التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

القلمون..المعرکة الدفاعیة الکبری 

 لم يعد خفياً أن المعركة الدفاعية الكبرى المنتظرة منذ فصل الشتاء على طول السلسلة الشرقية لجبال لبنان في جرود القلمون تنتظر ساعة الصفر. السيد نصرالله أكد بالأمس أن المعركة لا بدّ منها وقد باتت أمراً محسوماً مشدّداً على “أننا لن نصدر بيانا رسميا والعملية عندما تبدأ ستتكلم عن نفسها وستفرض نفسها على الاعلام، ومكانها وزمانها لن نعلن عنه”.

بعيداً عن المواقيتِ المفترضةِ لمعاركِ القلمون وتحضيراتِها، تلقّت الجماعات التكفيرية ضربات موجعة بالأمس في جرودِ فليطا وبريتال حيث تمّ تدمير سبعُ آلياتٍ، ووقوع عشراتُ التكفيريينَ بينَ قتيلٍ وجريحٍ.

مصادر ميدانية لفتت الى مقتل العشرات من مسلحي “جبهة النصرة” في كمائن نصبها المجاهدون في جرود الطفيل وبريتال، وقد حاولت المجموعات الارهابية تحاول تنفيذ تهديداتها، عبر محاولة اختراق مثلث الزبداني ـ جرود الطفيل ـ جرود بريتال، بسلسلة هجمات استخدمت فيها أسلحة نوعية وآليات وغزارة نيران، لكن مواقع الجيش اللبناني في البقاعين الشرقي والشمالي، كانت في أعلى حالة من الجهوزية والاستنفار، وفي الوقت نفسه، كان مقاتلو “حزب الله” والمتطوعون من ابناء المنطقة يصدون الهجوم، ويوقعون خسائر فادحة في صفوف المجموعات المسلحة، قدرت بما يزيد عن ١٦ قتيلا وأكثر من ثلاثين جريحا، فضلا عن تدمير آليات، وصولا الى السيطرة على بعض المواقع والتلال الاستراتيجية بعد انكفاء المسلحين الى العمق السوري.

إبتزاز النصرة

فشل “جبهة النصرة” في إستباق المعركة الكبرى من ناحية والخسائر التي تكبّدتها من ناحية آخرى، دفعت بالقيادات الإرهابية لاستخدام ملف العسكريين لابتزاز الجانب اللبناني، فأوعزت عبر الجانب القطري إلى المفاوض اللبناني المركزي، بأن أية محاولة سواء من جانب الجيش أو “حزب الله” لتعديل موازين القوى في القلمون سترتد سلبا على ملف المفاوضات الذي كان قد وصل تقريبا إلى خواتيمه في الايام الأخيرة، وكان جواب المفاوض اللبناني اللواء عباس إبراهيم أن لبنان هو في موقع الدفاع عن نفسه، ولا يمكن أن يخضع للابتزاز في هذا الملف أو غيره.

نصرالله: معركة القلمون “الدفاعية” أمر محسوم

تعليقاً على معركة القلمون وتداعياتها على الداخلين السوري واللبناني، أكد السيد نصرالله في كلمة متلفزة مساء أمس الثلاثاء أن المواجهة التي يقوم بها “حزب الله” في قلب سوريا وانتقاله الى ميادين جديدة هناك، انما هي مواجهة دفاعية عن لبنان والمنطقة بأسرها، بدليل أن الخطر الارهابي بات يزنر الحدود الشرقية من دون ان تسقط سوريا، فماذا اذا سقطت وسيطرت عليها المجموعات التكفيرية؟

وبعث السيد نصرالله برسائل، تطمين إلى الداخل السوري  حيث أكد على أن المقاومة وحليفيها الايراني والروسي لم ولن يتخلوا عن سوريا بل كانوا وسيبقون متمسكين بخيارهم السوري.

وأوضح الأمين العام لحزب الله،  ان لمجموعات الإرهابية تشن حربا استباقية بوسائل مختلفة، وللإعلام أن يحدد ساعة صفر لهذه المعركة أو تلك، لكن “حزب الله” لم يعلن موقفا رسميا من معركة القلمون لا بموعدها ولا مداها الزماني والمكاني ولا سقفها وأهدافها ومراحلها، برغم التحضيرات العلنية (الاستنفار والحشد وغيرهما)، لأن العملية عندما ستبدأ ستتحدث عن نفسها وستفرض نفسها بنتائجها التي ستترك حكما تداعيات ايجابية على باقي “الجبهات”.

في الختام دعا السيد نصرالى وضع الأحقاد والحسابات الفئوية جانبا والتطلع الى سبل حماية البلد، وهذه الرسالة موجهة بالدرجة الأولى الى تيار “المستقبل” وزعيمه الرئيس سعد الحريري، “فهذا البلد لا يواجه تهديدات افتراضية بل عدوانا يوميا عسكريا وأمنيا، ومن واجب الجميع التكاتف لتحصين لبنان وحدوده وصيغته”.

الحريري يستبق..ويعقّب

في المقابل، إعتبر الرئيس سعد الحريري الذي  يشارك في القمة الخليجية ـ الفرنسية، على طريقته، اعتبر في بيان عالي السقف، وزعه مكتبه الاعلامي قبيل اجتماعه بفرنسوا هولاند ان “حزب الله” شريك مباشر “في الجريمة التي يحشد في القلمون لاستقدامها الى لبنان والعمل على زج القرى البقاعية الحدودية بها، الامر الذي نحذر منه وندعو كل الجهات المؤتمنة على سلامة اللبنانيين والعسكريين الى المجاهرة برفضها وعدم تغطيتها”.

وأشار “الحريري” إلى أن أجهزة الإعلام وبعض القيادات في لبنان تتوالى على دق نفير المعركة في جبال القلمون، في حين يلتزم النظام السوري الصمت، وكأن هناك من يريد أن يقول أن المعركة المرتقبة هي معركة لبنانية على الأراضي السورية، ودائماً بحجة الحرب الاستباقية ضد التنظيمات الإرهابية.

وحمّل رئيس وزراء لبنان الأسبق رئيس تيار المستقبل ، “حزب الله منفرداً تبعات التورط في الحرب خدمة للأجندة العسكرية لبشار الأسد” مؤكداً أن لبنان حكومة وجيشاً وأكثرية شعبية، غير معني بالدعوات الى القتال وتنظيم المعارك في جبال القلمون السورية.

لم يكتفي رئيس الوزراء الأسبق بالرد قبل خطاب السيد نصرالله، بل بادر الحريري المقيم حالياً في الرياض، وبعد أقل من ساعتين من الخطاب للرد عليه، في تقليد صار مألوفا منذ خوض السعودية “عاصفة الحزم” قبل أكثر من شهر يوما. الرئيس الحريري إتهم السيد نصرالله”بأنه يتناول الموضوع اليمني “كما لو كان يتحدث عن الضاحية او النبطية ويتصرف كما لو انه القائد الفعلي للحركة الحوثية”. ورأى أن “مصلحة لبنان باتت في آخر السطر” وان الدولة اللبنانية “مشطوبة من عقله، فلا مكان للجيش والحكومة والمؤسسات، وحزب الله هو البديل عنها وسيقوم مقامها في الذهاب الى الحرب في القلمون”.

وخاطب الحريري نصرالله بالقول: “انت تكلف نفسك بمهمة لا اخلاقية ولا وطنية ولا دينية. انت تتلاعب بمصير لبنان على حافة الهاوية”.

وختم الرئيس الحريري قائلا: “اذا كان نصرالله يخشى من مخطط أميركي لتقسيم البلدان العربية، فليعلن الانسحاب من الحروب الأهلية العربية ومن النزاعات في اليمن والعراق وسوريا”.

في الخلاصة  تشير الوقائع إلى أن التحضيرات تجري على قدم وساق للدخول في المعركة الدفاعية الكبرى، التي توازي بأهميتها معركة القصير نظراً للمساحة الجغرافية التي تغطيّها المنطقة من ناحية، والأسلحة المستخدمة من ناحية آخرى.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق