اشتعال نار الخلافات بين دول مجلس التعاون حيال العدوان علي اليمن
لم يكن متوقعاً ولا منتظراً يوماً ان تمارس دول الخليج شيئاً من الديمقراطية ولا حتى الحرية، وفي الوقت نفسه لم يكن متوقعا بأن تكون مسلوبة الإرادة والرأي، لكن طالما أن مبدأ نشأتها وتركيبتها العنصرية والعائلية وطريقة التعاطي مع الآخرين باستعلاء كانت هي المحرك والدافع والغاية، فإنه لا خير منتظر من انظمة مازالت تعيش القبلية الأولى.
في الدول المتحضرة تعتبر المعارضة من أهم تركيبات السياسة، فالمعارضة تكون هي المراقب لدور السلطة بالإضافة الى الأجهزة الرقابية الحكومية، لذلك فإن مبدأ الرأي المعارض يكون المحفز للسلطة بعدم ارتكاب اخطاء وبالتالي تجنبها الإنتقاد اللاذع الذي قد يطيح بها، لكن عندما ننظر الى تعاطي دول الخليج مع مبدأ المعارضة أصلاً فنجد انها تحتاج لوقت كبير لكي تصبح ضمن نادي الدول الديمقراطية. ففي الكويت مثلاً عندما يستجوب نائب منتخب من الشعب أحد الوزراء بما يخص العدوان السعودي على اليمن يتعالى الصراخ في وجهه ويتهم بالطائفية وبأنه شيعي يعمل ضمن الاجندة الإيرانية، فتثور ثائرة السياديين على انتقاده للسعودية، بل توجه السفارة السعودية في الكويت، إلى وزارة الخارجية الكويتية، مذكرة تطالب بالتحقيق فيما وصفته بالإساءات المتكررة من جانب عضو مجلس الأمة الكويتي »عبدالحميد دشتي « ، في حين لا احد يجرؤ من السياسين الكويتيين الاعتراض على ماقام به السعوديون بالاستهزاء من القانون الكويتي فيما يتعلق علي محاسبة الوزراء ومساءلتهم من قبل مجلس النواب خاصة عندما قدم النائب المذكور طلب استجواب إلى الأمانة العامة للمجلس ضد وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد تضمن أربعة محاور تتعلق بمشاركة الكويت في «عاصفة الحزم» وتدخل قوات «درع الجزيرة» بمشاركة قوات كويتية في البحرين قبل سنتين، وكذلك «الاتفاقية الأمنية» بين دول مجلس التعاون الخليجي التي وقعت عليها الكويت.
قد لا يكون هذا الصوت هو الوحيد الذي يعلو في وجه التعنت السعودي والخليجي، بل الأجرأ بالافصاح عما يختلج في نفوس الكثيرين خاصة في وجه العدوان السعودي على اليمن الذي انجرت معظم دول الخليج وراء التهور الصبياني ذاك. وليست المرة الاولى التي يتم فيها ملاحقة المعارضين او اعتقال أو ملاحقة نشطاء كويتيين بتهمة الإساءة للسعودية، حيث اعتقلت قوات الأمن الكويتية، الشهر الماضي المعارض الكويتي «عبدالرحمن العجمي» على خلفية شكوى مقدمة بحقه من السفارة السعودية بالكويت . كما اعتقلت السلطات الكويتية مؤخرا الناشط والمعارض «طارق المطيري» رئيس الحركة الديمقراطية المدنية «حدم»، قبل أن تخلي سبيله بكفالة ٢٠٠٠ دينار، بعد اتهامه بالتهمة ذاتها وهي “الإساءة” للسعودية.
ولم تكتفِ دول مجلس التعاون عند هذا الحد بل ذهبت الى حد سحب الجنسيات واخراجهم من البلاد وتجنيس اخرين من غير العرب في محاولة لتغيير ديموغرافي طائفي في حين ان اغلب دول العالم تفتخر بانها تعطي جنسياتها للعاملين فيها، فكيف لمواطنيها؟!
في عالم السياسة فإن جميع المسلمات تداس من اجل كرامة الملوك والامراء، فاذا كانت معارضة الكويت اول من فتح باب المساءلة حول عاصفة الحزم فان الكثيرين ينتظرون الفرص السانحة لكي يعبروا عن السخط الذي يسكن قلوبهم، وهذا ما تعكسه مواقع التواصل الاجتماعي التي ربما تكون المنفذ الوحيد في ممالك القهر.
ورغم أن الواقع يؤكد تباين الآراء بين مؤيد ومعارض للعدوان علي اليمن، إلا أن النظام السعودي استطاع أن يسخر إعلامه المقروء والمسموع والمرئي متلاعبًا بهم لصبغ إنهاء العملية العسكرية بلون النصر .
ولم يتمكن النظام السعودي من السيطرة على مواقع التواصل الإلكتروني التي نستطيع بمجرد تصفح بسيط لها وتنقل عبر صفحات المغردين – المختلفين في التوجه السياسي – أن نرصد آراءً تستنكر الطريقة التي يتم بها التعاطي مع المعارضين في الداخل والخارج، وهذا الأمر ينسحب على كل دول العدوان الخليجي ايضاً.
اذا كانت خطوة النائب الكويتي الاولى على المستوى الرسمي المعارض فإنه يعكس ربما بداية التململ الداخلي الخليجي من جراء التبعية العمياء للسعودية من جهة، ومن جهة ثانية رفع الصوت ضد قمع السلطات والافراط في استخدام القوة لتغيير واقع صعب أرخته السياسة العنصرية.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق