التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

العدوان السعودي علي اليمن من وجهة نظر القانون الدولي 

تزعم السعودية ان عملياتها العسكرية ضد اليمن تهدف للدفاع عن هذا البلد استجابة لطلب الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي لمواجهة ما تسميه الرياض “الاعتداءات المتكررة للحوثيين”. وتزعم أيضاً ان هذه العمليات تتم وفق المادة ٥١ من ميثاق الامم المتحدة التي تجيز استخدام القوة العسكرية. والسؤال المطروح: هل تتفق هذه المزاعم حقاً مع القانون الدولي أم انها تمثل انتهاكاً صارخاً لميثاق الامم المتحدة؟ هذا ما سنناقشه في هذا المقال لنثبت بالادلة القاطعة ان ما تقوم به السعودية ضد اليمن يتعارض تماماً مع القانون الدولي ويتناقض بشكل واضح وصريح مع ميثاق الامم المتحدة أيضاً.   

ونود الاشارة اولاً الى المواد الواردة في ميثاق الامم المتحدة التي تفند مزاعم السعودية والدول الحليفة لها وفي مقدمتها امريكا التي استندت عليها في شن العدوان على اليمن:

١ – ورد في الفقرة الثالثة من المادة الثانية في الفصل الاول من ميثاق الامم المتحدة ما يلي: “يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر” . فهذه المادة تمنع بشكل واضح وصريح جميع الدول الاعضاء في الامم المتحدة من اللجوء الى الوسائل غير السلمية لحل المنازعات فيما بينها.  

٢ – ورد في الفقرة الرابعة من نفس المادة ما يلي: “يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد “الأمم المتحدة ” .

٣ – ورد في المادة السادسة من الفصل الثاني من ميثاق الامم المتحدة ما يلي: “إذا أمعن عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” في انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة بناءً على توصية مجلس الأمن” . 

من خلال دراسة الفقرات والمواد الآنفة الذكر من ميثاق الامم المتحدة يمكن الاستدلال على ان اللجوء الى القوة في حسم النزاعات بين الدول الاعضاء في المنظمة الدولية غير جائز على الاطلاق ويتعارض تماماً مع اهداف المنظمة “حفظ الامن والسلم الدولي”. وعليه فإن ما قامت وتقوم به السعودية من اجراءات عسكرية ضد اليمن يتعارض تماماً مع ميثاق واهداف الامم المتحدة. 

٤ – ورد في الفقرة الاولى من المادة ٣٣ في الفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة ما يلي: “يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها” . وورد في الفقرة الثانية من نفس المادة ما يلي: “ويدعو مجلس الأمن أطراف النزاع إلى أن يسووا ما بينهم من النزاع بتلك الطرق إذا رأى ضرورة ذلك” . كما اكدت المادة ٣٧ من ميثاق الامم المتحدة على ما يلي: “إذا أخفقت الدول التي يقوم بينها نزاع من النوع المشار إليه في المادة ٣٣ في حله بالوسائل المبينة في تلك المادة وجب عليها أن تعرضه على مجلس الأمن” . والاهم من كل ذلك ما ورد في المادة الاخيرة من الفصل السادس (المادة ٣٨) التي تنص على: “لمجلس الأمن – إذا طلب إليه جميع المتنازعين ذلك – أن يقدم إليهم توصياته بقصد حل النزاع حلاً سلمياً، وذلك بدون إخلال بأحكام المواد (٣٣ – ٣٧)”. كما ركزت المواد ( ٣٩ – ٥١ ) من الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة على ما تتخذه المنظمة الأممية من أعمال، حال تهديد السلم والإخلال به ووقوع عدوان على المدنيين في دولة من الدول. فالمادة ٥١ من هذا الفصل تنص على: “ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء “الأمم المتحدة ” وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا … “.

فإستناداً الى ما ورد في ميثاق الامم المتحدة لا يمكن على الاطلاق تبرير مزاعم السعودية بأنها لجأت الى استخدام القوة ضد اليمن لاعادة الامن والاستقرار الى هذا البلد استجابة لطلب الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي، لأن منصور هادي استقال من منصبه قبل بدء العدوان على اليمن، ولهذا فلا يحق للسعودية ان تتذرع بهذا الطلب لتبرير هذا العدوان. ويمكن للسعودية التمسك بهذه المزاعم فقط في حال: 

اولاً: كان عبد ربه منصور هادي لا يزال في منصبه كرئيس لليمن. 

ثانياً: قدمت تقريراً الى مجلس الامن الدولي تبين فيه موقفها ازاء ما يحدث في اليمن وحصلت على موافقة من المجلس قبل شن عدوانها على هذا البلد. 

اضافة الى ذلك لم يكن بإمكان منصور هادي الطلب من السعودية التدخل في شؤون اليمن بإعتباره كان مسؤولاً عن المرحلة الانتقالية في البلد واكتسب مشروعيته من خلال هذا العنوان وليس بإعتباره الرئيس القانوني لليمن. وهذه الحقيقة يمكن استنتاجها من خلال نص قرار مجلس الامن الدولي المرقم ٢٢٠٤ حيث لم يرد اسم عبد ربه منصور هادي بإعتباره رئيساً شرعياً وقانونيا لليمن.  

وطبقا للفقرة الاولى من المادة ٥٣ لميثاق الامم المتحدة يعتبر العدوان السعودي على اليمن غير قانوني وغير مشروع، حيث تؤكد هذه الفقرة على وجوب أخذ موافقة مجلس الامن الدولي أولاً قبل القيام بأي تحرك من قبل دولة معينة ضد دولة اخرى، والسعودية لم تحصل على هذه الموافقة عندما شنت العدوان على اليمن، وهذا يمثل نقضاً واضحاً وصريحاً لميثاق الامم المتحدة. 

ولكن من الواضح أيضاً أن مجلس الأمن اغمض عينيه وتغاضى عن هذا النقض عندما اصدر قراره المرقم ٢٢١٦ بتاريخ ١٤ نيسان /أبريل ٢٠١٥ الخاص بالعدوان على اليمن والذي تسبب بقتل آلاف المدنيين معظمهم من النساء والاطفال الابرياء وتدمير البنى التحتية لهذا البلد، ما أفقد عملياً مشروعية ومصداقية هذا القرار. 

وتجدر الاشارة كذلك الى ان الادلة التي سقناها في السطور الماضية لبيان بطلان مزاعم السعودية في شنها العدوان على اليمن يمكن استنتاجها أيضاً من ميثاق منظمة التعاون الاسلامي (OIC) وميثاق جامعة الدول العربية. فالنصوص الواردة في هذين الميثاقين تؤكد على ضرورة فض النزاعات بين الدول الاعضاء بالطرق السلمية. وما قامت به السعودية من شن العدوان على اليمن يتعارض تماماً مع نصوص هذين الميثاقين، إذ لم تلجأ الرياض للتشاور مع منظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية قبل شن هذا العدوان.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق