الأنبار, تعبئة شعبیة متصاعدة فی مواجهة التکفیر
أمام كل الإجرام والرعب الذي سعت المجموعات التكفيرية إلی نشرها في بلداننا العربية والإسلامية, إلا أن وعي أمتنا وإدراكها لحجم هذا الخطر الذي تشكله الجماعات التكفيرية, حال دون تمدد رقعة هذه التنظيمات كما أرادوا ورسموا لها, وجاء العراق في هذا الصدد ليشكل الأنموذج الراقي الذي يحتذى به, ومدرسة للأمة وسبيل نجاة. الشعب العراقي الذي اظهر وعلى مر السنين الماضية وعيه في التصدي للمؤامرات, ودحر أعداء الأمة عن وطنه وأرضه, وقد شكل عامل الوحدة بين ابناءه وأطيافه مصدر قوة أرعبت أعداءه وأفشلت مختطاتهم, وكان خير شاهد على ذلك التجربة الاخيرة والتي لا زال يخوضها ضد العصابات التكفيرية بعد ان تمكن من طردهم من محافظات عديدة كديالى وتكريت وصلاح الدين وغيرها من المناطق, لتنحصر دائرة الاشتباكات في محافظة الأنبار والموصل التي لن تدوم طويلا.
هذه الإنجازات المتراكمة التي أنجزتها القوات الشعبية المتشكلة من جميع أبناء الشعب العراقي, والهزيمة التي لحقت بالجماعات التكفيرية, ساهم بشكل كبير جدا في التحاق المزيد من المتطوعين في صفوف القوات الشعبية, كان أخرها ما أعلن في محافظة الأنبار عن تمكن العشائر العراقية من تشكيل جيش قوامه ١٠ آلاف متطوع, مستعد للمحاربة جنبا إلى جنب مع القوات العراقية النظامية ضد الجماعات التكفيرية.
فمدينة الأنبار التي دخلت إليها يد التكفير, معتقدین أن بإمكانهم أن يستميلوا العشائر التي تغذت على حب الوطن, فبعد أن تمكنت العشائر من تشكيل ألف من أبنائها, انضم في الأيام الأخيرة اكثر من الف من ابناء العشائر في محافظة الانبار في غرب العراق، الى القوات المقاتلة التي تقاتل الى جانب القوات الامنية ضد داعش، في مسعى لجعل عملية تحرير الأنبار في تسارع أكبر.
وشارك مسؤولون سياسيون وامنيون وزعماء عشائريون، في عرض كبير في قاعدة عسكرية في بلدة عامرية الفلوجة، لتعزيز دور عشائر الانبار، كبرى محافظات العراق، في القتال ضد داعش. وقال محافظ الانبار صهيب الراوي خلال العرض “لا حياة بعد اليوم مع القتلة والمجرمين… لا حياة بعد اليوم مع من تلطخت ايديهم بدماء العراقيين… مع المتطرفين والجهلة وتجار الدماء”.
حتى أن المسيحيين من الشعب العراقي تمكنوا من تشكيل بعض الفصائل للإلتحاق بالقوات الشعبية, بهدف دحر عناصر داعش, خاصة بعد أن أدرك الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه أن الحلف الأمریكي المزعوم, ما هو إلى داعم حقيقي لداعش, وأن تحرير العراق لا يكون إلا بالأيدي العراقية.
وفي ذكر لبعض الفصائل المسيحية التي شكلت لهذا الهدف نذكر على سبيل المثال فصيل اسود بابل وفصيل عيس بن مريم.
هذه العوامل السابقة الذكر دفعت بالعشائر العراقية في الأنبار للإصطفاف صفا واحدا لمقارعة داعش ودحرها من أراضيهم, فقد طالبت عشائر مدینة الانبار العراقیة المتحالفة ضد عصابات داعش الإرهابیة ، رئیس الوزراء العراقی حیدر العبادی بإدخال الحشد الى محافظة الانبار لنصرتهم ضد داعش ومن معها ودعت فی خطاب ألقاه الشیخ عبد الرحمن الفهداوی کافة الغیارى من أرض الوطن للمشارکة في تحریر ما تم اغتصابه من أرض الانبار وخصت بذلك جمیع العشائر العراقیة وتشکیلات الحشد الشعبي وتشکیلات وزارتي الدفاع والداخلیة.
واستدرك الفهداوی قائلا نحن نعلم بأن الحشد الشعبي أصبح هیئة مرتبطة برئاسة الوزراء ومن صلاحیات القائد العام للقوات المسلحة تحریك ما یلزم من قطعات تعمل بأمرته لتحریر أي شبر مغتصب من أرض العراق ولفرض الأمن کما نوجه الدعوة الى کافة شباب المحافظة الذین اخلوا عوائلهم الى خارج المحافظة بالعودة بالسرعة الممکنة للمساهمة في شرف الدفاع وتحریر المحافظة من رجس المجرمین ومسك الأرض. کما نود أن نعلم السیاسیین الذین یدعون تمثل المحافظة، البعض منهم، تجار الدم والعابثین بکرامة ومقدرات الأنبار أن یکفوا عن مسعاهم وتطبیق اجنداتهم الإقلیمیة فان تلك الأمور لم تعد تنطلي على أحرار الأنبار وغیارى العراق وندعوهم الى العودة الى الصف الوطني في المحافظة لیأخذوا نصیبهم من شرف الدفاع عن الأنبار وتحریر أرضها وندعو الخطباء وأئمة المساجد الى الخروج عن هذا الصمت المطبق والکف عن التلمیح والنطق بالحق بشکل واضح وصریح وحث الناس على الوقوف بجانب الحق المشروع المتمثل في الدفاع عن المحافظة والعراق وبیان المکانة الشرعیة لهذه العصابات الاجرامیة وقوى الشر والظلام داعش وأخواتها.
فالشعب العراقي يعمل على خطين متكاملين من أجل تحرير بلاده من التنظيمات التكفيرية:
١- خط ميداني حيث نظم مقاومة مسلحة بوجه التنظيمات التكفيرية ابلت البلاء الحسن في المواجهة الى الحد الذي جعل التكفيريین يستشعرون الالم والخسارة المتصاعدة.
٢- خط سياسي حيث تمارس القيادات العراقية ذات الثقل الشعبي الواقعية السياسية, وهي تدير أمن العراق وتتخذ القرارات المناسبة, والجريئة والحكيمة في آن معا, وهو ما أعطی قوة إضافية للعراق والعراقيين, وثقة شعبية بحكومتهم.
وفي إطار تلخيص مطالبات وتطلعات الشعب العراقي, وخاصة في الأنبار بإعتبار أن المعارك الآن دائرة هناك نورد ما یلي:
١- ان من یمثل المحافظة هم أبناؤها المقاتلون المتواجدون في ساحات القتال والسواتر وهم الذین یقدرون الحاجة الفعلیة لما یستلزمهم لتحریر المحافظة.
٢- المطالبة بدخول تشکیلات الحشد الشعبي وأبناء العشائر العراقیة الأصیلة من کل العراق کي یشارکوا معنا في معرکتنا المقدسة وتقدیم الدعم اللازم والکافي لکل من عملیات الأنبار وقیادة شرطة الانبار وتجهز قطعاتها بما یستلزم لخوض المعرکة بالشکل الصحیح.
٣- دعوة السیاسیین الى العودة الى رشدهم وعدم المتاجرة بدماء وکرامة أبناء الأنبار.
٤- دعوة شباب الأنبار الذین اخلوا عوائلهم الى مناطق آمنة خارج المحافظة للعودة سریعا للمشارکة في تحریر الأنبار ومسك الأرض.
٥- دعوة الأئمة والخطباء بأداء واجبهم الشرعي والأخلاقي بتجریم داعش وبیان مکانتهم الشرعیة وحث الناس على الصمود ومشروعیة تصدیهم للمجرمین في الدفاع عن الدین والأرض والعرض وإعلان النفیر العام.
ما يجمع عليه كل مراقب للوضع العراقي, أنه بالرغم من كل المؤامرات التي حيكت ولا تزال تحاك ضد الشعب العراقي, إلا أن العراقيين بكل طوائفهم ومعتقداتهم أثبتوا أنهم شعب موحد, لا يمكن زرع بذور الفتنة والضغينة بينه, وأنه شعب واعٍ ومدرك لمصالح بلاده, وأن الأخوة فيما بينهم هي العامل الأساس التي يجب أن تجمع أبناءه, وأن التدخلات الخارجية مهما كانت وتحت أي عناوين ومسميات ما الهدف منها إلا تفكيك العراق ووحدته والقضاء على عناصر القوة التي يملكها, بهدف الإستفادة من خيراته وممتلكاته, وأن الدور الذي يمكن أن يلعبه العراق في المنطقة من إرخاء روح التفاهم والحوار والأخوة, هو ما يعد الهدف النقيض لأعداء الأمة.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق