التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, سبتمبر 8, 2024

الإمارات والطرد التعسّفي .. أفغانستان آخر الضحايا 

“غير مرغوب بك في الإمارارت”، عبارة باتت تستخدم كثيراً في الآونة الأخيرة من قبل السلطات الإماراتية وتتوعد أيضاً باتخاذ اجراءات قاسية بحق المتخلّفين عن تنفيذ الأوامر الأمنية. الإنتماء إلى مذهب غير مذهب الإعتدال العربي يعني أن “المتهم” بات لقمةً سائغة أمام الشرطة في دبي والشارقة ومن الممكن أن “يطبّ الأمن عليك” ليضعك في أسرع طائرة متجهة إلى بلدك أو يعطيك فرصة وجيزة للرحيل القصري في أحسن الأحوال. هذا ما حصل مع اللبنانيين سابقاً ومع ٦٠٠ تاجر أفغاني حالياً.

 

حيث أوضح المساعد السياسي لوزير الخارجية الأفغاني “حكمت خليل كرزي” أن “دولة الإمارات قامت بسحب الإقامات من ٦٠٠ تاجر أفغاني من دون إبراز أي دليل قانوي”، مؤكداً أن “الخارجية تبحث مشكلة التجّار لكنها لم تحل ولا زالت قيد البحث”.

من جانبه طالب “محمد محقق” نائب رئيس مجلس الوزراء في الحكومة الأفغانية بمتابعة هذه القضية على وجه السرعة، وأضاف: يتم إستدعاء التجّار الأفغان ومن ثم إلغاء ترخيص أعمالهم وتصدر أوامر لهم بمغادرة البلاد، يجب أن نتابع هذه الإجراءات الإمارتية عبر القنوات الدبلوماسية وفي أسرع وقت ممكن”.

إلى ذلك أكد رئيس مجلس الوزراء عبدالله عبدالله أنه سيبحث الأزمة الأخيرة مع الرئيس أشرف غني لأن هذه المسئلة تحتاج إلى جهود جدية، وتابع قائلاً: سأبحث مع الرئيس الأزمة التي حصلت مؤخراً مع التجّار لأن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات ملموسة على مستوى القيادة بين البلدين. هذه واحدة من أخطر المشاكل للتجار في البلاد ويجب حلها في أقرب وقت ممكن”.

أبعاد القرار

يأتي الإجراء الإماراتي الأخير المتمثل بطرد ٦٠٠ تاجر أفغاني من قومية الهزارة – ينتمون أغلبهم إلى الطائفة الشيعية – بعد أقل من ٤ أشهر على توقيع الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني على “إتفاقيات إستراتيجية” مع الجانب الإماراتي. الإمارات لم تعر أي إهتمام للتعهدات التي أبدتها للجانب الأفغاني سابقاً، عندما طردت المستثمرين الأفغان مبقيةً على أموالهم التي تناهز الـ٢٠ مليار دولار في البنوك الإماراتية.

وبصرف النظر عن مدى قانونية هذا الإجراء وتعارضه مع الإتفاقيات الموقعة بين البلدين، يعتبر الإبعاد التعسفي الذي انتقل من مرحلة العمّال إلى التجّار مؤشراً خطيراً لأصحاب رؤوس الأموال الذين يبحثون عن الاستقرار للدخول في أي استثمار اقتصادي.  

جميعاً نذعن بأن الإجراء الإماراتي التعسفي الذي نرده إلى أسباب طائفيّة بسبب تكرار هذه الحادثة في الآونة الأخيرة مع أتباع الطائفة نفسها على اختلاف جنسياتهم وقومياتهم، نذعن بانه سيترك أثراً سلبياً على المدى القريب على كافة العائلات المبعدة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: من المتضرّر الأكبر على المدى البعيد أو الإستراتيجي؟

يبدو أن الإمارات التي تقوم على الإستثمارات الأجنبية كون دبي تعتبر من أفضل المدن اللوجستية في العالم، فتحت باب التكهنات على الإستثمار الأجنبي وأدخلته في نفق مظلم، فما الذي يضمن أن لا تتكرّر هذه الحالة مع مستثمرين آخرين؟ أليس من حق أي مستثمر أن يحسب ألف حساب قبل الإستثمار في الإمارات؟ وما هو مصيره اذا ما تكرر سيناريو “الطرد التعسفي” معه؟ وما الذي يمنع الإمارات مستقبلاً من “الطرد التعسفي” مع أبناء طائفتها أو مع غير المسلمين؟ 

بصرف النظر عن النتائج الكارثية المترتبة على هذه التصرفات التعسفية التي ستؤدّي في المستقبل القريب إلى سحب استثمارات بعشرات وربما مئات مليارات الدولارات من الإمارات، المطلوب حالياً من الحكومة الأفغانية متابعة هذه القضية بجدية عالية لأن ما حصل مع المستثمرين الأفغان أمر غير متعارف عليه دبلوماسياً واخلاقيا، وقد تشهد الإمارات أزمة ٢٠٠٩ مجدّداً.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق