التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 29, 2024

ما هي حقيقة التعاون الأمني الامريكي البولندي وما هي نتائجه ؟ 

كشفت الانباء التي انتشرت عن السجون السرية الامريكية في بولندا عن وجود علاقات امنية بين الاجهزة المخابراتية الامريكية مع الحكومة والمؤسسات الامنية والمخابراتية البولندية حيث اصبحت بولندا احد الشركاء الامنيين لواشنطن في العالم وقد دعمت بولندا سياسات الرئيس الامريكي السابق جورج بوش ابان فترة رئاسة ليخ كازينسكي ورئاسة وزراء شقيقه ياروسلاف كازينسكي وقد استمر هذا الدعم ايضا في زمن رئاسة دونالد تاسك في بولندا. فما هو مدى هذا التعاون الامني والاستخباري بين البلدين وما هي نتائجه؟

 

لقد كان التعاون الاستخباراتي بين امريكا وبولندا يهدف الى مراقبة معارضي امريكا في شرق اوروبا وكذلك الاستفادة من السجون السرية ومراكز التعذيب التابعة للسي اي ايه في بولندا. واضافة الى ذلك طرح المسؤولون البولنديون قضية انضمامهم الى حلف الناتو وهكذا اصبحت السياسة الخارجية البولندية سياسة “مشمئزة” على الصعيد الدولي.  

محاولات امريكا وبولندا لطمس الحقائق حول السجون السرية 

  تم طرح موضوع السجون السرية الامريكية في عام ٢٠٠٧ ابان فترة حكم دونالد تاسك وقد نكث تاسك بوعوده في كشف حقائق هذه السجون واخفى المعلومات بشأنها ومنع التحقيق الموسع حولها في وقت كان يصر فيه المسؤولون البولنديون على نشر انظمة الدرع الصاروخية الامريكية على الاراضي البولندية وكذلك امتداد حلف الناتو نحو الشرق. 

  وقد بدأت التحقيقات الصورية حول السجون السرية الامريكية في عام ٢٠٠٨ لكن تاسك منع انتشارها وطلب من وسائل الاعلام البولندية الصمت كما بذل الامريكيون ايضا جهودا لمنع انتشار اخبار السجون السرية الامريكية في بولندا وشرق اوروبا.

التسريبات المرعبة 

في عام ٢٠١٢ كشف رئيس الوزراء البولندي السابق الكساندر كواسنوفسكي عن موضوع وجود سجون سرية للسي اي ايه في بولندا لكنه قال انه لم يعلم بوجود التعذيب فيها وقد تعرض كواسنوفسكي الى ضغط كبير من قبل المسؤولين البولنديين بسبب ادلائه بهذه التصريحات لكنه ادعى بان بولندا كانت تعتقد بان الامريكيين يتصرفون حسب القوانين في هذه السجون.

ومن جهتهم اعترض النشطاء الحقوقيون البولنديون على وجود هذه السجون السرية واعتبروا ان مسؤولي بلادهم هم شركاء مع الامريكيين في الجرائم التي حصلت ضد البشرية في هذه السجون. هذا التعاون الاستخباري بين بولندا وامريكا قد توقف في زمن رئاسة باراك اوباما لكن التقرير الذي اصدره الكونغرس الامريكي حول التعذيب في سجون سي اي ايه قد اعاد مرة اخرى اسم بولندا الى الاذهان كأكبر شريك لهذه النشاطات الامريكية.  

  وفي هذا السياق يعتبر قيام بولندا بدفع تعويضات لرجلين تعرضا للتعذيب في داخل السجون الامريكية السرية على الاراضي البولندية وهما ابو زبيدة وعبدالرحيم النشيري بقيمة ٢٥٠ الف دولار امريكي حسب رأي محكمة حقوق الانسان الاوروبية، قضية هامة حيث تقول منظمات حقوق الانسان في بولندا ان امريكا هي التي يجب ان تدفع هذه التعويضات وليس بولندا ورغم هذا فان مشاركة بولندا في قضية السجون السرية الامريكية تعتبر جريمة كبرى بحد ذاتها. 

 ولا يخفي المسؤولون البولنديون غضبهم من قيام الامريكيين بتركهم وحيدا في هذه القضية لكن في المقابل قام رئيس جهاز الـ “اف بي اي” الامريكي بتوجيه تحذير للبولنديين ليسكتوا ويكفوا عن التذمر، فقد شبه جيمز كومي في مقال نشره الشهر الماضي في واشنطن بوست الشعبين البولندي والمجري بالنازيين حيث اعتبر الخبراء هذا المقال بمثابة توجيه رسالة تحذيرية الى البولنديين من قبل الـ اف بي اي.     

  وقد طالبت وارسو الامريكيين بالاعتذار بسبب هذا المقال لكن الامريكيين قد امتنعوا عن ذلك بل ارسلوا تحذيرا في المقابل الى المسؤولين البولنديين بأن امريكا قد تكشف عن قضية ملايين الدولارات التي دفعتها ادارة جورج بوش الى المسؤولين البولنديين السابقين.

ان قضية المسؤولين البولنديين هذه تشبه فضيحة التنصت على هاتف المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والاجهزة الامنية الالمانية من قبل الامريكيين، وفي الحقيقة لقد اصبح المسؤولون الأمنيون الاوروبيون عبيدا امنيين للامريكيين ولا يحق لهم الاعتراض على الامريكيين، وهذا هو اقل ثمن يدفعه المرء عندما يتعامل مع الشيطان.  

 

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق