تشکیلات عسکریة مسیحیة فی العراق لإستعادة أراضیهم من تنظیم داعش الإرهابی
تتسع دائرة التشكيلات العراقية المسلحة خارج سلطة الدولة، حيث ظهرت مؤخراً تشكيلات عسكرية مسيحية تؤازر الحكومة العراقية لحماية قراهم ومناطقهم من هجمات تنظيم داعش الإرهابي الذي نفذ مجازر دموية بحق المسيحيين، إذ تشير الإحصاءات إلى مقتل نحو ٢٠٠ مسيحي وإصابة مئات آخرين منهم بهجوم مقاتلي التنظيم، فيما فرّ عشرات الآلاف إلى المدن العراقيّة الأخرى بعد سقوط الموصل.
بصرف النظر عن كون التشكيلات الحالية التي تنتمي إلى مختلف الأديان والمذاهب والأعراق وتؤكد أن المعركة الحالية في العراق هي معركة بين الحق والباطل، نودّ التطرق في هذا التقرير إلى القوات المسيحية التي تساند الحكومة العراقية في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي.
المسيحيون في العراق
تعتبر غالبية مسيحيي العراق هم من الكلدان والآشوريين، الذين عاشوا في تلك المنطقة منذ آلاف السنين، وتمثل مناطق سهل نينوى الواقعة شمال وغرب مدينة الموصل موطناً تاريخياً للمسيحيين العراقيين، ويوجد فيها أقدم الكنائس والأديرة الدينية التي فجر غالبيتها تنظيم “داعش” الإرهابي، وتتضمن تلك المنطقة ثلاث مدن رئيسية هي تلكيف والحمدانية وشيخان، فضلاً عن ٣٧ قرية صغيرة أخرى تحيط بها.
اثر الهجوم الشرس الدموي الذي شنه تنظيم داعش الإرهابي على المناطق في شمالي العراق في العام ٢٠١٤، عانت الطوائف المسيحية والتركمانية واليزيدية والأقليات الأخرى من الاضطهاد، واضطر حينها آلاف المسيحيين واليزيديين إلى ترك منازلهم في مدينة الموصل، عندما فرض عليهم التنظيم إما الدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو القتل فيما قرّر آخرون البقاء والمواجهة، فما هي أبرز التشكيلات المسيحية العسكرية في العراق حالياً؟
التشكيلات العسكرية المسيحية
قوات سهل نينوي
قوات سهل نينوى تمّ تشكيلها مؤخراً وتشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من ٦٠٠ مواطن عراقي مسيحي انضموا إلى ما يسمى “وحدات حماية سهل نينوي” التي قامت الحركة الديمقراطية الآشورية- زوعا- بتأسيسها، وهي الحزب السياسي الرئيسي للآشوريين في العراق، والمدعوم من قبل الحكومة العراقية والبيشمركة الكردية.
كتائب أسود بابل
كتائب أسود بابل المشتركة، هي قوات حديثة التشكيل ضمن الحشد الشعبي، والأمين العام لهذه الكتائب هو”سرﮔون يلدا” مستشار المصالحة الوطنية، وحسب بيان التطوع لهذه القوات الرسمية فإن باب التطوع مفتوح للكلدان والسريان والآشوريّين بصورة خاصة، إلى جانب الشبك والتركمان والأكراد والأيزيديّين والصابئة وغيرهم. ويبلغ عدد عناصر هذه الكتائب أو الفوج الـ ٢٥٠٠، وتشير بعض التقديرات أو المؤشرات إلى أن أعداد التطوع تجاوزت هذا العدد وتعمل تحت غطاء الدولة.
كتائب “عيسى بن مريم ”
سرايا أبناء السريان أو كتائب عيسى ابن مريم، وهي كتائب منطوية تحت “الحشد الشعبي”. قائد هذه القوات هو السيد سلوان موميكا، وتتكون من أبناء “بغديدا” يتلقون تدريبهم في معسكر التاجي وهي سرايا تعمل تحت غطاء الدولة والجيش، وتتلقى تدريباً عالي المستوى وستكون مسلحة بتسليح الجيش وتعمل ضمن السياقات العسكرية النظامية .
كتيبة شهيد المستقبل
تعد كتيبة «شهيد المستقبل» أولى الكتائب المسيحية التي تم تشكيلها في العراق، وعدد أفرادها كان حوالي مائة رجل، وفقا للمقدم أوديشو، وقال المقدم بينما كان في طريقه لتدريب المتطوعين «عددنا قليل لكن إيماننا كبير». وينتمي رجال الكتيبة إلى الآشوريين المسيحيين الذين يسكنون منذ آلاف السنين سهول نينوي.
الحراسات التابعة للمجلس الشعبي
وهي مجاميع من أبناء المسيحيين أوجدهم تنظيم المجلس الشعبي لـ”نينوي” من أجل حماية القرى والقصبات التي يقطن فيها المسيحيون، وكان التنظيم يخصص لهم راتباً شهرياً عن جهودهم، هؤلاء الأشخاص لم يجر إدخالهم في معسكرات تدريب للحماية، وكان يقدر عددهم بما يقارب ٣٠٠٠ عنصر.
الـ دويخ نَوشا” كتائب الحزب الوطني الآشوري
سرايا أو “مفارز” هي كتائب تابعة للحزب الوطني الآشوري، تشكلت بعد سقوط نينوي على يد “داعش” في يونيو الماضي، وكان أهدافها حماية قرى وقصبات سهل نينوي. وتشير بعض التقديرات إلى أن عددهم يقارب الـ ٢٠٠ عنصر، وحسب بيان للحزب الوطني الآشوري ضد ما كان يعرف بتجمع التنظيمات السياسية.
قوّات عفوية
وحول التشكيلات الجديدة (قوات سهل نينوي) أوضح أحد العناصر البارزة فيها أنّ “القوة لا يمكن اعتبارها مليشيا لا من قريب أو بعيد، ولا نقبل من أحد أن يسمينا مليشيا؛ فنحن قوة عفوية جاءت كردّ فعل على ما حصل بديارنا، ونريد ألا نموت أو يموت باقي أهلنا كالخراف، لذا قواتنا تلك ستكون لتحرير مناطقنا وحماية أهلنا”.
وأضاف “نحن نعلم أن عددنا غير كاف وأسلحتنا أيضاً قديمة وليست جيدة، لكن نأمل أن نجد دعماً لنا لاستعادة ديارنا. وليطمئن الجميع، سنلقي أسلحة الموت الغبية تلك بعد زوال الخطر عنا وعن ديارنا فليس شيء أكره لدينا من البنادق هذه إلا من سنقلته بها”، في إشارة إلى تنظيم “داعش” الإرهابي.
وأشار إلى أن القوة فيها الشاب وكبير السن “ولن نرفع راية أو شعاراً كباقي المليشيات الأخرى ولن نثرثر كثيراً أيضاً”، مؤكداً أن “عدد القوة الإجمالي هو ٥٧٠ مقاتلا فقط، جميعهم من سكان سهل نينوى من الكلدان والسريان والآشوريين وألوان مسيحية أخرى”.
وتابع قائلاً: “تلك القوة ردّة فعل طبيعية من شبان شاهدوا ما حلّ بأهلهم وهربوا وعادوا ونظموا أنفسهم وجرى تدريبهم على يد البيشمركة الكردية، وسيكونون نواة لجهاز الشرطة المستقبلي بعد تحرير سهل نينوى”.
رسائل مهمّة
في السياق ذاته يؤكد الخبير في الشؤون العراقية، سجاد إياد، أن إنشاء الكتائب العسكرية المسيحية أوصل رسالة مهمة للتنظيم الإرهابي بأن تلك الأقليات لن تسمح بأن تؤخذ أراضيها دون قتال، كما أن ذلك ضروري بالنسبة للسكان المحلیين، لأن يرسلوا رسالة لتنظيم داعش الإرهابي بأنهم لن يسمحوا للتغيير الديموغرافي بأن يصبح دائماً”.
ويواصل إياد قوله “يريد الآشوريون استرجاع أراضيهم، وكذلك الحال بالنسبة للتركمان والإيزيديين، ولأن يرسلوا رسالة يقولون فيها “سنعود ولن نسمح لقرانا ومدننا وثقافتنا بأن تدمر، نريد أن نعود لبيوتنا، ومهما واجهنا، نحن مستعدون للقتال من أجل استردادها، أعتقد بأن تلك رسالة إيجابية لجميع أبناء الأمة”.
تكشف التشكيلات المسيحية الأخيرة عن زيف الإدعاءات التي تسوقها بعد الأبواق الإعلامية حول الطابع الديني والمذهبي للحرب القائمة في العراق خدمةً للمشروع الأمريكي الذي يسعى لتقسيم المنطقة، وكذلك تؤكد على إصرار مسيحيي العراق في مواجهة محاولات التهجير من المنطقة التي عاشوا فيها آلاف السنين.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق