التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

الفاتيكان يعترف بدولة فلسطين … فما هي النتائج والتحديات ؟ 

تزامن إحياء الشعب الفلسطيني وأحرار العالم للذكرى السابعة والستين للنكبة الفلسطينية وقيام الكيان الإسرائيلي الغاصب، مع إعلان الفاتيكان الاتفاق مع الجانب الفلسطيني على نص اتفاقية يعترف من خلالها بدولة فلسطين بشکل رسمي.

وأعلن الفاتيكان الأربعاء الماضي عن انتهائه من تنظيم اتفاقية جديدة يتم بناءً عليها نقل العلاقات الدبلوماسية لـ “الكرسي الرسولي” مع منظمة التحرير الفلسطينية إلى دولة فلسطين. وقال المتحدث باسم الفاتيكان فديريكو لومباردي لوكالة “فرانس برس”، إنه “من الواضح جداً أن الكرسي الرسولي يعتبر فلسطين كدولة فلسطين.. وهذا أمرٌ جديد ويعبر عنه للمرة الأولى لمناسبة الاتفاق”. لكنه أكد قائلاً: “اعترفنا بدولة فلسطين منذ أن نالت الاعتراف من الأمم المتحدة وهي من قبل مسجلة باسم دولة فلسطين في كتابنا السنوي الرسمي “. 

الفاتیکان من خلال اعترافه بدولة فلسطين يكون بذلك الدولة رقم ١٣٦ التي تعترف بفلسطين، بعد أن كانت السويد قد اعترفت بدولة فلسطين بشكل رسمي نهاية العام الماضي، الأمر الذي أثار سخط الكيان الإسرائيلي وخلق أزمة دبلوماسية بينه وبين الحكومة السويدية. 

ومن الجدير بالذكر أن الفاتيكان یستخدم عبارة “دولة فلسطين” في وثائقه الرسمية منذ شباط العام ٢٠١٣، إثر قبول فلسطين كدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة في تشرين الثاني عام ٢٠١٢. 

ردود فعل متفاوتة:

لاقى إعلان الفاتيكان اعترافه بدولة فلسطين بشكل رسمي ردود فعل متفاوتة، ففي الوقت الذي جن جنون الكيان الإسرائيلي من هذا الإعلان واعتبره مخيباً للآمال، لاقى قرار الفاتيكان ترحيب الأحزاب والحركات الفلسطينية، ورأت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة  التحرير  الفلسطينية حنان عشراوي في قرار الفاتيكان “تطوراً إيجابياً كبيراً على المستويات السياسية والإنسانية والأخلاقية والقانونية “.  وتوقعت أن تسهم هذه الخطوة في فتح “حقبة جديدة يرى فيها العالم فلسطين كدولة وكشعب يقرر مصيره ويسود على أرضه “. 

أمريكا التي كانت هددت باستخدام حق النقض “الفيتو” ضد أي محاولة من قبل الفلسطينیين لنيل اعتراف مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية، رفضت التعليق على قرار الفاتيكان، وقال المتحدث باسم الخارجیة الأمريكية جيف راثكي: “إن موقف واشنطن بهذا الشأن معروف وهو أن حل الدولتين هو أفضل وسيلة لإنهاء الصراع”.

لماذا قام الفاتيكان بهذه الخطوة في هذا الوقت بالذات؟ 

في تزامن إعلان الفاتيكان اعترافه بدولة فلسطين بشكل رسمي مع ذكرى احتلال فلسطين ويوم النكبة، دلالاتٌ كبيرة ليس أقلها رسالة قوية لحكومة الاحتلال الإسرائيلي تفيد بعدم رضا الفاتيكان على السياسة العنصرية التي ينتهجها هذا الكيان في حق الشعب الفلسطيني، ولربما تكون تصريحات رئيس وزراء الکیان الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلال حملته الانتخابية والتي تعهد خلالها بالحفاظ على القدس “عاصمة أبدية للشعب اليهودي”، وعدم السماح بإقامة دولة فلسطينية في حال فوزه بالانتخابات التشريعية، الدافع الأساسي الذي حذا بالفاتيكان إلى خطو هذه الخطوة. ففي ظل هذه الحكومة الإسرائيلیة أصبح احتمال التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية عن طريق المفاوضات أشبه بالخيال منه بالواقع.

ولکن ماذا يعني الاعتراف بدولة فلسطين بشكل رسمي:

يُعرِّف معهد القانون الدولي الاعتراف بالدولة بأنه “عمل تُقر بمقتضاه دولة أو مجموعة من الدول بتنظيم سياسي في إقليم معين قادر على الوفاء بالتزاماته وفقاً لقواعد القانون الدولي”، وبشكل عام الاعتراف بالدولة هو التسليم من جانب الدول القائمة بوجود هذه الدولة وقبولها كعضو في الجماعة الدولية.

وتکمن أهمية الاعتراف الدولي بدولة فلسطين في آثار هذا الاعتراف على القضية الفلسطينية، إذ من شأن هذا الاعتراف تقوية موقف الفلسطينيین وتسليط  الضوء على معاناتهم، وعندما تقوم دولة ما بالاعتراف بدولة فلسطين فإنها تقر في الوقت ذاته بكون الشعب الفلسطيني شعباً تحت الاحتلال، وعليها في هذه الحالة دعم نضال هذا الشعب لنيل استقلاله وحريته، وتقديم كل ما من شأنه توفير مقومات العيش الكريم وتنمية الثروات للبلد، وإيصال المساعدات له دون التدخل من قبل دولة الاحتلال.

كما أن هذا الاعتراف يضع الكيان الإسرائيلي وأمريكا في مأزق حقيقي، ففي الوقت الذي تتجه فيه دول العالم نحو دعم القضية الفلسطينية والاعتراف بدولة فلسطين كسبيل لدعم الفلسطينيین لاسترداد حقوقهم، نرى أمريكا مازالت مصرة على دعمها الأعمى لحليفها الکیان الاسرائيلي غير آبهة بمظلومية الشعب الفلسطيني ومعاناته المستمرة منذ ستة عقود ونيف.

إن اعتراف الفاتيكان باعتباره مرجعية دينية رسمية لأكثر من مليار مسيحي في العالم، له بالغ الأثر على نضال الشعب الفلسطيني وتوجيه بوصلة العالم أجمع إلى فلسطين باعتبارها أرضاً مقدسة عند جميع الأديان السماوية، كما ستسهم هذه الخطوة في حث دول أخرى وخصوصاً الأوروبية منها إلى اتخاذ إجراء مماثل، لتقوم هي الأخرى بالاعتراف بدولة فلسطين وممارسة مزيد من الضغوط على الكيان الغاصب للقدس.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق