طبيعة الدعم التركي لقطاع غزة المحاصر
ما هي طبيعة الدعم التركي لقطاع غزة المحاصر منذ اكثر من ٧ سنوات؟ وماذا قدمت تركيا للقطاع في ظل الوضع الاقتصادي المنهار؟ وهل اوفت تركيا بتعهداتها بعد العدوان الإسرائيلي؟ وبماذا قامت الحكومة التركية على الارض لتقديم الدعم الكافي من الناحية السياسية والاقتصادية من اجل تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني؟
قطاع غزة المحاصر عانى ما عانى من ويلات العدوان الإسرائيلي عليه من تدمير شبه كامل للبنية التحتية من مدارس وجامعات ومستشفيات ومبانٍ حكومية ومدنية، وفرض عليه حصار خانق على جميع المعابر مانعاً دخول أي شيء وحتى أهم مستلزمات الحياة. هذا ما جعل الوضع الاقتصادي للقطاع يتدهور ويصل إلى حافة الانهيار حسب آخر التقارير الأممية.
ومنذ تعرض غزة للحروب المختلفة (٢٣ يوماً و ٨ أيام و ٥١ يوماً) كانت تركيا سباقة في مناصرة غزة ومد يد العون لها عبر خطابات لأردوغان وحكومته، وكان ابرز الاحداث انسحاب اردوغان من مؤتمر دافوس احتجاجا على عدم السماح له بالتعليق على كلمة رئيس الكيان الإسرائيلي بيريز. كما قامت تركيا من اجل فك الحصار عن غزة بارسال ما سمي باسطول الحرية، حيث تعرض الاسطول للقصف من قبل الكيان الإسرائيلي أدى الى سقوط قتلى وجرحى. وبسبب الحدث الأخير تم وقف العلاقات التركية الاسرائيلية لقرابة ثلاث سنوات. وهنا اشتد الخطاب من قبل أردوغان على الكيان الإسرائيلي، ورفضت أنقرة عودة العلاقات إلا بثلاثة شروط أساسية وهي: تقديم اعتذار مكتوب موجه للشعب التركي، تعويض أهالي الضحايا، ورفع الحصار عن قطاع غزة. ولكن ما حصل لم يكن سوى اعتذار شفهي عبر اتصال هاتفي رتبته الإدارة الامريكية بين أردوغان ونتنياهو، أدت الى إعادة العلاقات الحميمة الى سابق عهدها. وهنا لدينا سؤال مهم، ماذا حل بشرط رفع الحصار عن غزة؟ ولماذا لم يخبر أردوغان صديقه نتنياهو بمدى الحصار الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني؟ أم أن الاعتذار أعاد الحرية لقطاع غزة!!
إن ما قام به الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في ذلك الوقت من خروجه من مؤتمر دافوس الى قطع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي، لم يكن سوى تمثيلية واضحة المعالم من أجل زيادة النفوذ التركي في منطقة الشرق الاوسط على حساب القضية الفلسطينية مستفيدا من حساسية هذه القضية لدى الشارع العربي، ولكم الاسباب:
١- بعد كل الخطابات والدعوات من قبل اردوغان من أجل مساعدة الشعب الفلسطيني لا يزال الحصار على قطاع غزة مفروضا الى اليوم، وذلك بالرغم من عودة العلاقات كسابق عهدها مع الكيان الإسرائيلي وكذلك العلاقة القوية بينها وبين الإدارة الامريكية وأوروبا. بالإضافة الى ازدياد نفوذ اردوغان وحزبه في الحكم بسبب وصوله إلي كرسي الرئاسة.
٢- العلاقة مع الكيان الإسرائيلي اصبحت اكثر قوة وعمقا، فحجم المبادلات التجارية وصل الى رقم قياسي في عام ٢٠١٣ وهو خمسة مليارات دولار. كما ان الحكومة التركية تقوم بالتسهيل والمباشرة ببيع النفط العراقي المهرب من كردستان الى الكيان الإسرائيلي، وتقوم بحملة تسويق سياحية للإسرائيليين باسعار تشجيعية مما يعني زيادة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي. اما عسكريا فنقلت مجلة “ديفنس نيوز” الامريكية: أنّ نظام الدرع الصاروخي الأطلسي في قاعدة كوريجيك في ملاطية التركية يتقاسم المعلومات مع نظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي ويساعده علي إسقاط الصواريخ الفلسطينية الموجهة ضد الكيان الإسرائيلي .
٣- عدم تقديم اي دعم مالي او عسكري مباشر للشعب الفلسطيني، بل اقتصر الدعم المالي عبر بناء وترميم المساجد وما شابه، في حين فاقت تكلفة بناء القصر الرئاسي الجديد ٦٥٠ مليون دولار. اما ما تقوم به حكومة اردوغان من دعم غير محدود للجماعات المسلحة في سوريا من دعم بالأسلحة الحديثة والدعم اللوجستي عبر أجهزة المخابرات التركية الى الدعم الميداني عبر مشاركة بعض ضباطه بالحرب، فلماذا لم نر اي شيء من هذا القبيل في غزة ؟!
الى اليوم لم يكن الدعم التركي للقضية الفلسطينية سوي بالكلام والخطابات الرنانة ولم نر اي موقف جدي من اردوغان وحكومته من أجل مساعدة الشعب الفلسطيني في فك الحصار وتخفيف معاناته، بالرغم من العلاقة القوية التي تربطه بالكيان الاسرائيلي وامريكا واوروبا.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق