الكيان الإسرائيلي يفقد عناصر قوته وإلي مزيد من الانعزال
لا يخفى على أبناء الأمة العربية والإسلامية وكل أصحاب الضمائر الحية, أن الكيان الإسرائيلي قام وتأسس على مبادئ الوحشية والإجرام والعنصرية, ويكفي أنه كيان محتل لأرض عربية, اغتصبها من أهلها في ظروف من الانحطاط العربي والتآمر الدولي, فهي مؤامرة بكل ما للكلمة من معنى, هدفها زعزعة أمن المنطقة ومنع أي فرصة للتطور والتقدم والازدهار. هذا الكيان ما كان ليظهر في منطقتنا لولا المجتمع الدولي الذي غطى كل أعماله الإجرامية من نهب للأراضي, وسرقة للممتلكات, وإزهاق للأرواح, ولا شك أن كل ما يقوم على الإجرام واللاإنسانية مآله إلى السقوط والاندثار, خاصة أن هكذا كيانات يحكم نشوئها المصالح والمنافع وموازين الربح والخسارة, وما أن تنتفي هذه المنفعة تكون قد خسرت عنصر النشوء والقيام الأساس.
وفي إجراء لمحة سريعة لمحطات الجرائم الصهيونية منذ نشأة هذا الكيان وحتى يومنا هذا, يتبادر إلى الذهن مجموعة من الأسئلة, ولعل السؤال الأساس الذي يحتل الصدارة, في التفسير الذي يوضح مواقف المجتمع الدولي إتجاه الجرائم التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي, والتي تأخذ طابع الاستنكار والاستهجان لما يقوم به الكيان, وهذا ما لم نكن نراه على مر السنوات الماضية منذ نشوء الكيان الإسرائيلي حتى الاعوام الماضية القليلة, ليجرنا إلى طرح المزيد من الأسئلة, عن السبب في التبدل في مواقف المجتمع الدولي, والذي لا يمكن تفسيره إلا على نحو من تصاعد دور وقوة محور المقاومة والممانعة في المنطقة وما أحدثته من نهضة اسلامية عربية دولية من جهة, والتطور التقني الذي أعطى لوسائل الإعلام المزيد من المساحة والقدرة في إيصال الحقائق, وتبيان الظالم من المظلوم, والمعتدي من المعتدى عليه.
وفي ظل هذا التبدل الذي شهدته الأعوام الأخيرة لمواقف المجتمع الدولي إتجاه الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني المظلوم والأمة العربية والإسلامية, وتداعيات هذه المواقف على هذا الكيان, يمكن تسجيل النقاط التالية ضمن أحداث متسلسلة زمنيا كالتالي:
١- الحرب على لبنان وغزة ومواقف مستنكرة: في كل عدوان يشنه الكيان الإسرائيلي على لبنان وغزة يرتكب فيه ابشع واشنع الجرائم, والتي تؤكد المصادر بأن هذه الاعتداءات يتم لها التخطيط من قبل المؤسسة الإسرائيلية بشقيها السياسي والعسكري, وليست كما يشاع بأنها مجرد ردة فعل, وكان العدوان الأخير على غزة خير شاهد علي حجم الهمجية العنصرية التي دفعت بدول كثيرة ومنظمات حقوقية وإنسانية ومنظمات دولية إلى استهجان واستنكار الوحشية الإسرائيلية, حتى من قبل داعميه, كالإتحاد الأوروبي الذي يعمد إلى تجميد محادثاته المتعلقة بتطوير العلاقات معه, بالإضافة إلى منظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة, وجامعة الدول العربية, مضافا إلى ذلك ردود الفعل الدولية, هذا فضلا عن داخل الكيان الإسرائيلي, إذ تندفع الاحتجاجات والمنظمات من إدانة وحشية حكومتهم, وهو ما لم نكن نلحظه في السنوات الماضية, بل أنها ظاهرة حديثة العهد تنبئ بتراجع القوى الداعمة والحامية له.
٢- حصار غزة وسفن كسر الحصار: هذا الحصار الدائم الذي يفرضه الكيان الغاصب على شعب غزة المستمر منذ ما يقارب الأكثر من ١٠ سنوات, والذي يحرمه من إيصال أدنى حقوقه المشروعة, زلزل ضمير الشعوب, وأوضح الكثير من الحقائق عن طبيعة هذا الكيان المعتدي, وكان من ردود فعل ضمير الشعوب العربية وغيرها, أن ما بين عامي ٢٠٠٩-٢٠٠٧ أقدمت الكثير من المنظمات الحقوقية وحتى تحركات فردية علي كسر الحصار عن قطاع غزة, وإيصال الاحتياجات التي يتطلبها القطاع, حيث سيرت تسع رحلات تمكنت أربع سفن منها الوصول إلى القطاع ومنعت الاخرى, وقد اشتملت هذه السفن على متطوعين من بلدان متعددة نذكر على سبيل المثال لا الحصر, سفينة المروة الليبية, سفينة الأخوة اللبنانية, سفينة روح الإنسانية, سفينتا الحرية وغزة الحرة, سفينة الأمل التركية وغيرهم, وهذا التحرك له مدلولات كثيرة أقلها أن هذا الكيان أصبح محاصرا, وأن شعوب العالم أجمع قد اتحدت وأجمعت على ان الكيان الإسرائيلي الغاصب كيان فاقد للشرعية, منتهك لحقوق الإنسان وغاصب لحقوق الآخرين.
٣- إعتداءات المسجد الأقصى: هذه الاعتداءات التي يقوم بها الكيان الإسرائيلي وبشكل مستمر وصريح من اعتداءات على حرمة المسجد الأقصى, الذي يعد قبلة المسلمين الأولي, من خلال الحفر تحت المسجد بهدف التمهيد كما أصبح واضحا ومعلنا لتدميره, إضافة إلى منع المصلين من الدخول إليه لإقامة الصلاة, ناهيك عن عناصر الشرطة الإسرائيلية التي تدخل المسجد بأحذيتها. هذه الانتهاكات دفعت بالكثير من الدول إلى إعلان رفضها التام لما يقوم به الكيان, بالإضافة إلى الاستنكارات التي يطلقها الاتحاد الأوروبي, والأمم المتحدة التي تدعو الكيان الغاصب إلى وقف هذه الاعتداءات وعدم تكرارها, وإن كانت مثل هذه المواقف الصادرة عن الاتحاذ الأوروبي أو بعض الدول الأخرى المؤيدة مواقف شكلية, إلا أنها تحرك الرأي العام نحو مزيد من الضغوط على هذا الكيان.
٤- الإعتداءات على سوريا: الطلعات الجوية المتكررة التي تقوم بها الطائرات الاسرائيلية فوق الأجواء السورية هو انتهاك واضح وصريح لسيادة الدول, بالإضافة إلى الضربات الجوية التي تقوم بها بين الحين والآخر, الأمر الذي زاد من التصريحات المستنكرة للمجتمع الدولي خاصة في ظل تخوفهم من أن تتردى الأوضاع إلى ما يخشاه الكيان الإسرائيلي, وهذا يبين بوضوح أن الكيان الغاصب قد أصبح في حالة حرجة من القيام بأي خطوة قد تستدرجه إلى نتائج وخيمة تضر به وبكيانه الذي أصبح متخوفاً من أي زعزعة في المنطقة ستطاله بالدرجة الأولى.
٥- الإستيطان: بناء المستوطنات الاسرائيلية داخل فلسطين ليس بالأمر الجديد, بل إنه يعود إلى الأيام الأولى لنشوء هذا الكيان الذي قام على تهجير الشعب الفلسطيني من بلده وأسكن مكانه مجموعة عصابات متناثرة جمعت من بلدان أوروبية وغربية متعددة, ليأتي الإتحاد الأوروبي بعد أكثر من ٨٠ عاما ليدين سياسات الكيان الغاصب في بناء المستوطنات مهددا بعقوبات مرتقبة ضده, معتبرا أن واحدة من هذه العقوبات قد تشمل سحب سفراء الاتحاد من تل أبيب, وعليه فإن وثيقة العقوبات التي تم وضعها من قبل رئيس قسم شرق البحر المتوسط في مفوضية العلاقات الخارجية للاتحاد كريستيان بيرغر تستند الى مبدأ الرد على التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، بواسطة فرض العقوبات على الكيان الإسرائيلي, وقد تتوسع دائرة العقوبات إن لم يستجب الكيان الغاصب ويوقف بناء المستوطنات.
إن الكيان الإسرائيلي الذي قام ونشأ على أساس الحماية والدعم الغربي من بريطانيا آنذاك ومن ثم امريكا والإتحاد الأوروبي, نرى اليوم بأن نفس هذه الدول الحامية باتت تتنكر لبعض السياسات التي يقدم عليها هذا الكيان, فضلا عن صحوة عربية اسلامية دولية منقطعة النظير, وما يضاف إلي ذلك من استنكارات داخل المجتمع الإسرائيلي لسياسة حكومتهم الوحشية العنصرية الهمجية, كلها عوامل تدفع بالكثير من المراقبين إلى اعتبار أن الكيان الاسرائيلي بدأ في عده التنازلي, وأن مقومات القوة التي كان يمتلكها بدأت بالتراجع شيئا فشيئا, وهو نحو مزيد من العزلة والانطواء.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق