التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, سبتمبر 19, 2024

محاكمة الوزير سماحة من القضاء الي السياسة 

عادت قضية الوزير ميشال سماحة الى التداول من جديد بعد نطق الحكم في المحكمة العسكرية والذي قضى بسجنه مدة أربعة سنوات ونصف وتجريده من كافة حقوقه المدنية. وفور صدور الحكم سارع كثيرون من صقور ١٤ اذار الى نقده وشن حملة شعواء على المحكمة وصلت مع بعضهم الى المطالبة بإلغاء المحكمة. ولكن لماذا شن هؤلاء تلك الحملة وماذا يوجد في كواليس القضية؟

منذ أن تم القبض على الوزير السابق میشال سماحة في بيروت ٢٠١٢ بتهمة نقل متفجرات من سوريا الى لبنان، احتدمت الصراعات السياسية بين الأقطاب اللبنانية على خلفية تلك القضية، فبقيت القضية بين يدي القضاء العسكري حتى تاريخ الحكم، مع ما اعترى هذه القضية من مخالفات قانونية خاصة فيما يتعلق بالمخبر ميلاد كفوري الذي ورط ميشال سماحة وعدم مثوله أمام القضاء.

كيف ورط ميلاد كفوري الوزير ميشال سماحة؟

كانت معرفة الوزير ميشال سماحة بميلاد كفوري قد حدثت منذ عام ١٩٩٢ فميلاد كان يتردد على سماحة بصفته ابن منطقته، وفهم الأخير منه أنه كان في عداد جهاز أمن القوات اللبنانية وله نشاطات وعلاقات مع أجهزة مخابرات في البلد. وكان يملك شركة أمنية تتولى حماية الـABC  وكان يأتي له بمعلومات غير مهمة، بعد ذلك عمل كمسؤول أمني عند موريس فاضل، ثم انتقل إلی الوزير السابق محمد الصفدي حيث كان يشكو من أنه لم يستطع ترؤس جهاز أمنه الشخصي بسبب تقدمه في السن وعدم حيازته شهادات علمية.

وبحسب سماحة فقد ألح عليه كفوري كثيرا طالباً خدماته لمساعدة أشخاص تعرف عليهم خلال عمله عند الصفدي كي يجني بعض الأموال، فما كان من سماحة الا ان اتصل بكفوري لاحقاً مخبراً اياه بأنه حصل على المتفجرات بناء على طلب كفوري الذي طالب مقابل تلك العملية ٢٠٠,٠٠٠$، في هذه الأثناء كان فرع المعلومات الذي يدير كفوري يسجل اللقاءات بينهما عبر كاميرة مخفية لدى كفوري، مستدرجاً اياه الى مزيد من المعلومات وأهداف التفجير وأماكنها، حتى كمية المتفجرات ونوعيتها تم تعيينها من قبل ميلاد كفوري وجهاز المعلومات، والملاحظ انه خلال تسليم كفوري ورقة تتضمن المتطلبات المراد نقلها افاد سماحة ان كفوري بالكاد كان يستطيع قراءتها مما يعني ان هناك من كان يديره ويريد توريط سماحة في الوقت نفسه، وبعدها بحسب سماحة ذهب الى سوريا وأعطى الورقة الى أحد الضباط المقربين من اللواء علي المملوك للإستحصال على البضاعة وهذا ما حصل، بعدها عاد الى لبنان برفقة اللواء جميل السيد، حيث اتصل بكفوري عبر مديرة مكتبه الذي كان بدوره يعد كاميرات المراقبة لتسجيل تسليم البضاعة بالتعاون مع فرع المعلومات، بعدها نجح كفوري بتوريطه وتسجيل عملية التسليم ليتم القاء القبض عليه بعد فترة من قبل فرع المعلومات في بيروت.

القضية بين السياسة والقضاء

اللافت في القضية من الناحية القانونية هو أولاً إخفاء الشاهد الوحيد ميلاد كفوري والذي كان موجوداً في لبنان منذ فترة طويلة بعد أن غادره لمدة قصيرة إثر توقيف سماحة. وبرغم وجوده، لم يُستدع للإدلاء بشهادته. فهو لا يزال يحظى بحماية من النيابة العامة التمييزية بصفته مخبراً ممنوع الكشف عن هويته. هذا من جهة واما من جهة اخرى فهناك تسريب لمعلومات عن التحقيق خاصة الشرائط المسجلة عن العملية.

ولذلك لابد من الإضاءة على بعض الأمور السياسية والقضائية فيما حدث بعد النطق بالحكم وشن الحملة الشعواء على المحكمة العسكرية من قبل ١٤ اذار.

 اولاً: في الشكل حیث جاءت المحاكمة مبنية على مضبطة اتهام اعترف بها سماحة، قائمة على نقل السلاح من أجل زعزعة الأمن وعدم وجود نية جرمية، مما أدى الى تخفيف الحكم أربع سنوات وتجريده من حقوقه المدنية.

 ثانياً: عندما كانت تصدر المحكمة العسكرية أحكاماً مخففة بحق العملاء لم تُسمع اصوات الاذاريين ولم يشنوا حملات على المحكمة او على القاضية انذاك “شبطيني” مما يؤكد أنهم يشنون حملات سياسية لا علاقة لها بالقانون خاصةً من قبل وزير العدل اشرف ريفي .

 ثالثاً: وجود إتجاه لنقل الجزء المتعلق بسوريا في ملف القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهذا ما قد يؤزم الوضع السياسي أكثر في لبنان.

 رابعاً: منذ لحظة إعتقاله لم يصدر عن قوى ٨ اذار أي رد فعل، بل تركوا القضية للقضاء العسكري ولم يتدخل هذا الفريق في مجريات القضية، على عكس الفريق الآخر الذي أخفى الشاهد وحقّر المحكمة، بالإضافة الى نشر تسجيلات فيديو عن عملية الإستدراج والإعتقال من قبل وزير العدل وذلك من أجل تأزيم الوضع الداخلي والدفع الى فتنة داخلية، وللتغطية على معارك القلمون التي مُني  فيها الارهاب بخسارة فادحة.

 خامساً: اللافت في الموضوع أن المعركة ضد المحكمة العسكرية التي خيضت في ساحة الشهداء، مجندوها أهالي الموقوفين الاسلاميين في روميه، أو الأصح بعضهم. أما القائد فالنائب المستقيل أو المقال من كتلة المستقبل خالد الضاهر. وفي الصورة المرفوعة جمعت صور محكومين من العسكرية مع علي مملوك ورفعت عيد. لكن غاب عنها محكومون آخرون من المحكمة نفسها أمثال عمر بكري فستق ووسام الصباغ المحكومين بثلاث سنوات وسنتين بقضايا إرهاب أيضاً. وفي المضمون، أهالي موقوفين اسلاميين في روميه يطالبون بالغاء العسكرية علماً ان كثيرين من أبنائهم يحاكمون أمام المجلس العدلي لا العسكرية.

 سادساً: تعامل قوى ١٤ وتيار المستقبل تحديداً بإستنسابية مع موضوع السلاح، الذي أثبتت التحقيقات مع موقوفي الشمال ضلوع مسؤول تيار المستقبل “عميد حمود” الذي كان يمول ويسلح سعد المصري وزياد علوكي في احداث طرابلس والذي تم تهريبه الى تركيا.

 اذاً فان قضية المحكمة العسكرية سياسية بإمتياز، وتحمل بين طياتها الكثير من التساؤلات حول التوقيت والغاية في ظل الإحباط داخل اوساط السياديين الجدد(١٤ اذار) من جراء عملية القلمون والانتكاسات السياسية السعودية في المنطقة.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق