التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

سياسات اردوغان اتجاه معارضيه … لماذا وإلي أين؟ 

تشهد تركيا ومنذ العام ٢٠١٢ إلى تاريخ اليوم موجة من التصعيد من قبل الحزب الحاكم برئاسة اردوغان إتجاه معارضيه، بل وتعد الخلاف والتصعيد حتى مع حليف الأمس الزعيم السياسي والدينى فتح الله كولن والذي يشكل ثقلا شعبيا ومؤسساتيا داخل تركيا، وتشمل موجة التصعيد هذه جملة من الإعتقالات الواسعة طالت وسائل إعلام وعناصر من الشرطة ومدراء مؤسسات وغيره، وهو ما أثار موجة تساؤلات حول سياسة الحزب المتبعة مع المعارضين خاصة في ظل تصاعد وتيرة الإحتجاجات الشعبية والإعلامية حيال فضائح الفساد المالى والإدارى الذى تشهده البلاد، مضافا إلى ذلك تدخل الحكومة في بلدان الجوار كسوريا والعراق وغيرهما، فإلى أين ستتجه الأمور في تركيا أمام موجة الخلاف والتصعيد التي تشهدها؟ خاصة الخلاف الأشد بين اردوغان وكولن، وما هي الأسباب التى دفعت بالحزب الحاكم للتصعيد مع الاحزاب المعارضة؟

في عرض لبعض العوامل التي أدت إلى نشوب الخلاف بين اردوغان والمعارضين وبالتحديد مع الزعيم الدينى السياسي كولن يمكن تسجيل مجموعة من النقاط كالتالي:

١ – القضاء على من يعتقد بالمنظور السياسي بأنهم منافسون وبقاء الحزب كهدف وحيد:

في المراحل السابقة والتي كان الحزب الحاكم فيها في طور البناء، كان بحاجة لدعم الجهات الليبرالية والجماعة المتمثلة بـ”كولن” من أجل التغلب على العقبات المتمثلة بالعسكر والقضاء. وبعدما تم تصفية تلك العقبات وجد الحزب الحاكم أنه لم يعد من قوة خارج السيطرة غير “حركة الخدمة ومؤسساتها”، لذلك يسعى الحزب الحاكم اليوم إلي ترويضها. وعملية الترويض تلك بطبيعة الحال تحتاج إلى تصفية كل وسائل الإعلام المؤيدة لكولن بالدرجة الأولى، وبالتالى تهيئة الأجواء بعد نشر أفكار بين الناس عن خطر الجماعة للقضاء على باقي عناصر القوة لدى الجماعة من رجال شرطة مؤيديين ومؤسسات ورجال أعمال وغيره.

٢ – الإختلاف الفكري والعملى بين الفريقين:

الفروقات في مفهوم التفكير ونهج العمل بين كل من الإسلام السياسي والذي يتبناه حزب اردوغان، والحركات الإسلامية المرتبطة بالنهج المجتمعي الروحي التي تمثلها جماعة كولن. فسياسة الاول تتبع نهج أنظمة الحكم والدولة، وتتطلع إلى السلطة بعيدا عن الأفراد من أجل الوصول إلى تحقيق أهداف المجتمع، انطلاقا من إيمانه بأن المجتمع يمكن إصلاحه من خلاله، ويتبنون فكرة أن جميع المؤمنين يجب أن ينحازوا لهم ويصوتوا لهم، بل ويقومون “بتكفيرهم” في حال لم يقوموا بذلك، بينما سياسة كولن تسعى إلى تغيير المجتمع من أساسه من خلال بناء الفرد وإيصاله حد الكمال وإكساب المجتمع أفرادا مفيدين للمجتمع الإسلامي، كما تتبنى حل مشاكل المجتمع عبر تناول كل مشكلة منها على حدة، وهنا يكمن سر الاختلاف بين آراء الجماعة وآراء حزب العدالة والتنمية.

٣ – تصفية كل من يمكن أن يشكل بديلا ومنافسا محتملا للحزب:

طبيعة الاحزاب الحاكمة والمتسلطة والتي تسعى أن تكون متفردة في إدارة الحكم، وبالتالي السيطرة على كل من يحسبه منافسا محتملا له أو يسعى لتصفيته. وعليه تتعرض جماعة الخدمة في الوقت الراهن لنفس الانتقادات بادعاء نيتها “تأسيس حزب جديد” ينافس حزب العدالة والتنمية وربما يشكل بديلا له. وقد أكدت الخدمة -إزاء هذه الادعاءات والتخرصات- بصريح العبارة بأنها لن تدخل ساحة السياسة.

٤ – إصرار أصحاب القوة والسلطة على البيعة المطلقة:

على مر الأزمان كان يصر أصحاب السلطة والنفوذ على أخذ البيعة المطلقة لهم، وعمدوا في سبيل ذلك إلى إخضاع كل ذي علم وكل ذي سلطة ليكون تبعا لهم. إذن المشكلة هنا ليست عقائدية بل المشكلة تتمثل في محاولة صاحب السلطة السيطرة على كل من حوله من أصحاب الرأي والقناعة والتأثير وهو ما ينتهجه الحزب الحاكم.

٥ – إختلاق مشاكل لإيجاد المشروعية:

الحزبية تعني الدعوة إلى تقسيم المجتمع إلى فرق وأقطاب، وهذا موجود في أصل السياسة. ويبدو أن عدم وجود مشاكل أو احتكاكات بين مكونات المجتمع يتسبب في خلق متاعب لبعض الحكام. وربما لهذا السبب دائما ما يقوم الساسة والحكام باختلاق مشاكل لإيجاد منافس لهم ليضعوه في قائمة أهدافهم وهو ما يفعله اردوغان.

الخلاف إلى أين؟

١ – الخلاف سيلقي بظلاله على أي تحالفات سياسية وانتخابات قادمة.

٢ – وسائل الإعلام التي تمتلكها الجماعة من شأنها أن تؤثر على شعبية اردوغان وحزبه من خلال حملات إعلامية مكثفة.

٣ – السياسة الحزبية الضيقة التي ينتهجها أردوغان هي بحد ذاتها ضربة لحزبه لأنها ستوحد المعارضين ضده، وسيثير التساؤلات حول شخصيته القيادية.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق