هل ترأس السعودیة مجلس حقوق الإنسان؟
يرأس مجلس حقوق الإنسان للدورة الحالية التي شارفت على الإنتهاء الألماني يواكيم روكر، وهو الذي يحظى بالإجماع لما يتحلى به من صفات إيجابية إن كان على مستوى المناقب أو الإلتزام. وبناء على القانون المرعي الإجراء والذي ينص على تداول المناصب، فإن الرئيس المقبل يجب أن يكون آسيويا. وكما هو معلوم فالمجموعة الآسيوية تضم ثلاث عشرة دولة (السعودية، الصين، الهند، الإمارات العربية المتحدة، إندونيسيا، فيتنام، قطر، كوريا، باكستان، اليابان، جزر الملديف، كازاخستان، بنغلادش).
في الأسابيع القليلة المتبقية، تسعى السعودية بقوة لإقناع بقية المجموعة بتعيينها. وهو ما يثير مجموعة من التساؤلات والإنتقادات، والملاحظ أن السعودية لديها فرصة متاحة للنجاح، فالمعركة ستكون ضيقة ومحصورة للغاية، ففي الأصل لا يوجد من عائق أمام السعودية لرئاسة مجلس حقوق الإنسان، فلها عضوية كاملة، وانتخبت لولاية قابلة للتجديد لمدة ثلاث سنوات من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة. لكن هناك حرج كبير بين الدبلوماسيين وخوف وعدم ارتياح بين المنظمات غير الحكومية وغضب بين الناشطين في مجال حقوق الإنسان، مع وجود محاولة اوروبية لثني أعضاء المجموعة الآسيوية عن هذا الاختيار لإعتبارات عديدة.
بواعث القلق لدى الناشطين في مجال حقوق الإنسان:
أجريت في الأيام القليلة الماضية الكثير من التقيیمات للدول التي تنوي الترشح لمنصب رئاسة مجلس حقوق الإنسان، وقد جاءت التقیيمات التي أجريت بخصوص السعودية لتجمع على مجموعة نقاط تحت عنوان عوائق أمام ترشح السعودية لهكذا منصب، وفي إجمال لهذه التقیيمات يمكن ذكر التالي:
١ – كانت السعودية واحدة من ثمانية بلدان لم توقع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عندما اعتمد سنة ١٩٤٨. واليوم، لا تزال العائلة المالكة في السعودية تمارس العدالة بطريقة سريعة جدا وبعيدة عن المعايير الديمقراطية المجمع عليها.
٢ – إن عضوية أي بلد في مجلس حقوق الإنسان تتطلب تنفيذ توصياته وفي طليعتها احترام حقوق الإنسان وإصلاح النظام القضائي بما يتماشى مع المعايير الدولية.
٣ – أخفقت السعودیة في إحداث أي تغيیر جوهري رغم وعود الإصلاح التي أطلقتها منذ وقت طويل، وأيضا إخفاقها في مراعاة التوصيات الواردة في آخر استعراض أجراه لها مجلس حقوق الإنسان، في فبراير/شباط ٢٠٠٩، إلا أنها ترفض مثل تلك الدعوات بذريعة أنها تجاوز على سيادتها وتدخل في شؤونها الداخلية. والسعودية لا تكتفي بانتهاك حقوق الإنسان بل تدافع عن انتهاكاتها أیضاً.
٤ – نظام العدالة الجنائي والذي يحتاج إلى المزيد من التعديلات، بالإضافة إلى الجوانب التمييزية في نظام الكفالة للعمال الأجانب الذي يعرضهم لانتهاكات تشمل التشغيل الجبري.
٥ – السجل الخاص بالسعودية من حيث قمع المعارضين السياسيين وزجهم في السجون، وعدم الإستماع إلى آرائهم، أثار موجة تساؤلات حادة حول جدارتها بعضوية مجلس حقوق الإنسان، إذ يتعين على السعودية اتخاذ خطوات ملموسة قبل انتخابات المجلس، كي تظهر استعدادها لتحسين سجلها الحقوقي، بما في ذلك الإفراج عن النشطاء المسجونين.
لماذا تبذل السعودية كل هذا الجهد:
بالرغم من كل هذه الإنتقادات التي توجه إلى السعودية، يبرز السؤال البارز في السبب الذي تسعى من أجله السعودية للحصول على رئاسة مجلس حقوق الإنسان، وفي إجابة على هذا السؤال يمكن تسجيل مجموعة من النقاط كالتالي:
١ – أمام كل الإنتقادات التي توجه إلى السعودية من قبل حكومات الدول، أو منظمات حقوق الإنسان، وفي سعي لتحسين صورتها وبدلا من أن تقوم بالإستجابة إلى تلك المطالب، لجأت اليوم في مسعى منها لإقناع الدول الأخرى بأحقيتها في استلام هذا المنصب كردة فعل خاطئة.
٢ – الحرب على اليمن ودعم الجماعات المسلحة في كل من العراق وسوريا وغيرهما، قوض فعالية السعودية في علاقتها مع دول الجوار والدول الكبرى، وفي سعي منها للخروج من هذه الضغوطات، تصر اليوم على الترشح لهذا المنصب.
٣ – السياسة التي تتبعها مع المعارضة الداخلية، واصرارها على عدم إحداث تغيیر داخلي، أعطى صورة وانطباع لدى الرأي العام الداخلي والخارجي بطبيعة السياسة والعقلية التي تدير بها العائلة الحاكمة أمور البلاد، وهو ما نتج عنها الكثير من الإستنكارات الدولية الرسمية والشعبیة، وتنظيم المظاهرات في كثير من البلدان. وفي خطوة منها لتغيير هذه الصورة والإنطباع، تصر على كونها أحد أهم الفاعلين والناشطين في مجال حقوق الإنسان.
مواقف وردود فعل:
١ – قالت المتحدثة باسم منظمة العفو الدولية، إن هذا لا يعقل! وأضافت أن المثير للسخرية تماما أن بلدا يدوس دون مبالاة على حقوق الإنسان من خلال ممارسة عمليات إعدام قاسية… يطمع لتحمل مسؤولية تعزيز وحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
٢ – قال جون فيشر، مدير مكتب جنيف لهيومن رايتس ووتش، لدي أمل أن أرى مرشحين في المستوى يقطعون الطريق أمام التمسك المحموم للسعودية بهذا المنصب. فمن الضروري أن تقدم المجموعة الآسيوية مرشحا ذا مصداقية لتمثيلهم.
تبقى الأسابيع القادمة هي التي ستحكي عن ضمير المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي، والكلمة الأقوى والفصل تبقى لضمائر الشعوب اليقظة.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق