التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

إعلام التهويل .. إلى أين ؟! 

عبدالرضا الساعدي 
الكثير من أصدقائي ومعارفي الذين يعيشون في بلاد الله البعيدة الواسعة ، منذ عقود من الزمن  ومازالوا ، ممن لم يروا وطنهم الأم بعد 2003 إلا في سنوات قريبة جدا، يتساءلون ويستغربون من الفوارق الكبيرة بين ما يسمعونه ويقرؤونه ويرونه في الإعلام وهم في الخارج ،عن أحوال بلدنا ، وبين ما رأوه مباشرة على أرض الواقع ، حين عادوا ، سيما بشأن الأوضاع الأمنية والاجتماعية بشكل خاص.. وهو ما سبب في كل هذا التأخير في عودتهم!.. 
الصورة العراقية في عديد من الشاشات والصحف والمواقع الإلكترونية خارج البلد ، قُدمت وعُرضت خلال السنوات المنصرمة بطريقة تراجيدية  ودراماتيكية مثيرة ومقصودة ، وخلفها دول كبرى وصغرى ، مجاورة وغير مجاورة ، بأجندات إعلامية وثقافية معدة لهذا الغرض ، والغريب في الأمر أن كثيرا من الإعلاميين والمثقفين في الداخل ساعدوا وما زالوا يساعدون يوميا  في تغذية هذه المهمة الخطيرة والقبيحة بشأن بلدهم ، لأغراض شتى ، من بينها البحث عن إثارة وشهرة وحتى المال !..
لا يعني كلامنا هذا أن البلد بخير وخالٍ من المساوئ والمشاكل تماما ، بقدر ما يعني أن نساعد على تغيير الصورة وطريقة تفكيرنا وعملنا بشأن ما يحدث ، لأن التهويل لا يحلّ معضلة ولا يساعد على التغيير ، كما أن الآخر البعيد سيصدق الإثارة والتهويل في المعلومة والصورة المفبركة والمنقولة إليه من وسائل الإعلام ، حين يتم توقيتها في اللحظة المناسبة ، أكثر من تصديقه للحقيقة التي تصل بطريقة غير مؤثرة وفاعلة ، وربما متأخرة جدا .
فبسبب التهويل الإعلامي المضاد لمصالحنا الوطنية ، ربما يتعثر كل شيء ويتوقف ، وتتأجل المشاريع والاستثمارات ، في السياحة والاقتصاد والبناء عموما ، كل هذا من شأنه أن يؤثر سلبا على صورة إنساننا العراقي المعنوية والمادية ، وسنخسر مواقف الآخرين البعيدين أيضا ممن ينتظرون ويتوقعون منا نتائج وأفعال وحقائق جدية وناصعة تليق بمكانتنا وحضارتنا كشعب علّم الأمم كلها معنى الرُقي والحضارة.
هذه الرسالة موجهة إلى كل المثقفين والإعلاميين العراقيين ومن يمارس دورا إعلاميا معينا في موقعه ، حتى في بيته من خلال شبكة التواصل الاجتماعي أو غيرها من وسائل الاتصال ، ينبغي أن نغير من طريقة وأسلوب تعاملنا مع المعلومة والخبر أو الحقيقة بشكل عام ، بمعنى أن نكون صادقين وفاعلين ومنصفين أيضا بشكل نكون أوفياء للحقيقة وطريقة توصيلها للآخر ، بعيدا عن الضغائن والأحقاد والتبعية السياسية والمذهبية ،هنا أو هناك ،وبعيدا عن الأنا المتضخمة والنرجسية والأنانية ، لأن البلد في حاضره ومستقبله أكبر من  الفردية والتبعية والانتماءات الضيقة ، وإذا كان لابد من التهويل والمبالغة فليكن لصالح الخير وليس العكس ، ولنتعلم من تجارب الشعوب التي نهضت من الرماد ، تلك التي كانت تفتخر ببلدانها في أحلك الظروف ، وتتعامل مع الظروف الصعبة بالعقل والروح الكبيرة والمنطق والحب والسلام.
طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق