التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

قضیة إعدام مرسی: قراءة فی الدلالات والتوقیت 

 شكلت قضية إحالة أوراق الرئيس المصري السابق وعدد من قيادات الإخوان المسلمين للقضاء المصري، أحد الأمور التي شغلت الرأي العام المصري والعربي والإعلامي. ولعل الطابع العام كان الإستنكار لمثل هذا القرار، بغض النظر عن الرأي تجاه الإخوان أو مرسي. فالجميع اعتبر القرار مسيساً ولديه الكثير من الأهداف المبطنة. فماذا في القرار المصري؟ وكيف يمكن قراءة دلالاته؟

أولاً: حكم الإعدام:

أصدرت محكمة جنايات القاهرة، السبت، قراراً بإحالة ١٢٢ قيادياً من جماعة “الإخوان المسلمين” بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي والمرشد العام لجماعة “الإخوان المسلمين” محمد بديع وغيره من قيادات الجماعة إلى المفتي. ويُعتبر مرسي أول رئيس مصري تحال أوراقه إلى المفتي لإستطلاع الرأي الشرعي في إعدامه. وقلّل ابن الرئيس المعزول اسامة مرسي من أهمية الأحكام الصادرة، محرّضاً، في تصريح مقتضب عبر صفحته على موقع “فايسبوك” عناصر “الإخوان المسلمين” على التصعيد. على صعيد آخر أبدت حركة حماس أسفها تجاه قرار محكمة مصرية بإحالة عدد من أعضائها إلى المفتي. وقال المتحدث الرسمي باسم الحركة سامي أبو زهري، في تصريح خاص لوكالة “الأناضول”، إن “القضية مسيّسة، والحكم نقطة سيئة في سجل القضاء المصري، حيث تمّ الحكم على مقاومين، بينهم شهداء وأسرى”. كما وأدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صدور قرار بالإعدام على “الرئيس المنتخب في مصر بنسبة ٥٢ في المئة من الأصوات محمد مرسي”، مبدياً أسفه لأن الغرب ما زال “يُحجم عن اتخاذ موقف إزاء السيسي الإنقلابي، ففيما يلغي (الغرب) عقوبة الإعدام لديه، مازال يقف موقف المتفرّج على قرارات الإعدام هذه في مصر ولا يتخذ أي إجراء بهذا الخصوص” بحسب تعبيره. فيما وصفت منظمة “العفو الدولية” القرار بأنه “تمثيلية تستند إلى إجراءات باطلة”.

وكانت قد أحالت المحكمة أوراق الرئيس المعزول محمد مرسي، وآخرين، إلى المفتي في قضيتي وادى النضرون واقتحام السجون خلال ثورة ٢٥ يناير. ويعتبر القرار، يمثل حكماً أولياً، ويخضع للمراجعة من قبل مفتى الجمهورية، ورأيه غير ملزم من الناحية القانونية، لكن عادة ما تتبناه المحكمة، وسيصدر الحكم النهائي بناء على رأى المفتي في الثاني من يونيو المقبل. وفي حل تمت الموافقة على الحكم، فإن مرسي الذي أطيح به عام ٢٠١٣ سيصبح أول رئيس مصري يحكم عليه بالإعدام.

ثانياً: قراءة في الدلالات:

لا شك أن القرار المصري قرارٌ يحتاج للوقوف عنده وبالتالي فلا بد من تبيان التالي:

–         بغض النظر إذا كنا نتفق أو نختلف مع الأطراف المعنية بالقرار المصري، فإن توقيت القرار هو من الأمور التي يجب الإلتفات لها. فالعالم اليوم مشغولٌ بالمشهد اليمني والسوري. وهو الأمر الذي لا شك أن القيادة المصرية اغتنمته، للتعبير عن عددٍ من المسائل.

–         وهنا يمكن إعتبار القرار المصري خطوة إعلانية من قبل النظام المصري الحاكم الذي يستخدم القضاء لإظهار موقف متشدد ومتصلب تجاه حركة الإخوان المسلمين، والتي تشكل بالنسبة له تهديدا استراتيجياً. ومن خلال التجربة يمكن القول انه وعلى الرغم من أحكام الإعدام التي صدرت منذ الإطاحة بمحمد مرسي في يونيو ٢٠١٣ إلا أن القضاء المصري لم يسارع بتنفيذها، فهو يدرك أن تنفيذها من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل عكسي يأتي في شكل اضطرابات وأعمال شغب بالشوارع.

–         ويبدو أن الرئيس السيسي إستطاع إيصال رسالةٍ مفادها أن شعبية الإخوان المسلمين تراجعت ولم يعد تلك الأرضية التي كانت تشكل حاضنةً لهم. فلقد أوضح مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية يوم الأحد، أن أمريكا تشعر بقلق عميق من قرار محكمة مصرية إحالة أوراق الرئيس السابق محمد مرسي للمفتي تمهيداً للحكم بإعدامه. في وقتٍ أعلنت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية عن تقدمها بـ “شكوى عاجلة” إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمقرر الخاص بالقتل خارج إطار القانون بالمنظمة الدولية، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بشأن إحالة مرسي وأكثر من مائة آخرين إلى المفتي للتصديق على قرار إعدامهم في قضية سجن وادي النطرون، وإحالة أوراقه مع آخرين للمفتي في قضية التخابر مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

–         كما لا بد من الإشارة الى أنه ومنذ إحالة حكم الإعدام ظهرت على مواقع التواصل الإجتماعي العديد من المواقف المستنكرة والتي نبهت لمخاطر ردات الفعل. محذرةً من أن هذا القرار قد يؤدي في حال تطبيقه أو المضي به قدماً، نحو العنف والحرب الأهلية المصرية.

لا شك أن القرار سيحدث ضجةً في الداخل المصري وإن كانت الأمور ما تزال هادئة حتى الآن. لكن محاولة استعراض العضلات من القيادة المصرية، قد لا تكون محسوبة العواقب، لأن التطورات محكومة بالأيام المقبلة وردات الفعل. كما أن استخدام القضاء من أجل الإقصاء السياسي هو من الأمور الخطيرة في حال أصبحت سياسة معتمدة، وإن لم يكن هذا ببعيد عن الأنظمة العربية وأسلوبها. لكن السؤال اليوم هو كيف ستتطور الأمور على الساحة المصرية؟ وهل سيكون للرأي العام العربي والدولي المستنكر تأثيرٌ ما؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق