التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

أمریکا وحلفاؤها: حقائق ووثائق تثبت تاریخاً من الإنتهاکات لحقوق الإنسان 

 تعتبر أمريكا والغرب الدول الأكثر صخباً وضجيجاً بالحديث عن حقوق الإنسان كما أنها الدول الأكثر استخداماً لهذه الورقة في سياساتها الخارجية. لكن من يراقب السياسات التنفيذية للغرب وأمريكا يجد أنهم وعلى الصعيد الفعلي الأكثر انتهاكاً لشرعة الحقوق الدولية. ولعل الحديث عن هذا الموضوع اليوم أصبح بشكلٍ يومي نتيجة ما يجري في الداخل الأمريكي من ممارساتٍ بحق السود تحديداً. كما أن حلفاء أمريكا الذين طالما تغنوا مثلها، نجدهم شركاء لها في كل حروبها لا سيما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتعتبر لغة الأرقام اللغة الأمثل والتي يمكن الإستدلال من خلالها لتأكيد حجم انتهاكات أمريكا والغرب. فكيف يمكن الدلالة على أن أمريكا كانت ومازالت الدولة الأكثر انتهاكاً لحقوق البشر، الى جانب شركائها الغربيين؟

أولاً: تاريخ انتهاك حقوق الإنسان من قبل أمريكا وحلفائها:

ليس غريباً وضع أمريكا في خانة الإتهام بانتهاك حقوق الإنسان، والسبب في ذلك هو أن الإمبراطورية الأمريكية ومنذ نشأتها قامت على جماجم عشرات الملايين من الهنود الحمر. وهناك العديد من المفكرين الامريكيين الذين طالما أكدوا أن أمريكا هي البلد الأكثر دموية في تاريخ البشرية، وأن حلفاءها كانوا دوماً شركاءها الغربيين في ذلك. ولعل المفكر الأمريكي ناعوم تشومسكي هو أحد أهم هؤلاء حيث قال: “من وجهة النظر القانونية إن هناك ما يكفي من الأدلة لإتهام كل الرؤساء الأمريكيين منذ نهاية الحرب العالمية بأنهم مجرمو حرب، أو على الأقل متورطون بدرجة كبيرة في جرائم حرب”. فكيف يمكن إثبات ذلك وبالأرقام؟

– إنه ومنذ نهاية الحرب العالمية وإلى اليوم هناك ٧٦ حرباً وتدخلاً عسكرياً أو دعماً لإنقلاب عسكري نفذتها أمريكا وحلفاؤها في مناطق شتى من العالم، وكلها تحت عناوين الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية. فماذا تقول الحقائق التاريخية حول ذلك؟

– في عام ١٩٤٤ قامت ثورة في جواتيمالا، وأسست حكومة ديمقراطية مما أثار زوبعة هستيرية في واشنطن، ووصف الموقف في جواتيمالا عام ١٩٥٢ بأنه معاد للمصالح الأمريكية، مما استدعى انقلاباً عسكرياً دعمته إدارة كارتر حينها، فسفكت الدماء وسار الفساد في جواتيمالا، لا لشيء إلا لأن المصلحة الأمريكية تقتضي ذلك.

– بعد الإنقلاب في جواتيمالا جاء دور أمريكا اللاتينية فهيأت إدارة كنيدي في عام ١٩٦٤ لإنقلاب عسكري في البرازيل، أدى لوأد التجربة الديمقراطية البرازيلية الواعدة في مهدها. وكان الهدف تيسير أمور الشركات الأمريكية العملاقة التي تريد السيطرة على مقدرات البلاد. وبقيت البرازيل تحت خط الفقر رغم أن بلادهم تتمتع بثروة تمكنها من أن تكون من أغنى بلاد العالم.

– وفي آذار من العام ١٩٨٠ قامت الحكومة الأمريكية بدعم الحكومة العسكرية في السلفادور ضد الشعب، في سبيل تثبيت الحكومة الديكتاتورية دعمت ممارسات الحكومة لأبشع أنواع القتل والتعذيب ضد شعبها، وكل ذلك لأن الأمور تخدم مصلحة امريكا. وسنكتفي بهذا القدر من التاريخ، لننتقل الى بداية التسعينات.

– في العام ١٩٩٢ أرادت أمريكا أن تؤمن لنفسها موطئ قدم في القرن الإفريقي البالغ الأهمية استراتيجياً لها ولحلفائها لا سيما الكيان الإسرائيلي، فنشرت الفوضى في الصومال من خلال قوات التدخل السريع التي قتلت من الصوماليين باسم تهدئة الأوضاع وإطعام الجوعى في عملية (إعادة الأمل) ما لا يقل عن ألف صومالي، وهو ثمن لا مشكلة في دفعه لأن الأمر يتعلق بالمصلحة الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية.

ثانياً: أمريكا وانتهاكاتها على الصعيد الداخلي:

وعلى الصعيد الداخلي تعتبر أمريكا من أكثر دول العالم إنتهاكا لحقوق الإنسان حيث يعيش المجتمع الأمريكي بعنصرية فجة وفقر مدقع في مناطق السود والملوّنين هذا بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الجريمة والإنحلال الخلقي بين جنبات المجتمع الأمريكي. فلأمريكا تاريخ طويل مع “التمييز العنصري” وقد كان هذا النوع من التعامل حياة يومية يعيشها المواطن الأمريكي في مختلف قطاعات الحياة الإنتاجية، الإقتصادية والسياسية حتى أصبح السمة الرئيسة التي يتميز بها الشارع الأمريكي. فعلى سبيل المثال صدر تقريران خلال السنوات العشر الممتدة من العام ١٩٨٢ وحتى العام ١٩٩٢ عن هيئاتٍ رسمية أمريكية كانت قد شُكلت لدراسة الأوضاع الإجتماعية في أمريكا، أحدهما أصدرته لجنة رئاسية اسمها “لجنة الامتياز في التربية” في العام ١٩٨٣ تحت عنوان “أمة على حافة الخطر” وتناول تأثير نظام التربية والتعليم على الأخلاق والقيم ومستقبل المجتمع الأمريكي وإمكانية استمراره أو عدمها، وأحدث ضجة هائلة في أوساط الرأي العام في أمريكا لأنه وصف حالة النظام والتعليم الأمريكي بأنها “ما كان يمكن أن تكون أسوأ لو أن هذا النظام وضع تحت توجيه أعداء أمريكا بهدف تدمير مستقبلها”. أما التقرير الآخر، وهو الأكثر أهمية لأنه يتعاطى مع وقائع وحقائق ملموسة، فقد صدر في سبتمبر ١٩٩١ بعنوان “الفقر وعدم المساواة وأزمة السياسة الاجتماعية” وركز على ظواهر نسبة العوز والحاجة والفروق الطبقية، وأوضاع الفئات المختلفة في المجتمع الأمريكي، خصوصاً الأقليات الملونة مثل السود والهنود الحمر الأمريكيين من أصل لاتيني والمهاجرين الآسيويين.

ثالثاً: أمريكا وحلفاؤها وانتهاك حقوق الإنسان عبر الشركات العملاقة:

في مقابلة مع صحيفة البيان الإماراتية في ٦ ابريل ١٩٩٨، أكد رئيس منظمة العفو الدولية بال بيير سين أن الشركات المتعددة الجنسیات هي الأساس في قضية حقوق الإنسان، موضحاً أنه “طالما أن لها نشاطات كبيرة في كل قارة وتوظف أعداداً هائلة من الناس، فإن هذه الشركات الكبرى تتحمل مسؤولية هائلة إجتماعياً تجاه آلاف العمال الذين يعملون في مصانعها، وسياسياً تجاه حكومات البلدان الثرية، حيث توجد مكاتبها الرئيسية، وتجاه البلدان الفقيرة التي عادة ما تكون اقتصادياتها الوطنية أصغر من إجمالي عائدات شركة متعددة الجنسية، ولحسن الحظ أن لهذه الشركات نقطة ضعف”.

إذاً ومن خلال هذه الحقائق يمكن إثبات حجم الإنتهاكات التي قادتها أمريكا عبر حلفائها. فإلى جانب دعم أنظمةٍ وإبادة أخرى، سعت أمريكا لبناء منظومة اقتصادية تقوم على شركات متعددة الجنسيات، تهدف لإشراك الحلفاء والكيان الإسرائيلي في احتكار مقدرات الشعوب. وهو ما يعتبر من أخطر انتهاكات حقوق البشر. وهنا يأتي السؤال: كيف يمكن وصف دولةٍ تدعي مكافحة الإرهاب وتنادي بحقوق الإنسان، وهي التي تصنع الإرهاب وتنتهك الحقوق؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق