التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

لماذا لا یثیر السلاح النووی الإسرائیلی قلق دول مجلس التعاون؟ 

 يقول بن غوريون أول رئيس وزراء في الكيان الإسرائيلي واصفاً القنبلة الذرية الإسرائيلية “إنها المفتاح الإستراتيجي لبقاء الدولة العبرية على قيد الحياة”، ولهذا السبب أضحى عمر الملف النووي الإسرائيلي قريباً من عمر هذا الكيان، وقذارته شبيهة بقذارة تاريخ هذا الكيان الغاصب.

وعلى الرغم من اعترافات قيادييها وإدراك العالم أجمع أن الکیان الإسرائیلي یمثل قوةً نووية خطرة، إلا أن الأخير یرفض التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية “NPT” أو أي معاهدة أخرى من شأنها مراقبة نشاطاته النووية أو الحد منها، مستفيداً من التغطية الأمریكية الكاملة وتعامي الدول الغربية عن هذا الملف. في عام ٢٠٠٢ م صدر تقرير أمریكي يرى أن أخطر ما في البرنامج النووي الإسرائيلي هو أن الکيان العبري طور قنابل نيوترونية تكتيكية، وأنتج صواريخ تطلق من الغواصات. وأكد التقرير بأن الکیان الإسرائیلي یمتلك نـحو ٣٠٠ ـ ٥٠٠ صاروخ “بريحو ١” و ٣٠ ـ ٥٠ صاروخ “بريحو ٢” القادرة على حمل رؤوس نووية، وقنابل هيدروجينية ونيوترونية إضافة إلى الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والغازات السامة والبكتيرية على أنواعها. وتؤكد تقارير مختلفة أن الكيان الإسرائيلي يمتلك حالياً ٣٠٠ قنبلة ورأس نووي وهو قادر على انتاج ٣٥ قنبلة هيدروجينية.

کل هذه القدرات النووية والكفيلة بتدمير العالم أجمع لم تسترع انتباه معظم الدول العربية وخصوصاً دول مجلس التعاون. ولا نعلم ما هو الشيء الذي طمأن حكام هذه الدول إلى هذا الملف، فاستطاعوا النوم قريري الأعين مطمئني البال.

في كل يوم نسمع تحذير دول مجلس التعاون وعلى رأسهم السعودية والإمارات من “خطورة” الملف النووي الإيراني و”ما يشكله من تهديد على أمن جيرانها”، متناسين الملف النووي الإسرائيلي وما يشكله من خطر وجودي على جميع الدول العربية بلا استثناء.

إيران دولة عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ عام ١٩٥٨م، ووقعت على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية عام ١٩٦٨م، وفي عام ٢٠٠٣م وقعت إيران ممثلة بمندوبها لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية آنذاك علي أكبر صالحي البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، والذي يسمح للوكالة الدولية بتفتيش جميع المفاعلات النووية الإيرانية بشكل مفاجئ، وذلك سعياً من الجمهورية الإسلامية لإثبات مدنية ملفها النووي وأغراضه السلمية.

المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في ايران السيد علي الخامنئي كان أعلن عدة مرات “أن استعمال الاسلحة النووية حرام في ديننا”، كذلك أكد العديد من المسؤولين الإيرانيين سلمية نشاطات ايران النووية، حيث صرح رئيس الجمهورية حسن روحاني في كثير من المناسبات وكذلك فعل وزير الخارجية محمد جواد ظريف وغيرهم من كبار المسؤولين الإيرانيين أن إيران لا تسعى لامتلاك قنبلة نووية ولا تريد أكثر من حقوقها المشروعة.

وقد أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلمية الأنشطة النووية الإيرانية، والتزام إيران بتعهداتها، وسماحها للمفتشين الدوليین بالاطلاع على كافة الأنشطة النووية. كل هذا وما زالت دول مجلس التعاون تتشدق بخطر الملف النووي الإيراني، ولكن السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه ألا ينبغي لهذه الدول أن تتعامل مع ملف الكيان الإسرائيلي بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع الملف النووي الإيراني على الأقل؟ هذا إذا تجاهلنا أن ايران جارة إسلامية ذات تاريخ وثقافة عريقين، وتربطها بجميع الدول العربية علاقات تاريخية وثقافية غارقة في القدم، بينما الكيان الإسرائيلي يمثل بالنسبة لكل عربي ومسلم ذي ضمير كياناً محتلاً غاصباً مجرماً، يجب اقتلاعه من جذوره وإعادة أرض فلسطين المقدسة التي يحتلها منذ أكثر من ستين عاماً إلى أصحابها الأصليين.

هذا السؤال يدفعنا إلى تسليط الضوء على العلاقات المريبة والخفية التي تجمع الكيان المحتل للقدس الشريف بدول مجلس التعاون، والأدلة التي تثبت هذه العلاقات كثيرة ولا تبدأ بمغازلة الأمير السعودي تركي الفيصل للكيان الغاصب وحلمه بزيارة هذا الكيان، ولا تنتهي عند وثائق ويكليكس المسربة والتي تحدثت إحداها (وهي عبارة عن برقية دبلوماسية من السفارة الأمريكية في تل أبيب، تحت رقم “AVIV٠٠٦٥٤”  بتاريخ ١٩-٣-٢٠٠٩) عن العلاقات السرية بين الکیان الإسرائیلي ودول الخليج، خاصة مع الإمارات، وعلاقتها بـ “مخاوف” دول المنطقة من إيران، ورغبة الخليجيين في وجود “وسيط” قوي بينهم وبين أمريكا. وبعيداً عن الوثائق والبرقيات فإن كل ذي لُبّ يستطيع ومن خلال التمعن بسياسة دول مجلس التعاون الخارجية، أن یعلم بأنها هي التي وضعت حركات المقاومة كحماس وحزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية، وهي التي تناصب سوريا والعراق العداء، وتشن حرباً ظالمة على اليمن وتستبيح حرمة ليبيا وغيرها الكثير من المصائب التي منيت بها أمتنا العربية جراء سياسة هذه الدول الظالمة والعمياء.

لم يسمع أحد منا عن دولار أرسلته دولة خليجية دعماً لحركة مقاومة ضد الکیان الاسرائيلي، ولكننا سمعنا الأخبار التي تتحدث عن ملايين الدولارات التي ترسلها دول مجلس التعاون للحركات الإرهابية في سوريا وليبيا والعراق. ولم نسمع قط أن الدول العربية اتحدت ضد الکیان الاسرائيلي، لكننا نراهم اتحدوا ضد اليمن العربي الفقير، وها هم اليوم يتباهون بسفك دم شعبه الأبي بكل وقاحة ودماء باردة.

ألا ينبغي علینا التفكیر قليلاً بما يجري حولنا، ألا ينبغي علی الشعب العربي الالتفات لما يحاك له، إنه لمن سخريات القدر أن يمسي الجار التاريخي عدواً يجب علينا خشيته، بينما ينام الذئب الصهيوني شارب الدماء بيننا قرير العين هانيها.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق