التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 13, 2024

هل ستنجح القوة العربية المشتركة في تحرير القدس؟ 

 يكثر في الآونة الاخيرة الحديث بشكل جدي عن اقتراب موعد الولادة القيصرية للقوة العربية المشتركة، حيث شهد مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة مشاورات عدة بحضور رؤساء أركان جيوش الدول العربية، لاستكمال مناقشة الإجراءات التنفيذية بشأن إنشاء القوة العربية المشتركة، قوّة يكون بإمكانها التدخل السريع لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أعضائها.

 

قد يختلف الزعماء العرب على مقاربة الامور السياسية والأمنية بدءاً من سوريا والعراق مروراً بليبيا ومصر وإنتهاءاً باليمن، لكن الثابت الوحيد(في الظاهر على الأقل) هو إجماع الزعماء العرب على إعتبار الكيان الإسرائيلي عدواً للامة وبقاء القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين، هذا ما أوضحه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز عندما قال خلال كلمته بالقمة التشاورية الـ ١٥ لدول مجلس التعاون مطلع شهر آيار الحالي: “القضية الفلسطينية ستبقى هي القضية الرئيسية والمركزية”.

القادة العرب يؤكدون عبر رؤساء أركان جيوشهم “أهمية وضرورة تشكيل القوة العربية المشتركة، نظراً للأبعاد الإستراتيجية المتعلقة بها لحاضر ومستقبل المنطقة العربية، ومواجهة التحديات التي تواجهها في صيانة الأمن القومي العربي، والحفاظ على سيادة الدول واستقلالها وسلامة ترابها الوطني ووحدة أراضيها”، ما يدفعنا لطرح السؤال التالي: أين القدس من القوة العربية المشتركة؟ وماذا ستقدّم هذه القوة للقضية الفلسطينية؟

أبرز التحديات

يبدو واضحاً أن تشكيل القوة المشتركة ليس بالأمر السهل، ويرى بعض المراقبين أن هذه القوة سوف تواجه العديد من التحديات الكبيرة داخلية وخارجية، واذا ما قرّرت هذه القوّة نصرة القدس والقضية الفلسطينية فلا بدّ لها من مواجهة هذه التحديات.

خارجيّاً، تعتبر هذه القوّة مرفوضة جملة وتفصيلاً من التحالف الأمريكي الإسرائيلي الذي يغض الطرف عنها حالياً لأسباب لا تختلف عن أسباب محاولات تفتيته للدول العربية وزرع الضغائن بينها لإضعافها، كما أن تجهيز هذه القوة يتطلب تجهيزاً عسكرياً متفوقاً ترفضه أمريكا دون الحصول على ضمانات حول وجهة السلاح، وهنا يبرز خياران الأول الرضوخ للمطالب الأمريكية ما يعني ضياع القضية الفلسطينية، أو الإنسحاب نحو القطب الروسي وهذا ما ترفضه العديد من الدول الخليجية لأسباب سياسية وأمنية وإقتصادية.

أما على المستوى الداخلي، فالتحديات جمّة بالنسبة لهذه القوّة المشتركة، وحتى لو صرفنا النظر عن وجهة هذه القوّة، فهناك تحديات أخرى أبرزها:

أولاً غياب سوريا وإنشغال الجيش العراقي بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك الخلاف بين قطر ومصر، وغيرها من الخلافات الصامتة بين العديد من الدول الأعضاء في هذه القوة، ما يعني أنها لن تتعدى قوات درع الجزيرة لدول مجلس التعاون سوى بإضافة الجيش المصري، فهل ستنجح هذه القوة التي يغيب عنها أبرز الجيوش المحاربة سابقاً( سوريا والعراق) في مواجهة الكيان الإسرائيلي( لو فرضنا أن هذه القوة أرادت المواجهة).

ثانياً عدم الثقة بين الدول الأعضاء التي ظهرت للعلن عندما طرحت مصر أن تكون القاهرة مقراً للقيادة، عندها طلب عدد من رؤساء أركان الجيوش العربية مراجعة رؤسائهم في عدة أمور مرتبطة بالقوة، وقد وجد هذا المطلب تأييداً سعودياً ومعارضة قطرية ــ جزائرية وتحفظًاعراقيًا.

ثالثا إصرار البعض على “سلمية” المعالجة للقضية الفلسطينية رغم ٦٨ عاماً على فشل هذه الخيارات التي لم تنجب سوى القتل والدمار للشعب الفلسطيني، والرخاء والتوسع والإستيطان للكيان الإسرائيلي.

وبما أننا “نريد العنب لا الناطور”، وكذلك لا نريد لإتفاقية القوّة العربية المشتركة الجديدة  أن “لا تستحق الحبر الذي كتبت به” أو “أن الخطة لن تتخطى حاجز قاعة المؤتمرات التي جرى إعدادها فيها” كما زعم موقع “ديفينس وان” التحليلي الأمريكي والمعني بالشؤون الأمنية، فلا بدّ من رفع هذه العقبات التي تواجهها وأبرزها إعتماد مقولة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر “ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”.

لا ندري هل ستنجح هذه الدول في نصرة القدس أو تحريرها، نترك للقارئ حرية الإجابة، ولكن لا بد من طرح التساؤلات التالية حتى تكون الإجابة شافية: هل بقي الكيان الإسرائيلي عدواً وفقاً لمبدأ تأسيس جامعة الدول العربية التي تتحكم بالقوة المشتركة ؟ أو مقررات قمة الخرطوم وتصريحات الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ، أم تغير المبدأ ؟ ما هي الأهداف الحقيقية المرجو تحقيقها من وراء تشكيل هذه القوة في ظل طرح البعض أن مباركة وزير الدفاع الأمريكي تأتي بسبب تماهي هدف “القوة المشتركة” مع مشروع التقسيم الأمريكي الجديد؟ وإلى أي جهة سيصوب لهيب نيران الأسلحة العربية ؟ وهل ستهب القوة المشتركة لتصبح نواة لتحرير القدس؟ وهل ستدافع هذه القوة عن قطاع غزة إذا ما تعرض لعدوان إسرائيلي كما حصل بالأمس القريب؟ أو هل سيتم حتى التلويح والتهديد باستخدامها إذا حصل ذلك ؟ تساؤلات برسم الإجابة.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق