التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 28, 2024

تيّار المردة .. من التأسيس إلي التحديث 

تيار المردة، حزب سياسي لبناني يتزعمه سليمان طوني فرنجيه ويشكّل أبناء الطائفة المارونية أغلب أعضائه كما يعتبر قضاء زغرتا معقل الحزب الرئيسي. أنشئ المردة سنة ١٩٨٦على يد طوني فرنجية نجل النائب آنذاك ورئيس الجمهورية لاحقاً سليمان فرنجيّة، وقد خاض التيار الذي كان يعرف أيضا باسم جيش التحرير الزغرتاوي في بداية الحرب الأهلية اللبنانية عدة معارك قرب طرابلس وفي بيروت.

 

أصل التسمية

المردة هم من الشعوب السامية الاصلية للمنطقة الممتدة من لبنان الى سوريا والاردن وفلسطين وصولاً فيما بعد الى العراق وايران، وهم مزيج من كنعانيين فأموريين وآراميين ومن اتنيات مختلفة واطلق عليهم اسم مردة تبعاً للاله “مردو” والذي يعني اسمه “مار” اي السيّد و “دو” اي القوة، “سيّد القوة”، وبعد ذلك اتخذ الاسم تفسيرات اخرى مثل مارد اي العملاق او التمرد بمعنى الثورة.

آل فرنجيّة

تعتبر عائلة فرنجية من أعرق العائلات السياسية المسيحية، وقد شكّلت ضلعاً للمثلث المسيحي مع آل شمعون وآل الجميل. تزعّم العائلة سليمان فرنجية وانتخب رئيساً خامساً للجمهورية اللبنانية في العام ١٩٧٠ وبقي في منصبه حتى العام ١٩٧٦ بداية الحرب الأهلية.

وعند انتهاء ولاية الرئيس سليمان فرنجية تسلم زعامة التيار طوني فرنجية، الذي تمّ انتخابه عضوا في البرلمان اللبناني لأول مرة عام ١٩٧٠ بدعم من والده. الزعيم الشاب طوني المولود عام ١٩٤١ لم تدم حياته السياسية طويلاً، حيث أدى الخلاف مع الكتائب اللبنانية في العام ١٩٧٨ إلى اغتياله (على يد القوات اللبنانية الذراع العسكري الذي كان يتزعمه سمير جعجع حينها) مع عقيلته فيرا قرداحي فرنجية، وطفلته جيهان ابنة الثلاث سنوات و٣٠ من أبناء البلدة الأبرياء. لكن سليمان الابن نجا من موت محتّم في مجزرة إهدن ١٣ حزيران ١٩٨٧ لأنه كان قد انتقل في آخر العهد الى بيروت حيث تعلّم في مدرسة الأتينيه جونيه، لكن خسارته لأهله أنضجته بصورة مبكرة علماً انه منذ الصغر يقول عارفوه انه يتمتع بصفة القيادة.

سليمان طوني فرنجية

سليمان طوني فرنجية سليل بيت سياسي عريق وابن تربة صلبة أنجبت رجالات في السياسة ساهموا وأسهموا في صنع تاريخ لبنان. بدأ عمله السياسي سنة ١٩٨٧ حين أسس كتيبة ٣.٤٠٠ وكان له من العمر ٢٢ سنة، واتخذ من قرية بنشعي مقراً له لما ترمز له بنشعي تاريخياً، غير ان السياسي الشاب “الطالع” من بين الناس آمن بالعمل المؤسساتي واستلم فعلياً القيادة يوم ٢٠/٨/١٩٩٠من عمّه روبير الذي حمل الأمانة وحفظها من سنة ١٩٧٨ الى سنة ١٩٩٠. سارع سليمان الابن الى وضع تصوّر سياسي من رؤية واضحة متكئاً على ارث كبير، فمتّن العلاقة مع سوريا الجار الأقرب، مكملاً علاقة الرئيسين الراحلين سليمان فرنجية وحافظ الأسد، هذه العلاقة النموذجية السياسية والعائلية، وهكذا استمرت بين سليمان الحفيد والراحل باسل الأسد فالرئيس الدكتور بشار الأسد وما تزال.

في سنة ١٩٨٩ قبل فرنجية بالطائف دستوراً جديداً وكان اول من سلّم سلاح “ميليشيا المـرده” للدولة اللبنانية، ودعم ترشيح الرئيس رينيه معوض فوصوله الى سدة الرئاسة ما شكل محطة مضيئة في بداية عمله السياسي، وعلامة فارقة في تاريخ العلاقات بين اهل السياسة في المنطقة الواحدة. وقبوله بالطائف ترجمه فيما بعد أيضاً بمشاركته في الحكم سواءً في البرلمان او في تسلّمه اكثر من حقيبة وزارية، وفي كل المواقع تميز بثبات الموقف.

هو المسيحي – اللبناني العربي الداعي للحفاظ على التوازنات في لبنان كضمانة لوحدة هذا الوطن التي يقيه شرّ التغييرات الإقليمية او الديموغرافية، وعزز علاقاته العربية بعلاقة مع الكرسي الرسولي وزار الفاتيكان مرتين مرجعاً للمسيحيين في العالم، كما أنه مؤمن بضرورة التنسيق الاقليمي حيث زار ايران في ٢٢ نيسان ٢٠٠٧ والتقى قائد الثورة الايرانية والرئيس الايراني وكبار المسؤولين.

وبالعودة الى التسلسل الزمني للإنتخابات النيابية فإن سليمان فرنجية عُيّن نائباً للمرة الأولى سنة ١٩٩١ وكان اصغر النواب سناً، وفي الدورات التالية في سنوات ١٩٩٢، ١٩٩٦ و٢٠٠٠ حلّ اولاً في قضاء زغرتا – الزاوية بمعزل عن تبديل القوانين بين محافظة ودائرة وسطى.

وفي انتخابات سنة ٢٠٠٥ خسارته للمقعد النيابي شكّلت ربحاً فعلياً له في وجه “قانون انتخابي سيء” فحصد ٢١ ألف صوت في القضاء وحلّ أولاً في قضاء البترون والكورة. وفي ٢٠٠٩ وبعد ان تحقق لفرنجية الغائب الحاضر في مؤتمر الدوحة قانون القضاء كمرحلة انتقالية لوضع قانون انتخابي عصري يلاقي تطلعات اللبنانيين، فازت لائحته في زغرتا – الزاوية وضمت اليه النائبين اسطفان الدويهي وسليم كرم. وانضم نائب الهرمل اميل رحمة الى كتلة فرنجية لتتشكل كتلة “لبنان الحرّ الموحّد” ما يذكّر بإذاعة لبنان الحرّ الموحدّ التي انطلقت في حزيران ١٩٧٨ بعيد مجزرة اهدن.

وبعد أن لمس سليمان فرنجية أن المرحلة بحاجة الى تنظيم، سارع الى تأطير المـــَرده وأطلق “تيار المـــَرده” في ١١ حزيران ٢٠٠٦، وما سهّل الأمر ان الآخرين يطلقون تياراً ربما أو حزباً أو حركة فينضم المناصرون، فيما لدى فرنجيه عشرات الآلاف الذين ينتظرون الإطار الرسمي فقط. ومنذ انطلاق التيار افتُتحت مكاتب عدّة للمرده في مناطق لبنانية عدّة في كسروان وجبيل والمتن وبعبدا والبقاع.

ولتيار المـَرده اللون الأخضر لما يرمز اليه بيئياً ولوناً للحياة والعطاء، والى جانب العلم الكلاسيكي، أطلق الرمز بوصلة تحدد دائماً الوجهة الصحيحية والـπ  الثابتة الواحدة في علم الرياضيات.

مبادئ تيّار المردة

يعتبر تيار المرّدة من أكثر التيارات المسيحية اللبنانية دعماً للمقاومة في وجه الكيان الإسرائيلي، وتربطه علاقات مميزة مع مختلف الطوائف اللبنانية بدءاً من التيار العوني، الحليف المسيحي الأقوى مروراً بحزب الله وحركة أمل وصولاً إلى الحزب الديمقراطي اللبناني بزعامة طلال ارسلان، والتنظيم الشعبي الناصري وتيارات سياسية أخرى. ومن أهم مبادئ المردة: 

لبنان وطنٌ نهائي لجميع ابنائه، ضمانته الالتزام الوطني مجتمعاً ودولة بما ينأى به عن صراعات وازمات تنفذ من خلال تحويل العائلات الروحية الى طوائف ومذاهب متنازعة.

لبنان وطن واحد سيّدٌ حرّ وموّحد، رافض لكل اشكال التقسيم والفدراليات، عربي الهوية والانتماء، منفتح على جميع دول العالم.

رفض كافة مشاريع التوطين الفلسطيني والتأكيد على حق العودة، والكيان الاسرائيلي عدوا لجميع اللبنانيين.

يؤمن تيّار المردة بلبنان دولة ضامنة قولاً وعملاً للحرية كقيمة انسانية شاملة وجامعة، دولة سيّدة لها قرارها الحرّ المناهض لكل اشكال الوصايات التي تتبدّل او تتجدّد تبعاً للظروف.

وعلاقة سليمان فرنجية الابن القوية مع حزب الله وحركة أمل، جعلته واحدا مما يسمى بتيار المقاومة في لبنان، وهو التيار الذي يطرح في برنامجه السياسي ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

فرنجية رئيساً!

سليمان فرنجية الذي قرّر التنحي في الفترة الأخيرة عن مقعده النيابي لمصلحة نجله طوني فرنجية وبالتالي إدخاله إلى الحياة السياسية من بابها الواسع، يطرح اسمه حالياً من قبل بعض الشخصيات من خارج المربّع الماروني التي تعمل على تسوية رئاسية قد تأتي برئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيساً في موعد محدّد هو الثامن عشر من نوفمبر المقبل!

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق