق السعودي لم تعد مجرد عمليات فردية كتلك التي كانت القبائل تنفذها طوال الأسابيع الماضية، بل إن هذا يؤشر على بدء الرد العسكري الجماعي. فطبيعة الرد تدل على أن القبائل اليمنية والتي تقف الى جانب الجيش اليمني، قد اتخذت قراراً في الرد على العدوان السعودي، وهو ما سيشكل حالةً من الإجماع والتكاتف بين اليمنيين، لم تكن من قبل.

– إن الرد وبحسب المصادر جاء نتيجة محاولة قواتٍ سعودية التقدم والتمركز على أحد الجبال اليمنية الحدودية، وهو الأمر الذي دفع القوات اليمنية للتصدي لها مسنودة بأبناء القبائل. مما يعني تحولاً ميدانياً من الناحية العسكرية، ورسالةً سياسية بأنه لم يعد من المسموح الإمعان في الاعتداء.

– يدل ما يجري من أحداث على تعاظم المأزق السعودي جراء قيادته للحرب على اليمن. فعدم قدرة السعودية الدفاع عن حدودها، هو من المشكلات الجديدة التي ستؤثر على الداخل السعودي بعد أن وقفت السعودية عاجزة عن ذلك. ولعل المفارقة أن القوات اليمنية تدافع عن أرضها. ولذلك فأمام انكشاف الضعف السعودي، يسعى نظامها للتعويض من خلال استجداء الدعم من الدول الكبرى حتى وإن كان دعماً معنوياً كما عبر عنه الرئيس الفرنسي أثناء حضوره القمة الخليجية حين صرح بإمكانية تدخل بلاده للدفاع عن السعودية مع تأكيده على أفضلية الحوار.

– إن الاعتداء السعودي على جاره اليمني، بدأ بقطف النتائج السلبية المتمثلة بحجم الإستياء لدى الشعب اليمني من الأفعال السعودية. وهو ما سيزيد من عزلة السعودية التي أصبحت وحيدةً في عدوانٍ لم يساهم أحدٌ معها في تأمين استمراريته.

لقد حولت السعودية وبحسب تحليل الأحداث الجارية سياستها الخارجية من سياسة بسط النفوذ الى سياسة الإسترضاء. وهذا ما يجري اليوم وهو ما تعبر عنه الدبلوماسية السعودية في محاولتها لكسب ود الدول الإقليمية والعالمية. ولعل أهم ما يمكن أن نصف به المشهد السعودي اليوم، هو أن السعودية هي أمام واقعٍ من الأزمات الداخلية والخارجية يظهر حجم ضعفها التاريخي. والتي تتمثل بأزمة الحرب على اليمن والتي أصبحت بحد ذاتها أزمة في استمرارها. الى جانب المأزق الحدودي الجديد المتمثل بأزمة عدم الإستقرار الجديدة والتي تضاف الى المشكلة الداخلية. وهنا يأتي السؤال التالي: هل ستنجح السعودية في سياسة محاولة الإسترضاء الجديدة بعد فشلها في عدوانها على اليمن؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق