التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, سبتمبر 19, 2024

ما هي التكلفة الباهظة للعدوان السعودي والتي لم تكن ضمن حسابات آل سعود؟! 

انتهت الهدنة الانسانية التي استمرت ٥ أيام كأول هدنة منذ بدء العدوان السعودي-الأمريكي على اليمن، من دون علامات توحي بتمديدها كما دعت إلیه العديد من المنظمات الانسانية لفجاعة الوضع الانساني في اليمن. وتشير المعطيات الحالية الى استئناف العدوان الذي بدأ قبل حوالي الشهرين، وراح ضحيته آلاف الشهداء والجرحى وتدمير البنى التحتية لليمن، دون أن يحقق أياً من أهدافه المعلنة ابان بدء العدوان.

استمرار السعودية عدوانها على اليمن ليس دليلاً على اقترابها من تحقيق أهدافها، فقد بات واضحا عدم جدوى هذا العدوان، كما تيقنت السعودية ومن خلفها بأنهم أصبحوا بين نارين: فاما الاستمرار بالحرب وهذا بات مستحيلا لما له من تبعات كارثية، واما الانسحاب ووقف العدوان دون تحقيق ولو انجاز واحد لتسجيل نصر اعلامي على الأقل يحفظ لها ما تبقى من ماء وجهها أمام حلفائها قبل الخصوم. 

تداعيات الحرب على السعودية كما أصبح واضحا وملموسا باتت تشكل خطرا على دورها الاقليمي والعالمي كممثل للعرب والمسلمين كما أرادت أن تظهر نفسها، كما أن تلك التداعيات سوف تترك أثرها أيضا على الداخل السعودي الذي يمر حاليا بمرحلة بالغة الحساسية على أحسن تقدير. 

على الصعيد الداخلي: 

– تواجه السعودية مخاطر نفوذ التنظيمات الارهابية الى أراضيها ان كان من اليمن أو العراق أو الأردن حيث تشهد هذه البلدان نشاطا ملحوظا للارهابيين، كما تواجه السعودية الى جانب ذلك خطر الخلايا النائمة في الداخل والتي تحمل الفكر التكفيري الوهابي. 

– ازدادت مشاعر الغضب لدى السعودي، على ما تؤكده معلومات من داخل السعودية رغم عدم وجود تحركات احتجاجية تذكر بفعل الرقابة الصارمة من قبل القوات الأمنية، فقد رأى الشعب السعودي استعداد بلاده لصرف مئات المليارات لدعم الارهاب والحرب ضد الشعب اليمني فيما يعيش قسم كبير من الشعب السعودي تحت خط الفقر دون مأوى في ظل ارتفاع دائم في معدلات البطالة وصل الى حدود قياسية. 

– داخليا أيضا، ما تزال الأوضاع داخل الأسرة الحاكمة موضع جدل رغم التعتيم الاعلامي الحاصل، الا أن تلك الخلافات ما عادت لتخفى على أحد خصوصا بعد الحرب التي عارضها الكثیر من أمراء آل سعود. 

على الصعيد الإقلیمي  

يمكن ذكر بعض النتائج المترتبة على العدوان السعودي على اليمن علی النحو التالي: 

– بعد أن بدأ العدوان السعودي يأخذ طابعا اجراميا، توحد اليمنيون حول العداء والوقوف ضد هذا العدوان حيث حمل أكثرهم السلاح تطوعا لمواجهته، و قد برز هذا الأمر بعد توغل عدد من القبائل اليمنية داخل مواقع حدودية سعودية والاشتباك مع عناصر الجيش السعودي. وهذه القبائل ما كانت لتحمل السلاح ضد السعودية لو تم تحیید المدنيین عن المعركة.

– يسود القلق من جانب حلفاء السعودية المشاركين في الحرب، فهم من جهة لا يريدون الاستمرار بالحرب لما لها من تكاليف باهظة من دون مقابل، ومن جهة أخرى يصعب عليهم الانسحاب من الحلف دون رضى السعودية بذلك، على غرار ما فعلته قطر. 

– تزداد مشاعر الكراهية للنظام السعودي في العالم العربي بفعل السلوك الاجرامي ضد دولة عربية أخرى، ورغم المليارات التي تنفقها السعودية لتلميع صورتها وتصويرها على أنها “مملكة الخير” الا أنها نسفت محاولاتها تلك عندما دخلت في المستنقع اليمني.  

على الصعيد العالمي:   

– لقد برز قلق دولي من التصرفات غير المسؤولة في السياسة الخارجية السعودية، فمنذ بداية الثمانينات الى يومنا هذا، من أفغانستان حيث شكل الفكر الوهابي السعودي الحاضن الأبرز والقاعدة الايديولوجية التي نشأ عليها تنظيم القاعدة، كما كان المال السعودي العامل الأبرز لتوسع نشاطات هذا التنظيم الارهابي على امتداد العالم. وفي العراق بعد سقوط نظام البعث العراقي، عملت السعودية على تغذية التطرف ودعمه عقائديا وماديا وسهلت تدفق المسلحين الى العراق ورعت تشكيل تنظيم داعش الإرهابي في العراق، وصولا الى سوريا حيث كانت السعودية وما زالت الداعم الأول للجماعات المسلحة فيها . واليوم أیضاً تدعم الحكومة السعودية كلاً من تنظيم داعش الارهابي وتنظيم القاعدة في اليمن بشكل واضح كبديل عن القبائل اليمنية التي فشلت في تحريضها علی مواجهة حركة أنصار الله، الأمر الذي ينظر اليه الأمريكيون والأوروبيون باستغراب كون المتضرر الأكبر من هذا الدعم ستكون السعودية نفسها في المرحلة المقبلة.

– ترك العدوان السعودي أثرا بالغا على مكانة السعودية الاستراتيجية فضرب بقوة الدور السعودي في مستقبل تحديات المنطقة والعالم، كلاعب وشريك أساسي للدول الأوروبية الكبرى وأمريكا. فقد برهنت السعودية من خلال سلوكها خلال العدوان وقبله بأنها غير مسؤولة كما كان يتوقع، وقد بدا ذلك واضحا من خلال الاتفاق النووي مع ايران سعيا من أمريكا والغرب للبحث عن شركاء محتملين لضمان مصالحهم في المنطقة كنوع من فك الارتباط التدريجي مع السعودية. 

الاستمرار بالحرب لا شك بأنه أمر صعب، بل أصبح مستحيلا بعد الأصوات المعارضة المطالبة بوقف فوري للمجازر والدمار واستحالة تحقيق أي هدف من خلالها، لكن وقف العدوان من دون تحقيق ولو هدف واحد لتسجيل نصر اعلامي أكثر صعوبة، حيث أن الحليف والعدو ينتظران معا قراءة النتائج النهائية للعدوان، ورغم أن الكرة ليست في ملعبها، الا أن قواعد اللعبة تجبر السعودية على نقل حجرها الى مكان آخر، وهي بالطبع وإن أنكرت، راضية بأقل الخسائر وحذرة كل الحذر من خطوات أخرى غير محسوبة توصلها لسماع كلمة “كش ملك ” .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق