نتائج الحرب الأمريكية علي أفغانستان واثرها علي المنطقة
بالرغم من تباين الآراء والتحليلات حول اغلب قضايا المنطقة ومجرياتها، خاصة في ظل ما تعيشه بلداننا من إعتداءات وتدخلات خارجية جعلت منها بلدانا حافلة بالمجريات والأحداث، إلا أن ما يجمع عليه الجميع وتتوحد عليه الآراء، هو أن أي تدخل خارجي في بلداننا لا بد من أن يتوفر فيه عنصران أساسيان، الأول المنفعة والمصلحة للدولة المعتدية والمتدخلة والثاني الحجة والتبرير الذي تعلنه الدولة المعتدية ويكون غطاء أعمالها وتصرفاتها، وهو بالتحديد ما يمكن ترجمته على الساحة الأفغانية أو العراقية وغيرهما. فبالرغم من التكلفة الباهظة التي تدفعها امريكا في أفغانستان كما الدول الأخرى التي تتدخل بها، إلا أنها ألقت بكامل ثقلها في تلك البلدان حتى أصبحت السياسة الامريكية في المنطقة قائمة ومرتبطة بشكل مصيري بالبلدان التي تدخلت بها.
امريكا والتي تشير الاحصائيات بأنها دفعت تكلفة مادية كبيرة لإحتلالها أفغانستان وصلت إلى ٦ تريليونات دولار، بالإضافة إلى العدد الهائل لقتلاها هناك نتيجة المقاومة الشعبية التي تصدت لها والتي وصلت إلى ما يقارب ٢٠٠٠ جندي، ناهيك عن انكشاف الوجه الحقيقي لامريكا أمام العالم وكذب ادعاءاتها، وبصرف النظر عن الأهداف الحقيقية للإحتلال، فإن النتائج التي ترتبت علي ذلك كافية وحاكية عن هذه الأهداف، وفي عرض مجمل عن بعض هذه النتائج يمكن ذكر التالي:
١ – تقوية الفكر الإرهابى: فقد قامت الحرب الامريكية على افغانستان بناءً علي هدف رئيسي وهو القضاء على جماعة طالبان التي اعتبرتها امريكا بأنها خطر حقيقي على المنطقة، وبعد مضي ما يقارب الـ١٤ عامً على الإحتلال، فإن وقائع الارض تشير إلى أن الإرهاب وفكر التكفير قد ازداد بشدة بل وأن الأشهر القليلة الماضية شهدت بدء نمو الجماعات التكفيرية مثل داعش، وما الحلف الدولي ضد هذه الجماعات في العراق وفشله في تحقيق أي تقدم إلا تأكيد علي عدم صحة المزاعم الأمريكية.
٢ – ارتفاع انتاج المواد المخدرة في افغانستان إلى خمسة أضعاف عما كان عليه قبل الإحتلال، فيما تضاعف عدد المستهلكين للمواد المخدرة من الافغانيين إلى ضعفين، وقد جاء في تقرير الأمم المتحدة العام ٢٠١٤ ان افغانستان أنتجت وحدها ٩٢ في المئة من الإنتاج العالمي للأفيون، وتشير التقارير إلى أن أمريكا هي العامل الأساس في تسهيل بل والتشجيع على إنتاج هذه المواد لما يتوافق مع مصالحها، التجارية خاصة، أو تفتيت بنية الشعوب.
٣ – الإقتصاد الأفغاني الذي كان يعاني من بعض المشاكل قبل الإحتلال، فجاء الإحتلال ليدمر البنية الإقتصادية لهذا البلد ويقضي على بنيته الأساسية.
٤ – أعداد الضحايا الهائلة والجرحى نتيجة الإحتلال الأمريكى والذي خلف كارثة إنسانية لا يزال الشعب الأفغاني يعاني منها حتى الأن.
٥ – إتخذت أمريكا من أفغانستان محطة وقاعدة لها للإنطلاق بمشروعها الشرق اوسطي الجديد والذي لم يحقق منه حتى الآن لشعوبنا سوى الخراب والدمار، فالشرارة الاولى التي انطلقت منها عمليات التكفير والتخريب على أيدي الجماعات التكفيرية في المنطقة إنما كانت نتيجة الإحتلال الأمريكى لأفغانستان حيث هيأت الأرضية لولادة هذه الجماعات ومن ثم انتشارها في بلداننا.
مما لا شك فيه أن سياسة أمريكا في افغانستان كما في المنطقة كلها ولدت حالة شعبية ساخطة ايقظت الأمة وأوجدت لديها ضرورة الإتحاد والتكاتف في سبيل مواجهة المحتل، والنهوض نحو مشروع بناء الدولة القوية القادرة والدفع بالأمة نحو التنبّه بضرورة الإنتفاض على الحكومات المتعاونة مع أمريكا.
لقد اتضح لدى شعوب المنطقة حجم المؤامرة والمخطط الذي رسمته أمريكا للمنطقة إنطلاقا من أفغانستان إلى العراق فسوريا وغيرهم من البلدان، وتبلورت فكرة الإدعاءات الأمريكية المتناقضة مع منهجيتها على أرض الواقع، وصار من البديهي أن كل الحديث الإعلامي الذي تضخه في وسائل إعلامها حول مبررات عدوانها على بلداننا ليس إلا حجة للتدخل، وبأن الأهداف الحقيقية تكمن في تحقيق مكاسبها ومنافعها على حساب شعوبنا وأمتنا، وما التشكيلات الشعبية التي بدأت تشهدها بلداننا إلا تعبير واضح عن يقظة الشعوب في وجه المؤامرات وصحوة شعبية لن تنطفىء أبدا.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق