تطلعات اجتماع وزراء منظمة التعاون الاسلامي
يعقد في هذه الايام الدورة ٤٢ لوزراء خارجية منظمة التعاون الاسلامي في الكويت تحت عنوان “الرؤية المشتركة لتعزيز التسامح ونبذ الإرهاب”. ماذا جنت منظمة التعاون الاسلامي في مجمل اجتماعاتها السابقه؟ واين هي من واقع العالم الاسلامي والشباب المسلم؟ وما هي التطلعات المرجوة من انعقاد اجتماعات المنظمة؟ وهل حقا تواكب ما يحل بالأمة الاسلامية من نزاعات وحروب طائفية ومذهبية؟
تأسست المنظمة في الرباط ٢٥ أيلول من عام ١٩٦٩، إذ عقد أول اجتماع بين زعماء العالم الإسلامي، بعد حريق المسجد الأقصى في ٢١ آب ١٩٦٩. حيث طرح وقتها مبادئ الدفاع عن شرف وكرامة المسلمين المتمثلة في القدس وقبة الصخرة، وذلك كمحاولة لايجاد قاسم مشترك بين جميع فئات المسلمين. وتضم المنظمة الان ٥٧ دولة اسلامية، وقد تضمن ميثاق المنظمة عند تأسيسها عهدا بالسعي بكل الوسائل السياسية والعسكرية لتحرير القدس من الاحتلال، ولكن مهمات المنظمة اتسعت بعد ذلك لتشمل متابعة قضايا العالم الإسلامي بشكل عام.
والى اليوم ان اهم ما قامت به المنظمة هو عبارة عن تغييرات شكلية، فقد تغير اسمها من منظمة المؤتمر الاسلامي الى منظمة التعاون الاسلامي، رغم انه الى الان لم نشاهد اي تعاون واضح من أجل العمل علي تحقيق أهداف المنظمة التي وردت في الميثاق.
ففي عدوان الكيان الإسرائيلي على غزة كل ما قامت به هذه المنظمة، كانت المطالبة بتشكيل لجنة تقصي الحقائق، التي لم تقدم ولم تأخر أي شيء بالقضية. فالحصار المفروض على غزة ما يزال الى يومنا هذا ولم تستطع الـ ٥٧ دولة عمل أي شي لكسر الحصار أو تقديم اي شيء يخفف عن معاناة الشعب الفلسطيني سوى الوعود، وعلى ما يبدو فإن تاثير أمريكا على بعض أعضاء المنظمة أقوى بكثير من أي عمل ملموس يمكن أن تقوم به على الأرض.
وفي حادثة نشر الصور الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم لم نر ردة فعل موحدة من اعضاء المنظمة كالاتفاق مثلاً على اغلاق السفارات لجميع دول أعضاء المنظمة، وإنما ما جرى كان اغلاق السفارات من قبل بعض الدول الاعضاء نتيجة فهمهم لحجم القضية والحس بالمسؤولية للتصدي لمثل هذه التصرفات التي تسيء لنبي الامة الاسلامية.
والى قضايا الامة الحالية من حروب طائفية ومذهبية الى انهيار وتقسيم دول اخرى، لم نشاهد اي تحرك من هذه المنظمة ايضا. فماذا عملت لدول مثل العراق وسوريا في محاربتهما لتنظيمات ارهابية تقاتل باسم الاسلام كداعش مثلا ؟ وما هو موقفها من خطط التقسيم التي تتبناها كل من تركيا والسعودية وقطر من اجل تقسيم سوريا الى عشر دويلات ؟ ام ماذا كان موقفها من قصف تحالف الناتو لليبيا والوضع الذي تعيشه ليبيا الآن ؟ واخيرا ما موقف المنظمة من الحملة العسكرية على اليمن ؟ فالى اليوم لم تبدِ اي شيء ايضا اتجاه قضية اليمن. أوليس اليمن من اعضاء منظمة التعاون الاسلامي؟! أم إن النفوذ السعودي في المنظمة أقوى من أن تعلن المنظمة في بيان لها إدانتها للعملية العسكرية من دول تدعي الاسلامية على دولة مسلمة أخرى.
وفي النتيجة يبدو أن تطلعات الشعوب الإسلامية بعيدة جدا عن تطلعات ووجهات نظر منظمة التعاون الإسلامي، وأن الشعوب غير راضية ابدا عن سير عمل هذه المنظمة، والتي غاب حضورها حتى على الساحة الإعلامية كما هو مرجو لها، والسبب هو: اولا إن هذه المنظمة لم تختلف كثيرا عن المنظمات الدولية الأخرى ذات الازدواجية في المعايير بالنسبة للدول والشعوب. ثانيا ما يتمناه الشعب الاسلامي هو العيش بكرامة وحرية وعزة وليس في دول منهارة اقتصادياً واخرى متّخمة من الترف، وليس في دول انهكتها الحروب والانقسامات، ودول ملئت فسادا ماليا واخلاقيا. فهل سيكون لهذه المنظمة يوما ما منحى لما يتطلع اليه الشعب الاسلامي في استرداد كرامته وعزته، نرجو ذلك.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق