هل سيتخلى الأمريكيون عن مشروع “هدم سوريا”
وكالات – سياسة – الرأي –
مشاورات في جنيف، والسوريون قد يعودون إلى موسكو، في حين أن يوم الاثنين القادم سيشهد مشاورات أمريكية روسية حول الأزمة السورية، وفي الميدان تقال كلمة الفصل من قبل الجيش السوري والمقاومة اللبنانية، في حين أن الخليجيين يذهبون بملف مخاوفهم من تنامي القوة الإيرانية إلى كامب ديفيد، حاملين معهم مشاريع تصعيد في سوريا واليمن، مقابل الإبقاء على الفوضى الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
والمستفيد الوحيد من هذه المعمعة، هو الكيان الإسرائيلي الذي مازالت حكومته في ولادة عسيرة بالرغم من الإعلان عن ائتلاف بين نتنياهو وقوى سياسية أخرى بغية الخروج إلى العلن بالحكومة الرابعة لمجرم استثنائي في تاريخ الكيان الإسرائيلي، وكما تؤكد وسائل الإعلام فإن حل الدولتين ليس ضمن الخطوط العريضة لحكومة الليكود القادمة، فما الذي يمكن يستند عليه الإسرائيليون في المرحلة القادمة ضمن الملف السوري، مع درايتهم إن الدولة السورية باقية، فالثابت إن المراد من كل ما يجري في سوريا هو هدم البنية السورية الحالية، وإقامة بنية أخرى تؤسس على الفكر الطائفي لضمان بقاء إسرائيل وتحولها إلى دولة جارة، وبعلاقات طبيعية.
الدعوة الروسية إلى إقامة “جنيف3 ” بحضور إيران يأتي استناد من موسكو إلى دور طهران المحوري في المنطقة، وبكونها شريك أساسي بالنسبة لموسكو التي تبني قوتها ضمن جملة من التحالفات الإستراتيجية القائمة بشكل أساسي على الاحترام، وبكون إيران قوة عسكرية واقتصادية تتنامى بشكل سريع، فإن الروس يعرفون أنه من الضروري عدم تجاهل الدور الإيراني في المنطقة، وعلى هذا الأساس يجب البحث عن مخرج سوري من الأزمة بوجود إيران، ذلك باعتبارها شريك أساسي من شركاء سوريا أيضاً، ولأهمية سوريا في حسابات القوة الروسية، بات لابد لموسكو من إنهاء الملف السوري الذي يأخذ نحو التعقيد كلما عمل حلفاء سوريا إلى حلحلته، بكون هذه الحلحلة لا تتناسب والرؤية الإسرائيلية، وعلى ذلك لابد من وضع صيغ توافقية مع واشنطن، الحليف الأكثر ثقة بالنسبة للكيان الصهيوني، وبكون واشنطن هي الراعي الأساس لوجود الكيان في المنطقة، فزوال إسرائيل يعني انتهاء للدور الأمريكي في المنطقة، حتى وإن بقيت علاقات الولايات المتحدة من الدول الخليجية، فالجيش الإسرائيلي وتل أبيب هي الفزاعة التي نصبها الغرب في المنطقة العربية لضمان هيبته فيها.
اللافت أن يكون الخليجيون متخذين قرارا بأن يبقوا ضمن المظلة الأمريكية على الرغم من إن السياسية الأمريكية واضحة في التعامل مع أدواتها في المنطقة خصوصاً وفي العالم عموماً، وقد يكون الوضع في أكثر من دولة عربية أو أجنبية يؤكد هذه الرؤية، فواشنطن كما يقول التاريخ تتخلى عن حلفائها وترميها إلى أتون المحرقة في كل مرة، كما حدث في مصر على سبيل المثال، عندما تخلت عن الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وتركته لمواجهة مصيره أمام إرادة التغيير من قبل الشعب المصري، ومن قبله في العراق، وغيرها من دول أمريكا اللاتينية، وعلى ذلك يجب أن يتعظ الخليجيون من هذا التاريخ الأسود لواشنطن الذي لا ينفك يكرر نفسه بين الحين والآخر.
في المسألة السورية، لن يكون أمام أمريكا مع مرور الوقت إلا أن تتخلى عن أدواتها، وتعود إلى مربع العلاقات الطبيعية مع سوريا، وذلك بكونها تعرف إن الدولة السورية لن تسقط، ومراحل المعركة في تصاعد مستمر لصالح الجيش السوري، حتى وإن بقيت الماكينة الإعلامية الموالية للإرهاب على أشدها في العمل على تصوير الوضع في سوريا بأنه قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء لمصلحة الميليشيات، فالواقع يؤكد أن انتصارات القلمون على سبيل المثال لا الحصر، تذهب نحو حسم واحدة من أعقد واهم الجبهات في الجغرافية السورية، وبالتالي فإن رايات الجيش السوري والمقاومة اللبنانية التي ترفرف اليوم على مرتفعات القلمون، ترى من قبل المراصد الإسرائيلية، وعلى ذلك يمكن القول إن تل أبيب اليوم في حالة ذعر مما تشهده سوريا من متوالية الانتصارات في معارك عديدة، وبالتالي فإن التعقيد الحاصل في معركة الشمال، لابد وأن ينهى من قبل الجيش السوري خلال الأيام القادمة، وإذا ما توالى سقوط الميليشيات التكفيرية، فإن الكيان الإسرائيلي وأمريكا أمام حتمية التفاوض بشكل إيجابي في الملف السوري، لصالح إنهائه –على الأقل مرحليا-، وإن هذا الإنهاء سيكون لإيجاد أدوات جديدة لهجوم آخر في مرحلة ما لهدم محور المقاومة، وبالتالي فإن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سيعمل خلال الأيام القادمة على طرح مشروع أكثر مرونة على الجانب الروسي فيما يخص الأزمة السورية، وإن أول ما يستلزم هذا المشروع أن يعلن الأمريكيون في مرحلة ما إيقاف تدريب الميليشيات المسلحة، وستكون الحجة، العمل على إنهاء الأزمة السورية بذرائع إنسانية.انتهى