التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

موت الرئيس التركي الاسبق كنعان ايفرين 

 مات الرئيس التركي الأسبق كنعان إيفرين، الذي حَكم البلاد خلال ثمانينيات القرن الماضي، في أحد المستشفيات العسكرية في العاصمة أنقرة عن عمر ناهز سبعةً وتسعين عاما يوم الاحد ١٠ مايو.

اعتلى إيفرين السلطة بانقلاب عسكري أسال دماء كثيرة في البلاد وحُكم عليه العام الماضي بالسجن مدى الحياة، فمن هو كنعان ايفرين؟ وما قصة انقلابه العسكري الذي بدأ بثورة دامية وانتهى بأحكام الإعدام والسجن المؤبد؟

ولد أحمد كنعان ايفرين في محافظة مانيسا بتركيا، وقد تعلم في مانيسا وباليكسير وإسطنبول، وبعد تخرجه من الثانوية العامة التحق بكلية أنقرة الحربية وتخرج منها في عام ١٩٣٨، ثم التحق بعد ذلك بالأكاديمية العسكرية وتخرج منها كضابط في عام ١٩٤٩، وبعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية عمل في الجيش التركي ليشغل منصب آمر كتيبة مقاومة للطائرات في الفترة من عام ١٩٤٠ إلى عام ١٩٤٦، ثم أصبح آمر بطارية مدفعية في الفترة من عام ١٩٤٧ إلى عام ١٩٥٧، وبعد ذلك حصل على منصب رئيس العمليات العسكرية ومعلم في كلية الأركان العسكرية في الفترة من عام ١٩٥٧ إلى عام ١٩٥٨، وفي نفس العام أصبح رئيسا للعمليات وضابطا للتدريب في الفرقة العسكرية التركية في كوريا إلى عام ١٩٥٩، وفي عام ١٩٦١ أصبح آمر فوج ورئيسا للأركان العسكرية إلى عام ١٩٧٠. أما في الفترة ما بين عام ١٩٧٣ وعام ١٩٧٥، فشغل منصب قائد فيلق ورئيس هيئة الـ TLFC للتفتيش، وشغل منصب نائب رئيس الأركان العام سنة ١٩٧٦ إلى سنة ١٩٧٧، وشغل بعد ذلك منصب آمر للقوات البحرية في نفس العام إلى ١٩٧٨، وترقى في منصبه ليصبح رئيسا للأركان العام في الفترة ما بين عام ١٩٧٦ إلى عام ١٩٨٣ .

الانقلاب   

في عام ١٩٨٠ قاد كنعان ايفرين مجموعة من الضباط لشن انقلاب عسكري في البلاد، حيث كانت أهداف ومبادئ الانقلاب هو الحفاظ على المبادئ الأساسية التي وضعها أتاتورك لتركيا، وكان المبدأ الرئيسي من هذه المبادئ هو مبدأ الفكر الكمالي، حيث كان يعتقد كنعان ومن معه بأن أسباب سقوط الدولة العثمانية عسكريا هو ارتباطها بالفكر العربي والإسلامي، ولذلك كان يخشي من صعود التيار الإسلامي في الحكم مرة أخرى بالانتخابات التركية، وقيل إن أمريكا كان لها يد في دعم هذا الانقلاب خاصة بعد أن فقدت الحليف الرئيسي لها بعد قيام الثورة الاسلامية في ايران في عام ١٩٧٩. وحتى ينجح هذا الانقلاب كان يدر على تركيا الكثير من المساعدات الاقتصادية من قبل منظمة التعاون والتنمية، وكان حلف شمال الأطلسي يدعم الانقلاب بالمعونات العسكرية.

وقد أصدر كنعان ايفرين بيانه العسكري الأول الذي وضح به أسباب الانقلاب وأهدافه، وصرح بأنه يجب التمسك بمبادئ أتاتورك كما دعا إلى شن هجمات ضد ما سماه بالإرهاب الشيوعي والفاشي والتزمت الديني وذلك بهدف وحدة البلاد وحقوق الشعب وحرياته. وفي اليوم التالي للانقلاب صدر البيان الثاني الذي يفيد بحل الحكومة التي كان يرأسها سليمان ديميريل والمجلس الوطني التركي الكبير، وتم رفع الحصانة عن جميع أعضاء البرلمان. وتضمن البيان الثالث اعتقال زعماء الأحزاب السياسية على رأسهم بولنت أجاويد وسليمان ديميريل ونجم الدين اربكان والب أرسلان توزكيش وعدد من أعضاء البرلمان، ثم شكل كنعان ايورن مجلس الأمن القومي NSC الذي ترأسه كنعان وقام بتسيير شؤون البلاد إلى حين إجراء الانتخابات في عام ١٩٨٣ .

وفي عام ١٩٨٢ أجريت الانتخابات الرئاسية وحصل كنعان ايفرين على نسبة ٩٠% من أصوات الناخبين وأصبح رئيسا للجمهورية التركية، وبعد توليه الرئاسة قام بتعديل الدستور وأدخل المادة ١٥ التي تمنح الحصانة لرئيس الجمهورية والقادة العسكريين، وبالتالي يمنع محاكمتهم ومحاسبتهم.

واستمر حكم كنعان ايفرين ثلاثين عاما منذ بدء الانقلاب، وشهدت البلاد خلالها الكثير من الأحكام الدامية، فاعتقل  ٦٥٠.٠٠٠ شخص، وحاكم ٢٣٠.٠٠٠ شخص، وأعدم ٥١٧ شخص، و توفي حوالي ٢٩٩ شخص جراء التعذيب في سجون المعتقلات، كما انتحر حوالي ٤٣ شخصا وقتل حوالي ١٦ شخص خلال هروبهم بالإضافة على الاف المفقودين. ولم يقف عند هذا الحد فقد أقال حوالي ٣٦٥٤ مدرسا و ٤٧ قاضيا و ١٢٠ أستاذا في الجامعات، ونتج عن هذا القمع والأحكام العرفية هروب أكثر من ثلاثين ألف معارض ومفكر طالبين حق اللجوء السياسي خارج الجمهورية.

سقوط كنعان ايفرين ومحاكمته:

في الذكرى الثلاثين للانقلاب، تم التصويت على إصلاحات للدستور خلال حكم ايفرين، وكان من أهم هذه الإصلاحات إلغاء حصانة رئيس الجمهورية والمسؤولين العسكريين في المادة ١٥ من الدستور، وفي عام ٢٠١٠ حصل حزب العدالة والتنمية التركي على غالبية الأصوات في الاستفتاء، وطالب العديد من الأتراك الذين تضرروا جراء الانقلاب بملاحقة المنقلبين، وفي تلك الفترة هدد كنعان ايفرين بالانتحار إذا تم زجه في السجن.

وعندما تولى رجب طيب اردوغان رئاسة الجمهورية في عام ٢٠١٢، شهدت تركيا أول محاكمة لقادة انقلاب عسكري في تاريخ تركيا، وسميت بمحاكمة القرن، وخضع قادة الانقلاب للمحاكمة العسكرية، إلا أن بعضهم توفي قبل مثوله للمحاكمة مثل نجاة تومر قائد القوات البحرية التركية وقت الانقلاب الذي توفي في عام ٢٠١١ قبل ساعات قليلة من مثوله للتحقيق، وأعفي قادة آخرون بسبب أوضاعهم الصحية، أما كنعان ايفرين فقد صدر في حقه حكم السجن المؤبد في عام ٢٠١٤، ونقل بعد ذلك إلى مستشفى عسكري لسوء حالته الصحية ومات يوم ١٠/٥/٢٠١٥ لتدهور حالته حيث كان يعيش على التنفس الصناعي.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق