التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, سبتمبر 19, 2024

مزيد من الإنفصال في القارة العجوز آخرها إقليم الباسك في اسبانيا 

زادت الدعوات الإنفصالية في أوروبا منذ الأزمة المالية، بداية من عام ٢٠٠٨ وإلى الآن. وعلا صوت المطالبين بالاستقلال عن دولهم في هذه القارة، بخاصة مع سياسات التقشّف التي فرضها الاتحاد الأوروبي على الدول الأكثر تأثرًا بالأزمة المالية، هذا التقشف الذي جاءت نتائجه مجحفة بحق الاقاليم المطالبة بالإنفصال، وسعى بعضها الى الإستفتاء رغبة بالانفصال كما حدث لإسكتلاندا حيث تنفست المملكة المتحدة الصعداء مع تصويت الاسكتلنديين لرفض الانفصال عنها، إلا أن ذلك لن يمنع مناطق أخرى عديدة في أوروبا (القارة العجوز)، من النضال ضد الحكومات المركزية، من أجل الحصول على استقلالها.

 

 ورغم أن القارة الصغيرة، صاحبة الخمسين دولةً سيادية، تشهد منذ مدة دعوات انفصالية لأقاليم داخل دول، فيما لا يُعتبر حدثًا جديدًا تمر به أوروبا، إلا أنه مع الأزمة الاقتصادية العاصفة، تغذت تلك الدعوات، بل تمددت إلى غير دولة، وهذة المرة جاءت المطالب من اقليم الباسك في اسبانيا بعد مطالبة كتالونيا بالانفصال قبل مدة.

اقليم الباساك

إحدي مناطق الحكم الذاتي في إسبانيا ويمتد عبر جبال البيرينيه الغربية على الحدود ما بين فرنسا وإسبانيا تصل مساحتها لحوالي ٢٠ ألف كم². وتعتبر مدينة بلباو عاصمة له، ويمتد الإقليم حتى شاطئ خليج البسكاي. وتعتبر المنطقة بشكل عام منطقة تاريخية يقطنها شعب الباسك ويتحدثون لغتهم الخاصة بهم التي تعرف بالباسكية، تطالب بالانفصال عن إسبانيا، ومن أشهر المنظمات الإنفصالية، منظمة إيتا الإنفصالية، ومن أهم مدن الإقليم مدينة بيتوريا وسان سباستيان.

لم يصل الباسك بعد إلى مرحلة الاستفتاء، لكنه مرّ بما هو أكثر درامية من ذلك، على يد حركة “إيتا”، التي كانت تنظّم اعمالاً مسلحة مطالبةً بالانفصال، منذ ١٩٦١، عبر استهداف مؤسسات ومقار حكومية، الأمر الذي أودى بحياة ما يقرب من ألف شخص، قبل أن تعلن المنظمة تركها للعمل المسلح. الإعلان الذي لم يخرجها عن لوائح المنظمات الإرهابية، سواءً لدى أوروبا أو أمريكا. لذلك بدأ مواطنو “الباسك”، في المطالبة بالانفصال سلميا، عقب إعلان منظمة إيتا تركها العمل المسلح نهائيا، في تشرين الأول/أكتوبر(٢٠١١). لذلك ترجح الإدارة المحلية الحاكمة في الباسك، الوقوف بعيدا في المرحلة الحالية، ومتابعة التطورات الجارية بشأن انفصال اسكتلندا، وكاتالونيا، لهذا سعى الحزب الوطني الباسكي، الذي تسلم مقاليد الحكم في (٢٠١٢)، إلى مكافحة الأزمات الاقتصادية، والعمل على استقرار وتعزيز السلام في الإقليم، وتأجيل قضية الانفصال حتى ٢٠١٥.

بعد ذلك في كانون الأول/ديسمبر (٢٠٠٤) قامت الإدارة المحلية للباسك، التي حكمت الإقليم في الفترة (١٩٩٩-٢٠٠٩)، برئاسة “خوان جوزيه إيباريتكسي”، بإعداد مشروع قانون بشأن الانفصال، وتمريره من البرلمان الباسكي وعرضه على البرلمان المركزي في مدريد، إلا أن البرلمان الإسباني رفض القرار، الذي سمي وقتها “خطة إيباريتكسي”، في الأول من شباط/فبراير ٢٠٠٥.

وبعد أن رفض البرلمان الإسباني في ٢٠٠٥، مشروع قانون لانفصال الإقليم، قررت حكومة الباسك تأجيل قضية الانفصال، إلا أن الشعب الباسكي، الذي يُعد متوسط دخل الفرد فيه، الأعلى في إسبانيا (٣٢ ألف يورو) لم يرض بالتأجيل بل أخذ بإقامة المسيرات والمظاهرات ولهذا فإنه يسير على خطى سكان إقليم كاتولونيا ويطالبون بدورهم بالإستقلال عن اسبانيا، لذلك قام بتشكيل سلسلة بشرية شارك فيها حوالى ١٠٠ ألف شخص وامتدت على نحو ١٢٣ كليومترا.

والجدير بالذكر ان سكان اقليم كتالونيا يسعون إلى الانفصال، وتحديد مصير منطقة كتالونيا منذ زمن بعيد، حيث اكتسب الكاتالونيون أوضاعا خاصة وحقوقا جديدة بشأن الحكم الذاتي للإقليم، في عهد رئيس الوزراء الأسباني الأسبق، “خوزيه لويس رودريغز زاباتوري” عام (٢٠٠٦)، إلا أنهم فقدوا الكثير منها عام ٢٠١٠، جراء تقديم حزب الشعب الحاكم آنذاك، اعتراضا إلى المحكمة الدستورية.

وإقليم كتالونيا هو الثاني في عدد السكان في إسبانيا، حيث يقطنه ٧.٥ مليون نسمة، بنسبة ١٦% من عدد السكان، ويأتي في المركز الأول إقليم الأندلس بنسبة ١٨% وعدد سكانه ٨.٤ مليون نسمة. ولكي نعقد مقارنة بين الإقليمين، نجد أن إسهام الأندلس في الاقتصاد الإسباني يبلغ ١٣% في مقابل ١٨.٨ لكتالونيا.

اذاً المرحلة القادمة على اوروبا صعبة جداً تتجلى بهذه الرغبة بالإنفصال، وسبب ذلك كله الأزمة الإقتصادية التي ارخت بظلالها على انحاء القارة العجوز، ولكن وضع اسبانيا محرج جداً خاصةً بعد الإقتراب من استقلال كتالونيا وإمكانية أن يلحق بها الباسك.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق