التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 21, 2024

الشيخ عيسى قاسم: سياسة “الملك لنا” لم تعد محل صبر أيٍ من الشعوب 

المنامة ـ سياسة ـ الرأي ـ

أكد عالم الدين البحريني آية الله الشيخ عيسى قاسم، أن سياسة “الأرض لنا، الثّروة لنا، الملك لنا، الأمر والنهي لنا، لا شيء لكم إلا ما نرى ونسخو به من فتات”، باتت “سياسة غبيَّة جدّاً حسب الواقع، ولم تعد محل صبر من أيّ شعب من الشعوب”.

وفيما يلي نص البيان الصادر عن سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم (حفظه الله):

الأمن واستقراره
بسم الله الرَّحمان الرَّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطّاهرين الطيبين، وأصحابه المنتجبين.

كل مخلوق حيّ يطلب أمنه، ويسعى إليه، ويحافظ عليه، ويذود عنه. وأكثر ألوان الأمن تعدّداً هي ألوان الأمن التي يقلق الإنسان لها، ويحمل همّها وتشغل منه فكره لحاجته إليها. وهي ألوان وأبعاد تتصل بحياته وراحته وما يفكِّر فيه من سعادة وأسبابها، في الدّنيا والآخرة.
وهمُّ الأمن عند الإنسان يستوعب الحاضر والمستقبل القريب والبعيد في امتداده الذي لا نهاية له.
وهذا الأمن في حاضره ومستقبله وبأقصى ما هو مستعدّ له وجودُ الإنسان قد تكفّل المنهج الإلهي الذي هدت إليه الفطرة، وتنزّل به الوحيُ من عند الله تبارك وتعالى بتأمينه.
ولا يمكن للإنسانية جمعاء أن تجد من دون هذا المنهج ما يوفّر لها هذا الأمن في شموله واستيعابه وامتداده.
والأمن المعنيُّ فيما يأتي من حديث، هو الأمن على الحياة من جهة الالتزام بحرمة الدّماء، وعدم النيل منها من غير وجهِ حقّ، وما يتطلّبُه عدم وجود خسائر كبرى في حياة النّاس في المجتمعات الإنسانية وعلى يد الإنسان نفسه.
ولا يمكن لأي مجتمع من مجتمعات الأرض أن يتمتع أطرافه بالأمن على الحياة وهو يعيش علاقات متوتّرة يطول امتدادها.
ويستحيل مع هذه الصراعات الدائمة بين حكومات وشعوبها فيما هي مقوّمات الحياة والكرامة والاعتراف بحقّ الشعوب في ساحة عريضة من وجود الأمة أن يعيش طرف من طرفي الصراع أمناً مستقراً، أو اطمئناناً من هذا النوع. وبهذا يتجه كل طرف لإنهاك الآخر تأميناً لوجوده وكلما أخذ الصراع في هذا الاشتداد زاد خطره على الطرفين وانتكس وارتكس بوضع الوطن.
سخف في الرأي واستسلام للهوى والغرور، أن تطلب حكومة البقاء بظلم شعبها بما يستفزّه، والأمن بما يسلب منه الأمن، والاستئثار والبذخ بما يجعله أسير الجوع والحاجة، وتعزيزَ الموقع، وتكثيف السلطاتِ بتهميشه وإقصائه وإذلاله.
إنه الوضع الذي يخلق حالات من صراع الوجود، ويزيد في تأججه ليرهق بأثاره كاهل الطرفين، ويذهب بأرواح الأبرياء في ظلمٍ لا تنضبط حدوده، ولا يسمح بأمن على الإطلاق.
سياسة الأرض لنا… الثّروة لنا… الملك لنا… الأمر والنهي لنا… أنتم لنا… لا شيء لكم إلا ما نرى ونسخو به من فتات، صارت سياسة غبيَّة جدّاً حسب الواقع، ولم تعد محل صبر من أيّ شعب من الشعوب، وتمثّل مغامرة مجنونة فاشلة على حكومات الأرض كلّها أن تتعلم سريعاً فشلها، وأن نتائجها على عكس ما يؤملون.
وصراع الشعوب حين يطول، وتتضخم تضحياته، وتتعمّق جراحه، ويُصيب بآلامه الشباب والناشئة والرّجال والنساء والكهول والشيوخ، وتعمّ كل بيت وشبر من الأرض وكل الأيام لا يمكن أن يسمح للشعب أن يتوقف عن جهاده، وأن يتراجع عن مطالبه، ويعود إلى موقع الإهمال والذل والهوان الذي أعطى للتخلص منه كل بذله وتضحياته، وصبر من أجل ذلك على آلامه.
والتسويات الصّورية والمهينة تكريس للوضع الضاغط السابق المذل المهين الذي فرّ منه ولا يقبل أن يعود إليه.
هذا واقع لا فرضيَّة… واقع تدلُّ عليه المواصلة الطويلة للعطاء، والصبر الثقيل على الآلام، والعزم الشديد على الصمود.
واقع لا بد أن يقنع بضرورة التوقف عن تعذيب الشعب، وعبثية الاستمرار في التنكيل به، والإصرار على إذلاله، وفشل أن يكون أمن السلطة بسحق أمنه.
وما أجدر شعب البحرين بالتّعامل الإنساني الرفيع معه، وما أحقّه بالتمتع بكامل الحقوق والحرية والكرامة خاصة وقد التزم في حراكه الإصلاحي في طابعه العام خط السلميّة وعدم النيل من الدماء والأموال.
شعب يستحق كل التقدير وهل من يقدّره . انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق