معاناة مسلمي الروهينغا في مخيمات الموت التايلندية
“الروهينغا” اسمٌ وان كان مألوفاً للبعض فإنه يبقى غريباً بعض الشيء للكثيرين من الذين لم يسمعوا بشدة المعاناة وألم الإضطهاد، فالروهينغا اسمٌ لجماعة مسلمة تعيش في ولاية “أراكان” غرب ميانمار وتعد الأقلية الأكثر إضطهادا في العالم اذ جُرّدوا من مواطنتهم فلا يسمح لهم بالسفر دون إذن رسمي ومنعوا من امتلاك الأراضي وطلب منهم التوقيع بالالتزام بأن لا يكون لهم أكثر من طفلين اضافة الى العنف وعمليات القتل التي تعرضوا لها من قبل البوذيين، وهذا ما دفعهم الى اللجوء الى الدول المجاورة حيث بدأ هناك فصلٌ جديد من حكاية المعاناة.
الدول التي يختارها مهاجرو الروهينغا تقتصر على الدول المجاورة كإندونيسيا وبنغلادش وتايلند حيث يركب المهاجرون قوارب الموت التي غالبا ما تودي بحياة الكثير منهم غرقاً أو جوعاً فالدول المجاورة غالبا ما ترفض استقبالهم كما حصل مؤخرا حيث رفضت تايلند استقبال زورق يقل ٣٥٠ مهاجر فظلوا نحو أسبوع في عرض البحر دون طعام أو شراب، ما أسفر عن وفاة عشرة أشخاص رُميت جثثهم في البحر، هذا ويؤكد الناشط من الروهينغا عبدالله أن مهربي البشر يحصلون على ٢٠٠٠ دولار لنقل الشخص، وهو مبلغ ضخم بالنظر إلى أن ٥٠٠ شخص يصلون في قارب واحد.
المعاناة لا تقتصر على اجتياز أمواج البحر فمن وصلوا الى تايلند يعرفون نوعاً آخر من المعاناة وقصة جديدة من الألم فتايلند التي تحوي ما يقرب ١١١,٠٠٠ لاجئ يقيمون في تسع مخيمات تتواجد في الغابات على طول حدود ميانمار مع تايلاند والتي لا تشعر بالارتياح تجاه اللاجئين. فلقد ظهرت أدلة سنة ٢٠٠٩ على قيام الجيش التايلاندي بارسال سفينة تحمل ١٩٠ لاجئ تم طردهم إلى البحر، حيث روى اللاجئون بعد أن أنقذتهم إندونيسيا قصصاً مروعة حيث تعرضوا للضرب والتعذيب على يد الجيش التايلاندي قبل أن يرسلهم الى البحر.
أما الذين وصلوا الى تايلند فانهم يتعرضون الى مجازر جماعية يرتكبها تجار البشر حيث أعلنت الحكومة التايلندية هذا العام اكتشافها مقابر جماعية في إقليم سونغلا، تحوي أكثر من خمسين جثة لمسلمي الروهينغا وهذا ما أدانه “وقارالدين بن مسيع” المدير العام لاتحاد روهينغا أراكان حيث قال “إن ما اكتشف من مقابر جماعية يمثل صورة مخزية للإنسانية جمعاء، وفصلا من فصول الإبادة الجماعية في حق الأقلية الروهينغية”.
ومن ممارسات تجار البشر التايلنديين أنهم يختطفون المهاجرين لطلب الفدية وتروي “نور أنكيس” قصتها هي وزوجها حيث دفعا ١٢٠٠ دولار للهرب الى تايلند ولكن عند وصولهما إلى الشواطئ التايلندية اقتيدا إلى مخيم في عمق الغابة الجبلية حيث احتـُجزوا من أجل الحصول على فدية وكان في المخيم ما بين ٢٠٠٠ و٣٠٠٠ شخص يحرسهم نحو ١٥ شخصا نصفهم تقريبا يحملون أسلحة وبعد شهرين دفعت أسرتها فديتها، وبقي زوجها مختطفاً.
هذا ويتعرض المختطفون من الروهينغا للتعذيب والحرمان من الطعام، ومن يمت منهم يدفن في المقابر الجماعية، و”محب الله” من بين اولئك الذين ذاقوا التعذيب لعدم تمكنه من دفع الفدية ويقول “ضربوني أكثر من عشر مرات، أصيب بعضنا بالشلل ومات آخرون، كنا نشعر بأننا في الجحيم تمنيت أن أموت”، وإذا لم يستطع الأهل دفع الفدية يبيع التجار أفراد الروهينغا عبيدا مقابل ١٥٠٠ دولار، أضف الى استغلال النساء في تجارة الجنس، وهو ما حدث في المخيم الذي احتجزت فيه نور لتكتشف أن كثيرا تم بيعهن.
هذا ويؤكد محب الله أنه في المخيم الذي احتـُجـِز فيه، كانت النساء تُجرّ مرارا وتكرارا إلى داخل الغابة وتغتصب وروى قصة فتاتين إحداهما في الثالثة عشرة والأخرى في الثامنة عشرة، هذا وحسب ما أكده ماثيو سميث مدير “تحصين الحقوق” فإن السلطات التايلندية تشارك في نشاط الاتـّجار بالبشر وهي تمارس ذلك منذ وقت طويل وذلك بنقل لاجئي الروهينغا وبيعهم من مراكز الاعتقال التايلندية إلى مهربي وتجار البشر.
الوضع الانساني السيء الذي يعاني منه مسلمو الروهينغا في ميانمار قد لا يختلف كثيراً عن معاناتهم في غابات الموت التايلندية، حيث القتل والتجويع والطرد والبيع والاغتصاب الذي لا يستثني احداً وكل هذه الانتهاكات لحقوق الانسان والجرائم بحق الانسانية تجري تحت أعين المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية وبمساعدة من الحكومة التايلندية التي جعلت من مخيمات المهاجرين اليها سجنا ضخما وسط الغابات التايلندية.