التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, سبتمبر 8, 2024

الموقف الروسي تجاه اليمن ودوافعه 

 تشكل ساحة الصراع اليمني محوراً هاماً من محاور الصراع في المنطقة، محوراً تدور حوله سياسات وآراء دول كثيرة تحاول التأثير بثقلها على هذا الصراع وحرف نتائجه صوبها، وتتوزع هذه الدول بين الأطراف اليمنية وتختلف في مواقفها تجاه العدوان السعودي على اليمن، وروسيا ليست مستثناة من هذه المعادلة السياسية والاستراتيجية، فما هي أهمية اليمن بالنسبة لروسيا؟ وما هو الموقف الروسي من الأحداث الجارية في اليمن؟

 

لنتعرف على أهمية اليمن بالنسبة لروسيا فلا بأس أن ندرس الروابط التاريخية التي تجمع روسيا مع اليمن، فالرابطة التي تجمع البلدين تعود الى زمن الاتحاد السوفيتي الذي من خلال نظراته الايديولوجية الى منطقة شبه الجزيرة حاول التقرب الى اليمن وتحسين الروابط معها وخاصة في الحرب الباردة حيث سعى الاتحاد السوفيتي الى الحد من النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط وتحسين نفوذه في المنطقة ولهذا كان الجيش اليمني في تلك الفترة يعتمد بشكل كبير على التجهيزات والمعدات الروسية وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي عاشت روسيا عزلة سياسية اذا ما قارناها بماضيها ولكن مع تجدد الأزمة في المنطقة العربية عادت روسيا الى الواجهة وأصبحت تبدي بعض الاهتمام بأحداث الساحة العربية ومن بينها اليمن وهذا يعود لأسباب متعددة.

السبب الأول 

قبل تأزم الوضع اليمني، حاولت روسيا اتباع سياسة المواءمة مع الغرب تجاه المتغيرات في الدول العربية ولكن سرعان ما انتبهت الى أن الوضع في المنطقة أعمق من مجرد تغييرات منحصرة في البلدان العربية وهي تؤثر على الساحة الدولية بكاملها، وهذا ما دفع الروس الى الاهتمام بالمنطقة بكاملها ومن جملتها اليمن التي تمتاز بموقعها الاستراتيجي فهي تطل على البحر الأحمر وخليج عدن اضافة الى تحكمها بمضيق باب المندب مما يجعل من اليمن بوابة أساسية للتواجد الروسي التجاري والعسكري في شمال افريقيا.

السبب الثاني

يعود هذا السبب الى طبيعة العلاقات بين السعودية وروسيا فدخول روسيا الى تلك المنطقة من خلال حكومة موالية لها تدير اليمن يجعل من السعودية في معرض ضغط كبير من روسيا بسبب تواجد الجار اليمني الحليف للروس وهذا ما سيمنع السعودية من محاولة استخدام سلاح النفط ضد روسيا بل ستكون روسيا قادرة على التحكم بأسعار النفط، كما ستعتمد روسيا اسلوب الضغط على السعودية من خلال اليمن لإيقاف دعم الجماعات التكفيرية في القوقاز والتي تشكل خطراً على الأمن القومي الروسي، فاليمن تصلح لأن تكون وسيلة ضغط جيدة على السعودية.

السبب الثالث

حتى وإن كانت الرغبة الروسية في ادارة العالم والتحكم به ليست كسابق عهدها الا أنها لا ترضى بأن تقع اليمن فريسة لأمريكا وللغرب وهذا ما يدفع الحكومة الروسية الى اتخاذ مواقف مختلفة عن الموقف الأمريكي الداعم للعدوان السعودي على اليمن فعلى الرغم من تأكيد السفير الروسي في اليمن فلاديمير ديدوشكين على دعم بلاده لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور الا أن روسيا تدعو دائماً الى ايقاف العدوان على اليمن والبدء بالمفاوضات.

الموقف الروسي هذا قد لا ينسجم من ناحية الاصرار والحزم مع الاجراءات التي اتخذتها روسيا في اوكرانيا وسوريا، فروسيا وان كانت تحاول حماية اليمن من النفوذ السعودي والامريكي الا أنها غير جاهزة لأن تدفع الثمن الذي تدفعه لسوريا واوكرانيا وذلك لأن هذين البلدين يتمتعان بموقع استراتيجي وسياسي حيوي بالنسبة لروسيا هذا من جهة وأما من جهة أخرى فموقف روسيا اللين تجاه اليمن يهدف الى كسب جميع دول الخليج الى صفها وعلى رأسهم الحليف القديم ايران بهدف الاستمرار بتجارتها وللاستفادة من المخزون النفطي الذي تمتلكه هذه الدول.

وعلى هذا يظهر أن الاسباب التي تدفع روسيا الى الدخول في الملف اليمني وان كانت كثيرة الا أنها ليست كافية لأن تجعل الموقف الروسي صلبا فاليمن وان كانت لها أهمية لا بأس بها من خلال موقعها الاستراتيجي الا أنها لا تشكل دافعاً لروسيا لتفرض سيطرتها عليها اذ أن روسيا تسعى الى ابقائها مستقلة للحيلولة دون محاولات السيطرة عليها واستغلالها من قبل امريكا والدول الغربية وبعض الدول العربية كالسعودية.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق