الوضع الاقتصادي في غزة والوعود العربية والغربية
الحرب والحصار على غزة من اهم عوامل انهيار الوضع الاقتصادي والمعيشي. تلك المدينة المقاومة والصامدة في وجهة الكيان الإسرائيلي انهكتها الحروب والحصار، وما كان من الدول العربية والغربية الا اعطاء الوعود من اجل اعمار القطاع وتقديم المعونة للحكومة وما الى ذلك. فهل أوفت تلك الدول بوعودها؟
تعرض قطاع غزة للحرب بين عامي ٢٠٠٨-٢٠٠٩ من قبل الكيان الإسرائيلي بعد ستة أشهر من التهدئة بين حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وهذا الكيان برعاية مصرية، وذلك لعدم فك الحصار عن غزة من قبل الكيان الإسرائيلي بعد تولي حماس السلطة عبر انتخابات شرعية. ثم تلتها حربا عام ٢٠١٢ و عام ٢٠١٤، وكل هذه الحروب التي تعرض لها القطاع ادت الى دمار كبير في البنية التحتية من مبانٍ حكومية ومستشفيات ومدارس وجامعات الى شبكات الكهرباء ومشاريع المياه والصرف الصحي والطرق، جعلت من غزة مدينة منهارة تماما. كما لم يترك القصف الاسرائيلي المصانع والشركات والمباني المدنية مما ادى الي وضع اقتصادي ومعيشي صعب جدا نتيجة نزوح وتشرد الأهالي وتوقف جميع المصالح والاعمال في القطاع. وكل هذا الوضع الصعب كان مرفقاً ايضاً بحصار خانق من جانب الكيان الإسرائيلي من جهة والطرف المصري من جهة أخرى. ومع كل هذا بقي القطاع صامدا بوجه الآلة العسكرية الاسرائيلية الجوية والبحرية والبرية، ولم يستسلم او يرضى بالذل والخضوع.
بعد كل هذه الحروب ماذا قدّم العرب والغرب لهذا القطاع المتهالك، فبعد العدوان الأول انعقد مؤتمر اعادة إعمار قطاع غزة في عام ٢٠٠٩ في مدينة شرم الشيخ المصرية، حيث اجتمعت نحو ٧٠ دولة و١٦ منظمة اقليمية ودولية، وتعهد المانحون بتقديم ٤,٤ مليار دولار لإعادة بناء القطاع. بعد مؤتمر شرم الشيخ لم تفِ الوفود المشاركة بوعودها، ومن ثم اعيد طرح موضوع إعادة الإعمار للواجهة عدة مرات كانت إحداها في قمة الكويت عام ٢٠٠٩ حيث تم جمع ١,٧ مليار دولار كتعهدات لم يتم تنفيذها. وان مجمل ما تم تنفيذه من تعهدات لم يتجاوز ٤٠٠ مليون دولار امريكي.
وبعد الحرب الأخيرة ٢٠١٤ او ما تسمى حرب الـ ٥١ يوماً انعقد مؤتمر إعادة اعمار غزة في العاصمة المصرية القاهرة في ١٢ اكتوبر/تشرين الاول عام ٢٠١٤ بحضور نحو ٥٠ دولة ومنظمة دولية، حيث تعهد المشاركون بتقديم ٥,٤ مليار دولار. وقبيل انعقاد المؤتمر عبر إسماعيل هنية نائب المكتب السياسي لحماس عن تطلع الفلسطينيين لأن يكون المؤتمر مختلفا عن سابقيه. وأوضح أن الأموال التي رصدت في المؤتمرات السابقة لإعمار غزة اي بعد حربي ٢٠٠٨ و ٢٠١٢ لم يصل منها أي شيء للقطاع.
اما الوضع الحالي فقد دعت منظمات عدة في تقارير مختلفة المجتمع الدولي، إلى احترام تعهداته التي أطلقها في مؤتمر إعادة إعمار غزة، واتهمت التقارير الدول المانحة بعدم الوفاء بالتزاماتها. حيث قال المستشار الإعلامي (للأونروا) عدنان أبو حسنة، إن هناك أكثر من ٥٢ ألف نازح موجودون في مدارس وكالة الغوث، و٦٠ ألفا خارج المدارس ممن لا مأوى لهم.
وكشف تقرير اقتصادي دولي أن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة على وشك الانهيار، منوهاً إلى أن الحصار والحرب وسوء الإدارة من بين الأسباب التي تساهم في هذا الوضع. وقال التقرير إن ٤٣ في المائة من سكان القطاع، البالغ عددهم ١.٨ مليون نسمة عاطلون عن العمل، وإن نسبة البطالة بين الشباب ارتفعت إلى نحو ٦٠ في المائة بنهاية العام الماضي. وقال موفد البنك الدولي لقطاع غزة والضفة الغربية ستين لاو يورغنسون إن “السوق الحالية في غزة غير قادرة في الوقت الراهن على توفير وظائف، تاركة عدداً كبيراً من السكان في حال يأس، وخاصة الشباب”. وحذر التقرير من أن “الوضع الراهن في غزة لا يمكن تحمله”.
ان الوضع في القطاع لا يمكن تحمله حقيقةً وكل ذلك بسبب الوعود العربية والغربية حيث انه مع كل هذه المؤتمرات والوعود لم ينفذ الا العدد اليسير من المشاريع ولم تكن الا كالمثل القائل “على الوعد يا كمون”. وهنا نقول لأهلنا في غزة لا يجب الاعتماد على هذه الدول من اجل فك الحصار وايجاد مخرج للأزمة، وانما الحل في الوحدة والعمل المشترك بين جميع ابناء الشعب الفلسطيني من اجل فك الحصار الخانق المفروض من قبل الكيان الإسرائيلي ومصر.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق