التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

لماذا تأخرت القوات العراقية في تحرير مصفي بيجي حتي الآن ؟! 

 المتابع لتطورات المشهد العراقي خصوصاً بعد الانتصارات التي حققتها القوات الامنية والحشد الشعبي في هذا البلد على عصابات “داعش الارهابية” وتمكنها من تحرير مناطق واسعة من هذه العصابات لاسيما في محافظتي ديالى وصلاح الدين، تتبادر الى ذهنه تساؤلات عدة حول سبب تأخر هذه القوات في تحرير باقي المناطق التي لازال يحتلها ” داعش” ومن بينها مصفى بيجي جنوب مدينة الموصل.

للاجابة عن هذه التساؤلات لابد من القول ان هذا التأخر نجم في الحقيقة عن عدة أسباب أهمها التدخل الامريكي في شؤون العراق على الصعيدين السياسي والعسكري والذي تمثل بما يلي:

١ – زيارات بعض الاطراف المحسوبة على العملية السياسية في العراق والتي تدّعي تمثيل أهل السنة الى واشنطن من أجل التنسيق معها في كيفية التعامل مع التطورات التي تحصل في البلد من الناحيتين السياسية والعسكرية، اضافة الى مطالبة هذه الاطراف بتسليح العناصر الموالية لها بحجة محاربة تنظيم “داعش” في وقت أثبتت جميع القرائن والشواهد ان هذه الاطراف لا تعمل سوى لتأمين مصالحها ومصالح الادارة الامريكية التي تدعمها بالمال والسلاح بعيداً عن أنظار الحكومة العراقية لتحقيق أغراض تتعلق بالاستراتيجية الامريكية في المنطقة.

٢ – استمرار واشنطن بطرح مشاريع تدعو الى تقسيم العراق على غرار مشروع نائب الرئيس الامريكي جو بايدن وكان آخرها القرار الذي تبنته لجنة القوات المسلحة في الكونجرس الامريكي والذي يهدف الى تقديم مساعدات عسكرية ولوجستية لقوات البيشمركة الكردية وبعض الفصائل السنية لاسيما في محافظة الأنبار، دون الرجوع للحكومة العراقية.

٣ – الضغط المستمر الذي تمارسه الادارة الامريكية على الحكومة العراقية كي تمنع الحشد الشعبي من المشاركة في تحرير المناطق التي لا تزال تحت سيطرة “داعش” ومن بينها مصفى بيجي. ومن المعلوم ان الحشد الشعبي الذي لبّى نداء المرجعية الدينية بشكل منقطع النظير لعب دوراً كبيراً في تحرير مناطق واسعة جداً في ديالى وصلاح الدين وآمرلي وجرف النصر “جرف الصخر” والضلوعية والعلَم ومناطق أخرى في محافظتي الانبار وكركوك.

ورغم المحاولات الامريكية الرامية الى منع الحشد الشعبي من المشاركة في تحرير المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الارهابيين ومنها مصفى بيجي، اكد العديد من قياديي الحشد استعدادهم للمشاركة في تحرير هذه المناطق الى جانب القوات الامنية من خلال التنسيق الكامل مع الحكومة العراقية. كما أبدى الكثير من أبناء العشائر السنية ومن بينها عشائر الانبار استعدادهم للوقوف الى جانب الحشد والقوات الامنية للدفاع عن مناطقهم وتمهيد الطريق لدحر الارهابيين من هذه المناطق.

في سياق آخر شهدت العاصمة العراقية بغداد ومدن اخرى عمليات ارهابية متعددة خلال الايام القليلة شنها عناصر تنظيم “داعش” الارهابي بتفجير سيارات مفخخة وعبوات ناسفة ضد المدنيين ومنتسبي القوى الامنية. واستهدف بعض هذه التفجيرات التي راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى الزوار المتوجهين الى منطقة الكاظمية في بغداد لإحياء ذكرى استشهاد الامام الكاظم “عليه السلام” التي تصادف الخميس.

ويعتقد المراقبون ان هذه التفجيرات التي جاءت بعد فترة من الاستقرار الامني في بغداد وعموم البلاد نفذتها عناصر تابعة لـ “داعش” استغلت الظروف التي نجمت عن نزوح عشرات الآلاف من الاشخاص من المناطق التي تحتلها الجماعات الارهابية لاسيما في محافظة الانبار. وخلال الايام القليلة الماضية تمكنت القوات العراقية من اعتقال عدد كبير من العناصر الارهابية التي تسللت مع النازحين خصوصاً في بغداد وأحالتهم الى الجهات القضائية.

من خلال ما تقدم يمكن الاستنتاج ان السبب الرئيس الذي يقف وراء تأخر القوات العراقية في تحرير مصفى بيجي والمناطق الاخرى التي لا تزال تحت سيطرة ارهابيي “داعش” يكمن في تدخل الادارة الامريكية في شؤون العراق ومحاولاتها لمنع الحشد الشعبي من المشاركة في المعارك الى جانب القوات الامنية، اضافة الى ما تقوم به من محاولات لشق الصف العراقي من خلال تسليح بعض الاطراف خارج اطار الحكومة العراقية وهو ما رفضته الحكومة مراراً، معتبرة اياه بأنه يهدف الى اضعاف الجبهة الداخلية ويصب في صالح الجماعات الارهابية لأن الكثير من هذا السلاح يذهب الى هذه الجماعات كما حصل في السابق وبالتالي فإن ما تقوم به واشنطن من خدع سياسية وعسكرية هو الذي يقف عائقاً حتى الآن امام القوات العراقية لتحرير المناطق المحتلة من قبل “داعش” وباقي الجماعات الارهابية، إلا ان معظم المراقبين يعتقدون ان هذه الحيَل لن تنطلي على الشعب العراقي وقيادته الدينية والسياسية وسيقوم هذا الشعب في القريب العاجل بأخذ زمام المبادرة من جديد كما فعل في السابق لطرد عناصر “داعش” وتحرير مدنه ومنشآته الحيوية من سيطرة هؤلاء الارهابيين ومن بينها مصفى بيجي. 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق