التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

جيش حضرموت ورقة السعودية الأخيرة 

على وقع النتائج المخزية التي منيت بها السعودية جراء حربها على اليمن، سارعت في تسابق مع الزمن وقبل ان يبدأ مؤتمر جنيف وقبل ان تتقدم حركة انصار الله اكثر على الارض، الى تغيير بعض الوقائع أكان على المستوى السياسي بعد الشروط التي قدمتها للمشاركة في جنيف والتي ادت الى تأجيل المؤتمر أو على المستوى العسكري، في خطوة قد تكون الأخيرة لديها متمثلةً بانشاء جيش حضرموت، علها تستطيع بذلك اكتساب بعض المنجزات لعاصفة الحزم. لكن ما هو هذا الجيش؟ وما هو الهدف المرجو منه؟

 

جاءت هذه المبادرة بعد الفشل الذي توصلت اليه السعودية اثر الضربات الجوية المستمرة التي لم تحقق اياً من اهدافها، لكن الأهم هو الى ماذا تهدف السعودية من وراء هذا “الجيش” الذي تسعى الى توليده قصريا “مستفيدة” من الانقسام اليمني ومن المساحة الزمنية المعطاة لها من أمريكا لتنفيذ ما عجزت عنه باشكال اخرى.

سعت السعودية الى انشاء جيش من مرتزقة سنغاليين ونيجيريين ويمنيين، هدفه امور منها:

اولاً: انشاء جيش من الكتائب التي كانت تنضوي تحت امرة اللواء المنشق علي محسن الأحمر من اجل تشكيل جبهة قتال فعالة بوجه انصار الله والجيش اليمني.

ثانياً: من خلال تلك الخطوة تستطيع جعل منطقة حضرموت عاصمة مؤقتة لهادي بعد تعذر عودته الى عدن وبالتالي السعي الى تقسيم اليمن والقول بأن القسم اليمني القريب منها باستطاعته حماية نفسه ويوجد فيه مقومات الدولة ومنها الجيش.

ثالثاً: تجميع القوات الموالية لهادي وبعض الالوية الموالية لها وربما القاعدة على شكل جيش شبيه بالذي انشأته تركيا وقطر في سوريا اي جيش الفتح في ادلب والقلمون بغية تقديم انجازات كانت صعبة.

رابعاً: والأهم من خلال انشاء هذا الجيش الذي ستسميه حتماً “الجيش الشرعي” ما يعطيها هامشاً في تقديم المساعدات له وبالتالي مساعدة (بحسب ظنها) الشرعية العسكرية كما السياسية.

لذلك بدأ إنشاء هذا “الجيش” في منطقة العبر في محافظة حضرموت، بقيادة اللواء محمد علي المقدشي وبإدارته من داخل الأراضي السعودية، حيث يقع مقر قيادته في منطقة شرورة السعودية، أما المعسكر ففي منطقة العبر داخل الأراضي اليمنية، وذلك تنفيذاً لأحد مقررات «إعلان الرياض»، على ما يعتقدون.

صحيح ان هذه الخطوة قد تكون المحاولة الاخيرة لأمراء ال سعود الا ان لها نتائج ربما كارثية على الصعيد اليمني اذا كتب لها النجاح، حيث ستزيد من حدة الشرخ الاجتماعي اليمني والزيادة في الاقتتال الداخلي قد تتخطى الحرب الاهلية الى حرب طائفية تستنزف الشعب والجيش اليمني على شاكلة ليبيا التي تمزقها الحروب العبثية الان وهذا ما يريده السعوديون في اليمن، ولهذا ربما سعت السعودية الى رفع سقف مطالبها حول مؤتمر جنيف الذي تم تأجيله بسبب الشروط السعودية غير الواقعية والتي طالت من خلالها الامم المتحدة بشكل مباشر.

المراقب للوضع اليمني يعلم جيداً ان المصالحة الوطنية في التسعينات لم تحظ بالرضى السعودي، لكن الإرادة اليمنية يومها كانت اكبر من السعودية ولذلك تمت اعادة توحيد اليمن. ولهذا كان احد اهم اهداف السعودية منذ بداية الازمة تقسيم اليمن الى ٦ اقاليم منفصلة يكون فيها انصارالله ضمن اقليم مفصول عن الساحل وعن الحدود السعودية، فالتوقيت التي اختارته السعودية جاء بعد نفاذ اهداف الجوية وبعد التسليم بعدم جدوى تلك الغارات وبعد ان كان من المقرر إعلان توقيع اتفاق شامل لحلحلة الاوضاع في محافظة مأرب التي تشهد مواجهات شرسة منذ عدة أسابيع بين قوات الجيش المسنودة بلجان تابعة لأنصار الله، ومجاميع من المتشددين والقبليين الموالين لحزب الإصلاح، وجاءت هذه الخطوة بوساطة قبلية قادها وجهاء ومشايخ قبليون بينهم الشيخ محمد بن ناجي الغادر والتي توصلت إلى اتفاق من شأنه إيقاف الحرب والبدء بخطوات عملية لتطبيع الوضع في المحافظة. ولكن الشيخ الغادر كان قد وصل قبيل أيام إلى مأرب، تحضيراً لإعلان توقيع الاتفاق، وبموافقة قيادات إصلاحية هناك، إلا أنه تعثر في اللحظات الأخيرة، بعد وصول اللواء محمد علي المقدشي إلى مناطق في حضرموت اتياً من السعودية، وبدأ الحديث عن تأسيس جيش جديد.

لم تكن خطوات مملكة ال سعود اتجاه اليمن بعيدة عن الخطوات التي تتبعها امريكا في عالمنا العربي والإسلامي المتمثلة بالتقسيم والفدرلة(نسبة الى الفدرالية)، ولا نستبعد ذلك. لذلك فإن سعي السعودية مجدداً وبشكل مباشر الى تقسيم اليمن ما هو الا استعادة للحلم القديم، ولكن هل تكون ارادة اليمنيين اقوى من مطامح السعودية؟ وهل يملكون الوعي الكافي لتفتيت اوهام السعوديين؟ هذا ما قد تجيب عليه الايام القادمة.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق