عندما یعلن دعاة الحریة فی سوریا تجنید المقاتلین لقتل الشعب الیمنی تحت إمرة الملک السعودی..!!
لم يعد غريباً هذه الأيام، هذا التناقض الكبير بين مواقف وشعارات الجماعات الارهابية المسلحة في سوريا، فالموقف السلبي الذي أعلنته هذه الجماعات من ثورة الشعب اليمني، ودعمها للعدوان السعودي على هذا البلد الفقير، قد فضح نوايا هذه الجماعات التكفيرية، وبرهن بما لا مجال للشك بأنها لا تعدو مجرد أدوات للخارج، وأن كل الشعارات التي رفعتها في محاربة الديكتاتورية، والمطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية، ما كانت إلا ذرائع واهية لتدمير سوريا، وضرب دورها الريادي والمقاوم في المنطقة.
وقد أعلنت مؤخراً جماعة “فيلق الشام” الارهابية، بأنها قد جهزت ألفي جندي من مقاتليها ليكونوا تحت إمرة الملك السعودي في حربه التي يشنها على الشعب اليمني المظلوم، في خطوة لاقت استنكاراً كبيراً حتى من بعض الجهات المعارضة للنظام السوري، إذاً كيف يمكن لجماعة تدعي أنها تقاتل من أجل الحرية والديمقراطية، أن تساند عدواناً غاشماً على شعب فقير، لم يعتدِ في يوم من الأيام على أي من أشقائه العرب، وإنما كانه كل ذنبه أنه طالب بالحرية والديمقراطية، والعيش الكريم وانهاء الوصاية السعودية عليه.
من ناحية أخرى يرى مراقبون في هذه الخطوة دليلاً على مدى الحرج الذي وصلت إليه السعودية نتيجة فشلها في تحقيق أهداف عدوانها على اليمن، الأمر الذي استدعى منها جلب قوات من السنغال ومن الجماعات المسلحة في سوريا، للتعويض عن عجز الجندي السعودي في الحرب البرية، وعدم القدرة على تحمل الخسائر البشرية.
نبذة عن جماعة “فيلق الشام” الارهابية
تشكلت جماعة “فيلق الشام” في آذار/ مارس من العام الماضي عبر اتحاد ١٤ لواء من فصائل الجماعات المسلحة في كل من محافظة حلب، وإدلب، وحمص، وحماة. ويُعتبر فيلق الشام الإسم الجديد لما كان يسمى بـ “هيئة حماية المدنيين” التي تشكلت في بدايات العام ٢٠١٢ بواجهة من بعض الشخصيات الإخوانية والتي تصف نفسها بالمستقلة، وبدعم من بعض الشخصيات المالية والسياسية ذات العلاقات الواسعة مع العديد من دول المنطقة والعالم.
وتتمتع جماعة “فيلق الشام” بدعم مالي وتسليحي كبير مكّنها من تعويض النقص العددي الناجم عن الانشقاق المستمر لبعض فصائلها، ويحظى ممثلو الجماعة في الخارج (نذير الحكيم، هيثم رحمة، منذر سراس) بعلاقات قوية جداً مع معظم الدول حيث تكاد الجماعة أن تكون الفصيل المسلح الوحيد الذي يحتفظ مكتبه السياسي بعلاقات ممتازة مع كل من السعودية وتركيا وقطر وفرنسا وأمریکا وانكلترا على حد سواء.
وتعتبر جماعة “فيلق الشام” أحد أهم التشكيلات العسكرية السياسية بنظر المجتمع الدولي ودول الإقليم، فقياداته الإخوانية تتصف بـ(البراغماتية) والمرونة تجاه الاهداف الغربية، كما أن المكوث الطويل لتلك القيادات على مدى عشرات السنوات في دول الخليج وأوروبا جعلت علاقاتهم مع مختلف مسؤولي تلك الدول علاقات تتصف بالاستمرارية والثقة المتبادلة، وتشير تقارير غربية بأن جماعة “فيلق الشام” تعتبر الجهة المفضلة لدى السي آي إيه من بين المجموعات الإسلامية المقاتلة العديدة في سوريا.
وقد شاركت الجماعة مؤخراً ضمن تشكيلات ما يسمى “جيش الفتح” في معركة إدلب التي شهدت تدخلاً تركياً واضحاً ودعماً كبيراً من قبل المحور السعودي-القطري-التركي، وهي تخوض حالياً مع جيش الفتح معركة ريف إدلب، وتعتبر من أهم الفصائل المشاركة في تشديد الحصار على مدينتي الفوعة وكفريا الشيعيتين.
جماعة “فيلق الشام” والعدوان السعودي على اليمن
رغم كون جماعة “فيلق الشام” محسوبة بشكل رئيسي على محور (تركيا-قطر-الإخوان المسلمين)، فإن علاقات قيادات الفيلق كما أوردنا اتصفت بالدفء المستمر مع السعودية وممثليها في المعارضة السورية، لكن أحداً لم يكن يتوقع أن يصل هذا الدفء لدرجة إصدار فيلق الشام لبيان يعلن فيه عن استعداده لتقديم ألفي مقاتل للقتال في اليمن لصالح السعودية!!
من ناحية أخرى يقدر عديد فيلق الشام ما بين ٧ إلى ٩ آلاف مقاتل في أحسن الظروف، وارسال ٢٠٠٠ من مقاتليها إلى اليمن يعني استغنائها عن ربع عديدها في سوريا، في حين أن هناك جماعات مسلحة أخرى محسوبة على السعودية كجيش الاسلام، الذي يرأسه زهران علوش ويقدر عدد مقاتليه بحوالي ٣٠ ألف مقاتل، لم يقدم على هكذا خطوة. فيما يبدو أن هذا الأمر مدروس بعناية كون فيلق الشام يحظى بقبول أوسع من الغرب وأمریکا، الأمر الذي يشير إلى أن هذه الخطوة لـ “فيلق الشام” لم تأت بمبادرة ذاتية، إنما جاءت بموجب طبخة اقليمية معدة في هذا الخصوص.
يبقى أن تعلم هذه الجماعة الارهابية ومن وراءها السعودية وأمريكا، بأن الشعب اليمني ليس لقمة سائغة، ولا يمكن له أن يقبل بدخول قوات غازية إلى بلاده، وتاريخ اليمن شاهد على ذلك.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق