التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 28, 2024

مستقبل العلاقات المصرية – التركية بعد أحكام الإعدام 

فتح حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة بحق الرئيس السابق محمد مرسي في قضية هروب جماعي من سجون مصرية في ٢٠١١، باب الإنتقادات على مصراعيه لسلطات القاهرة. السلطات المصرية أحالت أوراق الرئيس المعزول و١٠٥ آخرين من بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع والداعية يوسف القرضاوي إلى مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيه على أن تصدر المحكمة قرارها النهائي في ٢ يونيو المقبل بعد أن يرد إليها رأي المفتي ورأيه استشاري.

تركيا أبرز المنتقدين لحكم إعدام مرسي، حيث عبّرت على لسان رئيسها أردوغان فور صدو الحكم “مع الأسف، صدر اليوم قرار بإعدام مرسي، وهو الأمر المثير للإهتمام بالنسبة إلينا ولأشقائنا، إذ يعني عودة مصر إلى سابق عهدها، وندرك جميعاً كيف كان حال مصر في السابق”. أنقرة لم تكتف بسقف الرد الأردوغاني بل صرح الناطق باسم الرئاسة التركية إبرهيم قالين في مؤتمر صحافي بأنقرة أمس الاثنين، بأن الاضطرابات ستجتاح الشرق الأوسط إذا نفذ حكم الإعدام في الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وقياديين آخرين من جماعة “الإخوان المسلمين “.

ووصف قالين الحكم بأنه “انتهاك للعدالة”، داعياً المجتمع الدولي إلى التعبير بقوة عن رفضه. وأضاف: “الموضوع يستحق اهتماماً عالمياً. أحكام الإعدام وتنفيذها ستدفع الشرق الأوسط إلى حال من الاضطرابات”. وأكد أن تركيا ستعمل مع المفوضية السامية للامم المتحدة لحقوق الإنسان بعد صدور الأحكام وستتخذ “كل الخطوات اللازمة “. 

كذلك انتقد رئيس الوزراء التركي أحمد داود اوغلو بشدة الاحد حكم الاعدام على مرسي. وقال في تجمع انتخابي في مدينة اسطنبول: “ان فراعنة مصر المعاصرين مصيرهم مزبلة التاريخ “. 

السؤال الذي يطرح نفسه حالياً: كيف ستؤثر أحكام الإعدام على مستقبل العلاقات بين البلدين؟ وهل ستتشكل محاور شرق أوسطية في حال نفّذ الحكم؟

مرسي والهلال الإخواني

مع بدء ما يسمّى بالربيع العربي حاول الرئيس التركي (رئيس الوزراء حينها) رجب طيب أردوغان الإستفادة من الظروف المضطربة لتنفيذ مشروع “العثمانيين الجدد”، وقد وجد في مشروع الإخوان المسلمين ملاذاً آمنا لذلك وحاول تشكيل “هلال إخواني” في المنطقة يبدأ بتركيا ويمر من سوريا والأردن وفلسطين وينتهي بمصر. وقد ساهم فوز الرئيس المصري محمد مرسي بالإنتخابات في تعزيز العلاقات بين البلدين، ولكن منذ إعلان الجيش المصري عزل مرسي منتصف ٢٠١٣ بعد احتجاجات حاشدة على حكمه، ساءت علاقات تركيا مع مصر وانهارت العلاقات الدبلوماسية بين الحليفتين السابقتين بعدما كرر أردوغان أن عزل مرسي انقلاب .   

السعودية ورأب الصدع

وقفت السعودية مع نظام السيسي وساءت علاقاتها مع تركيا طيلة فترة حكم الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، ولكن مع استلام الملك سلمان للحكم وتماشياً مع الإنقلابات على سياسات سلفه عبدالله عادت العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها، وبدأ الحديث في الإعلام عن وساطة سعودية بين القاهرة وأنقرة. السعودية حاولت ردم الهوّة بين البلدين لتشكيل تحالف جديد على غرار “عاصفة الحزم” بغية ضرب سوريا حيث تجتمع المصالح التركية والسعودية. الرياض تحتاج إلى ردم الهوّة بين البلدين لأن أي هجوم سعودي-تركي على سوريا من دون تنسيق مصري يعني بشكل أو بآخر إنسحاب مصر إلى المحور السوري، وهذا ما ظهرت بوادره في الفترة السابقة عندما أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ضرورة مكافحة الإرهاب في سوريا، وأن الأسد جزء من الحل. اذاً، رفضت مصر سابقاً شروط أنقرة في الوساطة الخليجية المتمثلة بإطلاق سراح مرسي مقابل كف تركيا عن توجيه الانتقادات العنيفة إلي النظام المصري. ولكن ماذا لو تم إعدام مرسي وأتباعه؟ وما هي ردّة الفعل التركية، وكيف ستؤثر على مستقبل العلاقات؟

مستقبل العلاقات

يبدو واضحاً أن العلاقات المصرية التركية تتجه كل يوم من سيء إلى أسوأ، في ظل الحملة الدولية التي يقودها الرئيس أردوغان حالياً ضد النظام المصري حسبما أعلنت الرئاسة التركية. مصر لم يرق لها التدخل التركي وقد اعتبرت شخصيات حكومية أن التعليقات الصادرة من بعض الدول والمنظمات غير الحكومية، “تدخل غير مقبول في عمل القضاء المصري، كما أنها تمثل تجاهلًا صارخا للمبادئ الأساسية في أي نظام ديمقراطي، والتي يقع الفصل بين السلطات في الصدارة منها، إلي جانب استقلال القضاء، وعدم جواز التعليق على أحكام السلطة القضائية من جهات أجنبية أو محلية”. كذلك انتقد عدد من الأحزاب السياسية والشخصيات الإعلامية تدخل تركيا السافر في الشؤون المصرية، مطالبين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أنقرة، وتطبيق مبدأ التعامل بالمثل لمنع تدخلها في الشأن الداخلي المصري.

يبدو واضحاً أن الهوّة بين مصر وتركيا في اتساع دائم وتتجه العلاقات حالياً إلى مرحلة ما قبل الصدام المباشر بعد أن أصبحت في مهبّ الريح، إلّا أن هذا الامر لن يصب في صالح السعودية التي تسعى لتعزيز علاقاتها مع تركيا بسبب الأزمة السورية، ومع مصر بسبب دورها الريادي في الوطن العربي وخصوصاً دعمها لعاصفة الحزم.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق