القضية الفلسطينية بين المطامح والمطامع
الصيف الحار الذي اجتاح المنطقة العربية وقلب الدول وغيّر الحكومات والشعوب توقف عند الحدود الفلسطينية تاركاً جموداً سياسيا يخيم على القضية الفلسطينية التي تشهد اضافة الى النزاع مع الكيان الصهيوني, خلافاً لم يحل بعد على شرعية الرئيس محمود عباس الذي بات ركيزة لدول تسعى لتثبيته في منصبه وعائقاً لدول أخرى تنتظر رحيله رغم أن لهذه الدول هدفاً واحداً ولكن المكان لا يتسع الا لدولة واحدة وهنا بدأت المنافسة.
المنافسة على الاستحواذ على القضية الفلسطينية وبسط النفوذ على غزة يعود الى المكانة المميزة التي تحتلها هذه القضية في قلب كل مواطن عربي والى اهمية هذا الموضوع في الساحات الدولية وهذا ما دفع دولاً كثيرة وخاصة صاحبة رؤوس الأموال الكبيرة لتعزيز دورها في القضية الفلسطينية لتنال مكانة مميزة بين الجمهور العربي, وكان في مقدمة هذه الدول قطر والسعودية, الدولتين اللتين تتنافسان بشكل حاد على الامساك بكافة ملفات هذا الموضوع.
السعي السعودي لتمديد نفوذها في فلسطين يتجلى بدعم محمود عباس الذي تعتبره رئيساً شرعياً وتقف معه ضد الاخوان المسلمين وحماس فهو بمثابة حليف يمكّنها من التأثير على القرار الفلسطيني لتلمع صورتها وتبرز نفسها حاميةً للقضية العربية ومدافعةً عن المقدسات الاسلامية لتنال أكبر قدر ممكن من الرضى الشعبي العربي والاسلامي ولتقوي مكانتها الدولية التي تتعرض للزعزعة من المنافس القطري الذي يسعى لإزاحة السعودية من الساحة الدولية وهذا ما أثار الغضب السعودي على قطر مما جعل المسؤولين السعوديين يصرون على ابقاء محمود عباس أو ايصال من هو تابع لهم الى السلطة مهما بلغت التكلفة.
السعودية تحاول التخلص من منافستها قطر وكسر شوكتها, فقطر ليست بالمنافس السهل للسعودية اذ انها استغلت فقدان حماس للكفيل السوري بعد الأزمة السورية لتفتح ذراعيها أمام حماس مقدمة لها الدعم المادي والسياسي بهدف مساندة الاخوان المسلمين في فلسطين لتجريد محمود عباس من السلطة وايصال شخص مرتبط بمصالح قطر وقراراتها لتسيطر على القرار الفلسطيني في محاولة قطرية للخروج من حزمة الدول الصغيرة والضعيفة لتجالس الكبار فقطر تدرك جيداً أنها ليست الا قرية صغيرة لا أحد يراها مما دفعها للعمل على توسيع نفوذها في أماكن متعددة منها فلسطين.
ومما تعتمده قطر أيضا حسب ما كشفه مصدر مطلع هو تجهيز جماعات من الإخوان المسلمين داخل الأراضي الفلسطينية وتمويلها بشكل جيد بحيث تكون جاهزة لتلقي الأوامر وافتعال حدث ما يتم تطويره الى اعمال شغب بهدف اسقاط الرئيس محمود عباس وايصال من ترغب الى الحكومة.
التنافس بين السعودية وقطر يظهر داخل الأراضي الفلسطينية بشكل واضح وخاصة في تصريحات محمود عباس الذي دائما ما يهاجم حركة حماس وقد اتهمها مرات عديدة بأنها تسعى لإقامة دولة في غزة في اشارة واضحة بأن حماس تسعى لتمديد النفوذ القطري في فلسطين وبالعكس أيضا فان حماس المدعومة قطريا تعلن بشكل مستمر فقدان عباس لشرعيته.
قطر والسعودية لا تسعيان الى خدمة الشعب الفلسطيني وحماية المقدسات الاسلامية انما هدفهم توسيع نفوذهم الخاص حتى ولو بالاستعانة بالكيان الصهيوني وهذا ما حصل فعلا في العدوان الاسرائيلي على غزة في شهر يوليو من العام الفائت اذ كشفت الصحيفة الفرنسية “مغرب نوت” أن الكيان الاسرائيلي اعتمد على الدعم المالي السعودي في حربه ضد حماس وكذلك فإن صحيفة “هافنغتون بوست” الأمريكية كانت قد كشفت وقتها في مقال للكاتب ديفيد هيرست، أن العدوان الإسرائيلي على غزة جاء “بمباركة دولية وإقليمية من دول على رأسها مصر والولايات المتحدة والسعودية والإمارات”. وقال هيرست إنه “ليس سراً في إسرائيل أنّ الهجوم على غزة أتى بمرسوم ملكي سعودي، وقيادات وزارة الدفاع الإسرائيلية لا يخفون ذلك”.
قطعا, ان المنافسة بين قطر والسعودية والتسابق على ما بقي من فلسطين المحتلة بلغ ذروته وخصوصا بعد تراجع الدور القطري في الساحات العربية والدولية, هذا التنافس دفع البلدين أن لا يدخرا وسيلة ولا يتركا طريقة الا استخدماها حتى وصل بهم الأمر الى الاستعانة بأبشع الطرق وأخبثها لتنفيذ مصالحهم الخاصة وتقوية مكانتهم الدولية ناسين أو متناسين معاناة الشعب الفلسطيني وويلاته التي يعيشها وصارفين اهتمامهم عما تتعرض له المقدسات الدينية في فلسطين من مخاطر وهذا ما حول فلسطين الا ما يشبه ساحة “الفورمولا ١” تتنافس فيها السعودية وقطر محطمين كل جدران العروبة والاسلام.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق