التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

تهدیدات النصرة فی جبهة القلمون .. والسجال الداخلی 

 شهد لبنان على حدوده السورية على مدى عام تقريبا, وبالأخص مع المناطق المتاخمة للقلمون وجروده, اعتداءات متكررة من قبل الجماعات المسلحة, في مقابل تصدي وجهوزية دائمة من قبل الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله وأهالي المناطق المتاخمة للقلمون, وقد تمكنت الجماعات المسلحة العام الماضي من اسر ١١ جنديا لبنانيا, أقدمت الجماعات على قطع رؤوس البعض منهم في فترات متقطعة, ما زاد من خطورة الموقف وتطلب الضرورة بوضع حد لهذه الجماعات واعتداءاتها. وعملت خلال هذه الفترة وحدات الجيش اللبناني بالتعاون مع عناصر حزب الله لوضع مخطط لمواجهة الجماعات المتواجدة في منطقة القلمون, بعد دراسة مفصلة لطبيعة المنطقة وتوزع عناصر الجماعات فيها.

في ظل هذا التوتر والتهديدات التي تشكلها الجماعات المسلحة في منطقة القلمون, مضافا إلى اعتداءاتها خلال الفترات الماضية, يشهد لبنان جدلا سياسيا بين أفرقاءه, وتبادل إتهامات ألقى بظلاله على الساحة اللبنانية, وانعكس سلبا على الكثير من القضايا السياسية المطروحة التي لم تجد حلا حتى الان, وكما اعتاد الشعب اللبناني على أن يكون من رد بعد كل كلمة يلقيها زعيم سياسي, فقد أصبح ذلك مؤكدا بخصوص خطابات الأمين العام لحزب الله, كالبسملة بعد الطعام الذي يصعب التغاضي عنه, والجدير بالذكر أن الردود على الخطابات أصبحت عينها والأشخاص هم أنفسهم في كل مرة, لكن ما ميز الخطاب الأخير للأمين العام هو ردود قبل الخطاب وردود بعد الخطاب, حيث استقبل سعد الحريري خطاب السيد ببيان حول معركة القلمون المرتقبة والمتوقعة.

لقد جاء طرح الحريري متناولا لمجموعة نقاط اطلقها من حيث هو في بلاد الإغتراب, واللافت بأن النقاط التي طرحها جاءت في سياق تأكيد وتكرار لمواضيع كان قد طرحها سابقا, فيما المتغير خصوص الموضوع وهو معركة كانت محتملة فرضتها طبيعة الظروف والاعتداءات المتكررة من قبل الجماعات المسلحة في منطقة القلمون, فضلا عن غيرها من المناطق المحازية للبنان. وفي عرض مختصر لما أدلى به رئيس الوزراء السابق سعد الحريري يمكن اختصاره في مجموعة نقاط كالتالي:

– تساءل الحريري في جملة من الأسئلة حول معركة القلمون, في بيان عن سلامة العسكريين المحتجزين لدى النصرة وداعش, وكيفية تجنيبهم الخطر الذي قد يلحق بهم جراء مشاركة جهة لبنانية في المعركة.

– التساؤل الأخطر جاء فيه عما إذا كانت معركة القلمون تعطي من اسماه الطرف الآخر أي الجماعات المسلحة, حجة القتال داخل لبنان, والقيام بأعمال حربية عدوانية توقع الشهداء والدمار في صفوف اللبنانيين؟

– اعتبر الحریري أن لا مكان للجيش والحكومة والمؤسسات في ذهنية حزب الله، وحزب الله هو البديل عنها وسيقوم مقامها في الذهاب الى معركة القلمون، مشيرا إلى أنه يتعامل مع الحدود اللبنانية جنوبا وشرقا وبقاعا وشمالا، كأراض مملوكة لحزب الله يتحرك فيها على هواه ويبيع ويشتري الحروب كما يشاء.

– إعتبر بأن حزب الله يكلف نفسه بمهمة لا اخلاقية ولا وطنية ولا دينية. وأنه يتلاعب بمصير لبنان على حافة الهاوية.

وفي قراءة لمجمل ما ادلى به سعد الحريري, يمكن تسجيل مجموعة من النقاط, نوردها كالتالي:

١-       الملفت في الأمر, أن استفهام الحريري أعقبه شريط فيديو نشرته الجماعات المسلحة على موقعها تحاول فيه استغلال ملف المخطوفين لديها في ابتزاز رخيص لأهاليهم لعلها بذلك تتجنب مرارة الهزيمة في القلمون. فكيف يمكن تفاهم الفصل بين تساؤل الحريري وفيديو الجماعات المسلحة؟ وألا يعتبر كلامه هذا تبريرا لأي تعرض لحياة العسكريين المخطوفين؟

٢-       هل نسي الحريري أن هذه الجماعات الإرهابية قامت بتنفيذ العديد من التفجيرات الإرهابية في مختلف المناطق اللبنانیة أودت بحياة عشرات المواطنين الأبرياء بل المئات منهم فضلا عن استهداف مراكز الجيش اللبناني, ألم تصله أخبار اجتياح عرسال التي لم تنته تداعياتها بعد حتى اليوم مع استباحة أمن العرساليين والجوار والاستهداف المتكرر للجيش ؟ وهل أن ما يقصده رئيس الحكومة الأسبق هو مشاركة الإرهابيين في حربهم النفسية وتهويلهم على الشعب اللبناني بالقتل والدمار؟

٣-      أوليس من حقنا أن نتساءل, أين حجة الإرهابيين عندما قطعوا رؤوس بعض المحتجزين لديهم؟ ألم يعلنوا ذلك حربا نفسية للضغط على اللبنانيين بهدف كسب المزيد من المطامع؟ ألم تكن مطالباتهم بإخراج من أجمع اللبنانيون على أنهم إرهابيون أرهبوا الشعب اللبناني من سجن رومية؟ فأين كان حزب الله في كل ذلك؟ وأين كانت معركة القلمون من كل هذه التجاذبات؟ الحقيقة أن اللبنانيين ذاقوا مرارة الإعتداءات التي تمارسها الجماعات المسلحة التكفيرية عليهم وعلى ممتلكاتهم .

٤-       من حق كل لبناني أن يتساءل, أين كانت الأصوات التي تدعي الاستقرار والهدوء وسلامة الشعب اللبناني, عندما اجتاح الکیان الإسرائيلي الأراضي اللبنانية, حينها لم يكن لحزب الله وجود على الساحة اللبنانية, أوليس الجماعات المسلحة حينما بدأت في سوريا تقتل المدنيين وتخرب وتدمر, منذ ذلك الوقت اطلقت تهديداتها للبنانيين, وامطرت عليهم وعيدها وتهويلها, لقد اسقط رئيس التيار المقيم في الخارج منذ فترة غير وجيزة, صفة الإرهاب عن الجماعات التكفيرية التي اقترفت أبشع الجرائم الإرهابية بحق شعب لبنان على الأقل, هذا عن ما عداه من دول أخرى كالعراق وليبيا ومصر, وجديدا اليمن, وهي لا زالت تطلق تهديداتها.

٥-      اسقاط تهمة الإرهاب والتكفير عن الجماعات المسلحة التكفيرية في بيان الحريري, وتركيزه على وصف المقاومة بغير الشرعية, علما ان البيان الوزاري اللبناني يقر حق لبنان في المقاومة, وهو ما يدفع إلى التساؤل عن منطلقات سعد الحريري في تقييم الأمور؟ فهل هي منطلقات خليجية سعودية أم منطلقات لبنانية؟ وكيف يقبل سعد الحريري أن يضع نفسه في الخانة عينها مع المجموعات المسلحة الإرهابية التكفيرية حين يحذر من تداعيات الإرتدادات للحرب في القلمون في إيحاء إلى ردود فعل المجموعات الإرهابية التكفيرية, التي أعلنت في بيانات عديدة لها, المخاوف المزيفة نفسها, تلك المعلنة في بيان الحريري.

٦-       هل أن تطابق بيانات هذه الجماعات والحريري هي بفعل تقصير بالمعرفة من قبل الأخير بأحوال لبنان ومجريات الأحداث فيه؟ أم انها مقصودة للترويج لتهديدات الإرهابيين في لبنان, الذين هم صنيعة البلد المضيف له؟ أم أن بيانه القلق من تحرير القلمون جاء بأوامر ملكية أو أميرية؟

وأخيرا هل يمكننا من ان نستنتج من الجملة التي أوردها الحريري في بيانه الفائق السرعة فور انتهاء خطاب السيد بقوله, أنت تكلف نفسك بمهمة لا أخلاقية ولا وطنية ولا دينية, أن الحريري يعتبر دحر التكفيریین الارهابيين من جرود بريتال ونحلة والطفيل وعرسال, عملاً لا أخلاقياً ولا وطنياً, في تماشٍ وتماهٍ منه مع مواقف أربابه وداعميه من آل سعود الداعمة للجماعات التكفيرية الإرهابية, التي ذاق منها الشعب السوري واللبناني أبشع الجرائم والتخريب والتدمير.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق