التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

الصين منافس أمريكا الرئيسي في المحيط الهادئ 

اشارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في عددها الصادر يوم الأحد الماضي إلى القلق الأمريكي من التوجه العسكري الجديد للصين، وقالت الصحيفة “إنه عقب مرور عقود من احتفاظ الصين بالحد الأدنى من القوة النووية، أعادت تصميم الكثير من صواريخها الباليستية بعيدة المدى لحمل رؤوس حربية نووية متعددة” وتابعت الصحيفة “إن أهمية قرار الصين وبروزه بشكل خاص يكمن في أن تكنولوجيا تصغير الرؤوس الحربية ووضع ثلاثة منها أو أكثر فوق صاروخ واحد في أيدي الصينيين منذ عقود ماضية، لكن عدداً من الزعماء الصينيين السابقين عمدوا إلى إبقائها غير مستخدمة، ولم يكن لديهم الرغبة في خوض ذلك النوع من سباق التسلح، الذي كان يميز المنافسة النووية أثناء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي”. ووضعت الصحيفة الأمريكية التوجه الصيني الجديد في إطار الرغبة الصينية بإزاحة المنافسين من المحيط الهادئ واسترداد الجزر المتنازع عليها، وقالت الصحيفة: “يبدو أن الرئيس الصيني شي جين بينج قد غير هذا المسار، ففي الوقت الذي يبني فيه مطارات عسكرية على الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، فإنه يعلن عن مناطق صينية حصرية لتمييز الهوية، لأغراض الدفاع الجوي بارسال غواصات صينية عبر الخليج الفارسي للمرة الأولى، وإنتاج ترسانة جديدة وقوية من الأسلحة الإلكترونية”.

 

مقال الصحيفة الأمريكية يسلط الضوء بشكل أكبر على الهواجس الأمريكية من تعاظم القدرة الصينية، فاقتصاد الصين القوي وخبراتها العلمية والتقنية الكبيرة يمكنها من مضاعفة نفوذها السياسي في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي ينعكس سلباً على المصالح الأمريكية خصوصاً في منطقة المحيط الهادئ. ولما كانت الصين تعتبر هذه المنطقة وخصوصاً بحري الصين الجنوبي والشرقي حديقتها الخلفية، فإنها تولي اهتماماً منقطع النظير لإثبات سيطرتها على هذه المنطقة.

وترى الصين في الدرع الصاروخي الأمريكي تهديداً أمريكياً مباشراً لسيادتها، وعائقاً يحول بينها وبين طموحاتها وسياساتها الخارجية، كما أن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين والتي تعمل بشكل مستمر على إشغال الصين بمشاكل إقليمية مع جيرانها مثل اليابان والفلبين وفيتنام، باتت سياسة غير مقبولة بالنسبة لحكام الصين، خصوصاً التدخلات الأمريكية في النزاع الصيني الياباني حول الجزر المتنازع عليها، ودخول أمريكا بقوة إلى جانب حليفها الياباني عندما أعلنت الإدارة الأمريكية في تاريخ ٢٠١٤/٤/٦ عن إرسال المزيد من سفن الدفاع الصاروخي إلى اليابان وقالت إنها “سترسل مدمرتين إضافيتين مزودتين بأنظمة دفاع صاروخي إلى اليابان بحلول عام ٢٠١٧”.

هذه السياسة الأمريكية لم ترق للإدارة الصينية الحالية، الأمر الذي دفع بها إلى التركيز على قدراتها العسكرية، وتشير إحصائيات نشرت مؤخراً عن المؤسسة الدولية لأبحاث السلام أن الصين وأمريكا تمتلكان حالياً أعلى ميزانيتين عسكريتين في العالم حيث بلغ الإنفاق العسكري الصيني ١٦٦ مليار دولار في حين بلغ الإنفاق الأمريكي ٦٨٢ مليار دولار. وفي آذار الماضي أعلنت الحكومة الصينية أنها ستزيد الانفاق العسكري بنسبة ١٠.١% هذا العام، مع مواصلتها تطوير أنظمة أسلحة عالية التكنولوجيا، وقد جاء هذا الإعلان في ظل تشكيك مصادر أمريكية عدة بشفافية إعلان الإدارة الصينية، واتهامها الصين بأن حجم إنفاقها يفوق ما تعلنه بكثير.

الصين التي تمتلك عدداً قليلاً من الرؤوس النووية مقارنة مع روسيا وأمريكا، تتجه اليوم إلى تحديث ترسانتها النووية معتمدة على اقتصادها القوي وخبراتها التقنية والعلمية العالية. ويتحدث الكثير من الخبراء الصينيين عن أن الحلم الصيني يتمثل بإمتلاك أقوى جيش في العالم. ويقول اشلي تلي العضو البارز في مؤسسة كارنجي للسلام الدولي: “دائماً ما كانت تشعر الصين بالخوف من الأسلحة النووية الأمريكية. حالياً يعادل حجم الأسلحة النووية الأمريكية ثمانية أضعاف نظيرتها الصينية، ولذلك تسعى الصين لزيادة رؤوسها النووية، كما أن الصين تسعى لتصل بقدرتها العسكرية إلى القدرة العسكرية الأمريكية”.

 فالصين اليوم تشعر بالقوة والتحدي وتحلم أن تكون الدولة الكبرى الأولى عالمياً، وهذا الأمر هو ما يفسر الزيادة المطردة للميزانية العسكرية الصينية سنوياً، وسعي الصين لاستخدام أنظمة اتصالات حديثة وأقمار صناعية وتقنيات بعيدة عن الرقابة الأمريكية، أو العمل على التزود بالطاقة من خلال بناء علاقات خاصة مع دول مثل إيران والسودان وبورما، إضافة إلى بقية الدول التي تذخر بالمنابع الطبيعية وخصوصاً النفط والغاز. 

اليوم ترى الصين نفسها قوة كبيرة على كافة الصعد، سواء العسكرية منها أو الاقتصادية أو البشرية والعلمية، مما يتيح لها أن تتطلع لممارسة دور سياسي أكبر على مستوى العالم، ووضع حد للنفوذ والتسلط الأمريكي على مختلف بلدان العالم، وإلى أن يصل الصيني إلى ما يريد سيبقى صراع النفوذ بينه وبين الأمريكي مستمراً على قدم وساق.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق