التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

فشل الإستراتيجية الأمريكية في الحرب الناعمة: حزب الله نموذجاً 

شكلت الحرب الناعمة قوة لصالح أمريكا بسبب ما تمتلكه من سيطرةٍ على الإعلام ووسائل الإتصال العالمية. وهو الأمر الذي سهل عليها عملية شن الحروب الناعمة. وقد وضعت أمريكا ضمن استراتيجيتها هدفاً أساسياً في المنطقة، وهو ضرب محور المقاومة. وقد ركزت على حزب الله اللبناني مستفيدةً من نقاط الضعف التي تتصف بها الدولة اللبنانية. وقد مارست تكتيكاتٍ عديدة تدخل ضمن الإطار العام الذي تتبعه عادةً. فما هي هذه التكتيكات؟ وكيف حاولت إرساءها لضرب منظومة حزب الله اللبناني؟

 

أولاً: التكتيكات الامريكية في الحرب الناعمة:

يمكن ذكر اهم تلك التكتيكات العملية للحرب الناعمة الأمريكية كما يلي:

أقرت أمريكا قانوناً يدعم المنظمات الديمقراطية الشبابية، وكان الهدف منه إنشاء مؤسسات على هيئة المؤسسات المدنية، والمؤسسات الشبابية، ودعمها. ثم العمل على توجيهها وتقويتها، لتكون بديلاً في المستقبل عن الحركات المعادية للمشروع الأمريكي.

فتحت أمريكا قنوات سياسية ودبلوماسية مع حركات عديدة وبالتحديد الحركات الإسلامية المركزية. وقد ركزت على الأطراف التي تعتبر فعالة في الدول الإسلامية، من أجل إدخالها في مشاريع، تحاول فيما بعد تلطيخ سمعتها من خلالها. وهو الأمر الذي اعتمدته مع حركة الإخوان المسلمين.

دعمت أمريكا الشخصيات الإسلامية ذات الفكر النيوليبرالي، وذلك من أجل تقويتها مقابل الشخصيات الإسلامية المعادية للسياسات الأمريكية وهو ما يخلق حالة من الريبة في المجتمع السياسي الإسلامي بالتحديد.

قامت واشنطن بزيادة قبول المنح الدراسية للطلاب العرب والمسلمين بعد العمل على إخضاعهم لدورات تعمل على تغيير اللاوعي لديهم، من خلال مؤسسات دولية معروفة، كالـ “إيميديست وميرل لينش”. كما عملت على بناء علاقات خاصة مع الجاليات العربية والإسلامية في دول الإغتراب، وجعلتهم يؤثرون على مجتمعاتهم الأم ودولهم الأساسية.

سعت أمريكا الى تعويم الشخصيات ذات الأفكار المتطرفة بهدف بث التفرقة وإشغال المذاهب والفرق الإسلامية ببعضها البعض، وذلك عبر وضعها في الواجهات الإعلامية، والتي خصصت لها برامج معينة.

ثانياً: كيف حاولت أمريكا تطبيق هذه التكتيكات ضد حزب الله اللبناني؟ ولماذا فشلت؟

سعت أمريكا لبناء منظومةٍ من الحرب الناعمة ضد محور المقاومة، مركزةً على حزب الله في لبنان، لما يشكله من أثرٍ كونه يقع في الخط الأمامي للصراع. وبالتالي فقد حاولت واشنطن عبر تكتيكاتها التي سبق ذكرها، العمل على فكر المجتمع اللبناني، من أجل إضعاف تقبل هذا المجتمع لمقاومة الحزب. وبالرغم من المقدرات والأموال الهائلة التي ضختها أمريكا وحلفاءها على ذلك، لم تنجح لأسباب عديدة. لكن السؤال الأساسي هو: كيف حاولت أمريكا إرساء منظومة الحرب الناعمة على حزب الله؟

إنطلقت أمريكا من أفكار الحداثة في المجتمع وعملت على الدخول من باب أن العمل المقاوم لحزب الله يتناقض مع المجتمعات الحديثة، وبالتالي يقف عائقاً أمام تطورها. مسلطةً الضوء على فكره، ومحاولةً وصفه بالإرهاب، وجعله في صف التيارات الإسلامية المتشددة. لكن حزب الله وبحسب التجربة، استطاع التغلب على هذه المسألة، من خلال القيادة الحكيمة البعيدة عن ردات الفعل، الى جانب الحضور السياسي الكبير والقدرة على الإمتداد والتحالف. ويشكل التفاهم التاريخي بين حزب الله والتيار الوطني الحر، أحد المحطات المهمة في ذلك.

حاولت أمريكا وبطريقة غير مباشرة خلق صراعٍ سياسيٍ لحزب الله مع الدولة اللبنانية من خلال طرح فكرة حصرية السلاح بيد الدولة. وكان الهدف حينها، ضرب معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي استطاع حزب الله إرساءها.

وبالتالي فقد سعت أمريكا عبر تكريسها لطاقاتٍ إعلامية وصحفية كبيرة، أدارها جهاز الإستخبارات الأمريكية، لبناء أرضية لتلك المنظومة، وبالتالي:

عملت على إثارة الفتنة المذهبية، في كل منعطفٍ سياسي يمر به لبنان. حتى أنها كانت مسؤولة عن بعض المنعطفات تلك. وقامت بتوجيه التركيز على أن المشكلة تكمن في قوة حزب الله التي تتعارض مع قوة الدولة.

حاولت تعزيز موقع لبنان بين الدول ومحاولة الحرص عليه في المجتمع الدولي، لإرساء واقع أنه لا يمكن ان يعيش إلا ضمن هذه المنظومة، وبالتالي فعلى حزب الله أن ينسجم مع خيارات البعض في الدولة اللبنانية الذين يرحبون بقرارات مجلس الأمن الدولي. وهو الأمر الذي ولد ما يسمى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، لتعزيز الفتنة المذهبية، وزيادة الإتهامات ضد حزب الله.

لكن كل تلك السياسات لم تنجح، فحزب الله حمل ومنذ البداية شعار الوحدة الإسلامية، وبالتالي استطاع إرساء تجربته على قاعدة رفض الفتنة المذهبية نظرياً وعملياً وهو الأمر الذي ترجمه من خلال قدرته على توجيه شارعه وضبط الخطاب السياسي. من ناحيةٍ أخرى استطاع حزب الله الحفاظ على الصورة الحقيقية للمقاومة ولبننتها، وبالتالي استطاع جعلها من النماذج النادرة التي تستطيع التوفيق بين الأيديولوجية الخاصة والبقاء تحت سقف الدولة اللبنانية.

 

الوقت- محمد علي جعفر

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق