التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

إستقلال اسكتلندا: حق يقلق بريطانيا ويهدد كيانها بالإنهيار 

على الرغم من الفوز الكبير الذي حققه الحزب الوطني الاسكتلندي في الإنتخابات البريطانية، إلا أن بريطانيا تنظر بقلقٍ ظاهر ورفض مبطّن لفكرة استقلال إسكتلندا عنها. ولعل الحديث الأبرز اليوم يدور عن تقسيم بريطانيا، فيما يعتبر إستقلال اسكتلندا حقاً للإسكتلنديين. وبالتالي فإن بريطانيا هي التي ألحقت اسكتلندا بها، مما يعني أن إستقلال أسكتلندا لا يعني تقسيم بريطانيا. لكن الأمر الذي يجب الوقوف عنده هو أن هناك العديد من العقبات التي تقف بوجه الإستقلال الاسكتلندي، الى جانب عدد من المصالح التي تحاول بريطانيا الحفاظ عليها ومنع هذا الإنفصال. فماذا في مسألة إستقلال إسكتلندا؟ وما هي الرؤية التحليلية لمصالح الطرفين؟

 

أولاً: تصريحات كاميرون الأخيرة:

استبعد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون منح اسكتلندا استفتاءاً جديداً بشأن الإستقلال، على الرغم من المكاسب المذهلة التي حققها القوميون الأسكتلنديون في الإنتخابات العامة البريطانية، قائلا إن الإسكتلنديين رفضوا “بشكل قاطع” الإنفصال العام الماضي. وقال كاميرون الذي أعيد انتخابه بأغلبية مطلقة مفاجئة الأسبوع الماضي إنه سيضمن منح سلطات أكبر لإسكتلندا وفقاً لخطة قائمة. ولكنه رفض فكرة أن الاسكتلنديين قد يحصلون على استفتاء جديد بشأن الإستقلال في أي وقت قريب. وقال كاميرون للقناة الرابعة “أجرينا إستفتاءاً، الإسكتلنديون صوتوا بشكل قاطع للبقاء في المملكة المتحدة، لن يُجرى استفتاء آخر”. مشيراً الى أن الحزب الوطني الإسكتلندي المؤيد للإستقلال والذي حصل على ٥٦ مقعداً من ٥٩ في البرلمان في اسكتلندا الأسبوع الماضي، لم يشر الى أن الإنتخابات كانت بشأن ضمان إجراء استفتاء آخر.

ثانياً: الرؤية التحليلية لواقع الطرفين:

من الواضح أن ديفيد كاميرون يحاول منع إجراء استفتاء جديد حول استقلال اسكتلندا. وهو الأمر الذي يؤكد المخاوف البريطانية جراء الإستقلال الإسكتلندي، ومحاولة منع حصوله. فما هي الأسباب البريطانية الحقيقية لذلك؟ وماذا بالنسبة لإسكتلندا؟

– هناك العديد من النواحي التي يفكر بها الساسة والاقتصاديون، عندما يأتي الأمر لإنفصال إسكتلندا. فالديون الداخلية والخارجية على بريطانيا تتجاوز ١.٢ تريليون جنيه إسترليني، ومن الطبيعي أن يكون لإسكتلندا في حال استقلالها حصة من الديون ليس بمقدورها تحملها، وهو ما لا يصب في صالح الطرفين. 

– من الناحية المالية فإن إسكتلندا ستظل تستخدم الجنيه الإسترليني كعملة وطنية، كما وستستخدم الدولار الأمريكي دون العودة إلى البنك المركزي الأمريكي، لذلك فإن الدولة ستحتاج إلى كمية ضخمة من الإحتياطي النقدي كي تؤمن البلاد، وفي حال قررت إسكتلندا استخدام عملة جديدة خاصة بها، فإن ذلك قد يعرضها لمخاطر كونها دولة جديدة دون تاريخ نقدي أو إئتماني.

– من الناحية الدفاعية إن اسكتلندا تعتبر المنطقة الثابتة للغواصات النووية البريطانية، مما يجعل من الصعب قبول بريطانيا لإنفصال إسكتلندا عنها. وفي حال حصل ذلك، فإنه لا بد أن يتشارك جهاز الإستخبارات الإسكتلندي معلوماته بشكل شبه كامل مع المكتبين الخامس والسادس البريطاني.

– من الناحية الإقتصادية فإن الناتج الإقتصادي لإسكتلندا، حتى دون النفط والغاز، يتساوى تقريباً مع بريطانيا ككل، وبالتالي، فالنفط والغاز يمثلان ميزة إضافية، وربما تصل القيمة التي تحصل عليها إسكتلندا من بيع النفط إلى أكثر من ٩٠% وهو ما لا يصب في مصلحة بريطانيا أيضاً حال الإنفصال.

– إن الدور البريطاني مؤخراً تراجع في السياسة العالمية كثيراً، فقد تجاهلتها الدول الكبرى وبالتحديد روسيا والصين، وبالتالي فإن استقلال إسكتلندا سيعزز تلك النظرة، بل سيجعل البعض يطالب بإيقاف عضوية بريطانيا الدائمة في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد وجه نداء في فبراير من العام الماضي، ناشد فيه إسكتلندا عدم الإنفصال عن بريطانيا، مشيراً الى أن هذا الإنفصال سيضعف مكانة بريطانيا في العالم.

إن تاريخ بريطانيا الحافل بالاستعمار والتدخل في شؤون الآخرين، جعل منها دولةً عظمى استمرت حتى صعود النجم الأمريكي. لكن بريطانيا بحد ذاتها لم تكن تتوقع أن آلامها ستكون من صلبها، أي إسكتلندا. وهو الأمر الذي يقلق الساسة البريطانيين ويجعلهم يعيشون هاجس مستقبل الكيان البريطاني. وهو ما ساهمت بريطانيا في تجريعه للعديد من الدول عبر التاريخ. لكن المشكلة الأهم اليوم أن بريطانيا ستعيش هذا الصراع وحدها، لأن الجميع اليوم يعاني من أزماته الخاصة. فهل سيكون مشروع إنفصال إسكتلندا، بداية انهيار الكيان البريطاني؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق