دعوة سنة العراق لمؤتمر باريس: محاولة لإشعال الفتنة، أطفأها أهل السنة أنفسهم
في وقتٍ تدعو فيه باريس لعقد مؤتمرٍ يضم شخصيات سنيّة عراقية في فرنسا الشهر المقبل، لتوحيد صف هذا المكوّن العراقي في مواجهة التحديات التي يواجهها في هذا البلد بحسب ادعاءاتهم، خرجت واشنطن عبر كيري للحديث عن أن عراق موحد لجميع أبنائه أفضل. ولعل تبادل الأدوار الواضح بين البلدين فرنسا وأمريكا، هو من الأمور التي يجب الإشارة اليها. فأمريكا التي تدعي أنها تريد عراقاً موحداً، هي التي كان لها الدور الأبرز في إضعاف الحكومة المركزية العراقية. في وقتٍ تدعو فيه فرنسا جهاراً للتقسيم. كما أن من يدعي أن السنة في العراق يقبلون بالإستنجاد بالخارج، فهو واهم والتاريخ هو الفيصل. فماذا في المؤتمر الذي سيعقد في باريس؟ وكيف أن أمريكا سعت لتقسيم العراق؟ وما هي الحقائق التي تبين أن السنة ضد التقسيم ومع مقاومة الإحتلال؟
أولاً: الدعوة الفرنسية:
كشفت صحيفة المراقب العراقي عن وجود تحركات مشبوهة جديدة تصب في إطار اللعبة الأمريكية في العراق التي أوشكت على الإنتهاء بعد اعلان الكونغرس الأمريكي بشكل واضح نيته بتقسيم العراق الى دول “شيعية وسنية وكردية”. وهو الإعلان الذي أصبح بمثابة نقطة انطلاق لقوى سياسية ومسلحة مرفوضة ومطرودة من الساحة العراقية بحسب الصحيفة، لإعادة ترتيب أوراقها على ضوء المعطيات الجديدة تمهيداً لأعلان الأقاليم. وفي هذا السياق ، اعلن عن قرب عقد مؤتمر جديد يجمع قادة السنة في العراق والفصائل المسلحة وبعض شيوخ العشائر. فقد كشف خميس الخنجر أمين عام كتلة الكرامة، عن قرب عقد مؤتمر لوحدة “سُنة العراق” في باريس، مبيناً أن المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه يجمع شخصيات ورموزاً سياسية وإجتماعية ودينية وقادة بالجيش السابق وممثلي فصائل في المحافظات السنية. مشيراً أن الشهر المقبل يشهد إطلاق قيادة سنية جديدة تضم كل أطراف المكون السني وهي ليست ضد أحد. كما وأوضح أن إختيار باريس مهم وله دلالاته، ففرنسا هي الدولة التي لم تشارك باحتلال العراق ودعمت جميع مكونات العراق والعملية السياسية والإستقرار. فيما أشارت المصادر الى أن السعودية هي الراعي الحقيقي لهذا المؤتمر، إلا أن الخنجر ومن معه فضلوا اختيار بلد أوروبي في محاولة منه لإبعاد الشبهات. وبيّنت المصادر، أنه سيجري خلال هذا المؤتمر بحث موضوع تشكيل الحرس الوطني والإتفاق على قياداته التي سيكون أغلبها من ضباط الجيش السابق المنحل بحسب تعبيره .
ثانياً: التقسم والمؤامرة على العراق:
بعد أحد عشر عاماً على سقوط نظام البعث العراقي، وأربعة أعوام على إنسحاب المحتل الأميركي، يحتل العراق ١٧٠ من أصل ١٧٥ دولة على جدول ترتيب منظمة الشفافية الدولية، وهو ما يجعله من أكثر دول العالم فساداً. والباحث عن أسباب الفساد يجد أن للغرب والدول الخليجة وأمريكا بالتحديد، اليد الطولى في ضرب مكونات الدولة العراقية. فالفراغ السياسي الذي خلفه سقوط صدام حسين فتح شهية الدول على لعب دور في صناعة القرار في العراق. فكيف سعت أمريكا ومن خلال السعودية لضرب الوحدة العراقية؟ وكيف أن أهل السنة براءٌ من ذلك؟
– بدأت السعودية تدخلها عندما فتحت الرياض على مجموعة من الشخصيات والأحزاب العراقية السنية خطاً ساخناً، داعمة إياهم مالياً وإعلامياً. وهناك من يحمّل السعودية المسؤولية، من خلال تأجيج التناحر الطائفي عبر الخطاب الإعلامي. وهو ما دفع بواشنطن وللتنصل من التهمة، الى اتهام السعودية في أكثر من مناسبة بلعب دور غير بناء في العراق، من خلال تصدير المقاتلين الأجانب المرتبطين بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.
– لكن أمريكا قررت وبعد سقوط النظام العراقي الى ضرب أقوى الجيوش العراقية من خلال حل الجيش وتسريح عناصره وملاحقة كبار ضباطه. لذلك تتحمل أميركا مسؤوليةً كبيرة من الفساد الذي يطال المؤسسة العسكرية العراقية، فهي التي تعاملت على قاعدة أن القوات الأميركية باقية ووظيفة الجنود العراقيين ستكون معاونة الجيش الأميركي في مهامه، وبذلك، وربما مع السنوات، يكتسب الخبرة. لكن ماذا عن أهل السنة؟
– يجب قول الحقيقة عند الحديث عن السنة في العراق. فقد لعب الإحتلال الأمريكي على التناقضات لكي يحمي ظهره ومصالحه دوماً. وتشير التقارير والأحداث الحاصلة الى عملية الإنتقام من المقاومين السنة التي قام بها الامريكيون، وكانت تجري عبر رجال الأمن العراقيين المرتبطين بالإحتلال الأمريكي. فقاموا بزجهم في السجون وكان يمارس الإحتلال الأمريكي ضدهم شتى أنواع التعذيب والتحقير وهو الذي دفع بكثر ممن لم يكونوا أساساً متورطين لاتخاذ قرار بالإنضواء في المجموعات المقاتلة للإحتلال بمجرد خروجهم.
قد يكون هناك من يدعم تقسيم العراق من أهل السنة لكن الحقائق تشير الى عكس ذلك عموماً. ولا شك أن الشعب العراقي يدرك أن الطرف الأمريكي أو الفرنسي لم يسعى يوماً لوحدة العراق أو لمصلحة أي فئة. وإلا فماذا يعني توحيد مذهب داخل دولة؟ ألا يعني ذلك محاولة التحريض على الفتنة؟ وبالتالي فإن الأدوار الغربية المتعاقبة الى جانب الأدوار الخليجية، لن تنجح في إظهار الحرص الأمريكي، ولا حتى الترويج والتحريض على أهل السنة. فالعراق أثبت بوحدته قدرته على مواجهة الإرهاب، وهو سيثبت مرةً أخرى أنه لا يقبل التقسيم. وأن الأصوات الموجودة ليست إلا تعبيرٌ عن توجهات واشنطن والغرب، الذي لا يستمر إلا بالتقسيم.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق