لماذا لا يشعر الكيان الإسرائيلي بالخوف من تنظيم داعش؟
تشهد المنطقة العربية هذه الأيام تقدماً ملحوظاً لتنظيم داعش الإرهابي وازدياداً واضحاً في معدل الهجمات العسكرية والإرهابية التي يشنها التنظيم ونوعيتها، الأمر الذي مكن هذا التنظيم من احتلال مناطق جديدة من دول عربية عدة، ولربما تكون سيطرة التنظيم الإرهابي على عاصمة البادية السورية تدمر، واحتلاله مدينة الرمادي العراقية الحدث الأبرز الذي تناقلته وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة. تقدم داعش على الأرض رافقته هجمات انتحارية استهدفت مسجدين في المنطقة الشرقية في السعودية راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، سرعان ما أعلن التنظيم الإرهابي مسؤوليته عنهما متوعداً السعودية عموماً وأبناء المذهب الشيعي خصوصاً بالمزيد من الهجمات الإرهابية.
منذ أن بدأ داعش نشاطه الإرهابي دقت الحكومتان السورية والعراقية نواقيس الخطر، وأعلنتا أن خطر هذا التنظيم الإرهابي لن يبقي محصوراً في سوريا والعراق بل سيتعداهما ليطال أمن جميع البلدان العربية والإسلامية، وما هي إلا شهور معدودة حتى تحقق ما كان يخشاه العراقي والسوري، لنرى جميعاً مبايعة عدة “جماعات جهادية” في اليمن ومصر وليبيا وتونس ونيجيريا لداعش وإعلانها الولاء لأمير التنظيم أبي بكر البغدادي.
في ظل هذه الظروف المعقدة والتهديد الأمني الكبير الذي يطال دول المنطقة، يعيش الكيان الإسرائيلي بهدوء تام، إذ لم يقدم تنظيم داعش الإرهابي على تهديد هذا الكيان، ولم يتعرض لذكره في أيٍ من بياناته، وهنا يحق للمتابع أن يسأل ألا ينبغي لهذا التنظيم والذي يدعي أنه تنظيمٌ جهادي أن يكون تحرير فلسطين أحد أهم أهدافه؟ ما هو السر الكامن وراء هذا الهدوء؟ ولماذا لا نرى زعماء الكيان الإسرائيلي يولولون من تقدم داعش وتعاظم قوته كما يفعلون تجاه تعاظم قوة حركات المقاومة كحزب الله والجهاد الإسلامي وحماس؟
جواب هذه الأسئلة جميعاً يتلخص في الإجابة على سؤال واحد وهو ما هي حقيقة العلاقة بين داعش والكيان الإسرائيلي؟
يجمع الكيان الإسرائيلي بتنظيم داعش الإرهابي علاقات وطيدة، ومن أهم معالم هذه العلاقات:
١- يعمل تنظيم داعش على استهداف حركات المقاومة بشكل أساسي، وعلى سبيل المثال لا الحصر اتخذ داعش من المقاومة الإسلامية في لبنان عدواً له، فنشر البيانات ضدها وقام بالعمليات الإرهابية التي استهدفت عناصرها وجمهورها.
٢- يقوم تنظيم داعش بحرب واسعة النطاق تستهدف جميع المكونات الرافضة لوجود الكيان الإسرائيلي وعلى رأسها الدولة السورية والعراقية، فعندما يقوم هذا التنظيم باستهداف الجيش السوري أو العراقي أو الليبي فإنه يحقق هدفاً ثميناً للكيان الإسرائيلي، هذا الكيان والذي كان وما زال يتحين الفرصة للقضاء على هذه الجيوش العربية وتشويه عقيدتها التي تعتبره عدوها الأول.
٣- لم يعلن داعش عن موقف خاص من الكيان الإسرائيلي، ولم يقم بتهديده ولو بالكلام فقط كما يفعل مع مختلف دول المنطقة العربية والإسلامية.
٤- قام تنظيم داعش الإرهابي من خلال ممارساته الوحشية بصرف أنظار شعوب العالم عموماً والمنطقة خصوصاً عن فلسطين، فبات ما يمارسه التنظيم من إرهاب على الأرض الهمَّ الأكبر الذي يعيشه المواطن العربي والمسلم، وهذا الأمر حقق فرصة ذهبية للكيان الإسرائيلي للعيش في طمأنينة وسلام وممارسة سياساته القمعية الإستيطانية في حق الشعب الفلسطيني من دون أي رقيب أو سلطان.
٥- يعمل تنظيم داعش على تدمير جميع معالم المدنية والحضارة في كل منطقة تصل يده لها، فعمل هذا التنظيم على تدمير ونهب آثار وتراث العراق وسوريا الحضاريين. هذا الفعل يعود بفائدة عظيمة على الكيان الإسرائيلي والذي يسعى جاهداً لضرب ارتباط شعوب المنطقة بأراضيها لتسهيل بسط سيطرته عليها.
٦- يعمل داعش عبر ممارساته الوحشية من قطع للرؤوس واغتصاب للأعراض واستباحة للأموال على تهجير السكان المحليين وتشريدهم في أصقاع الأرض، مما يصب في مصلحة الكيان الإسرائيلي، لتمسي البلاد خالية من سكانها ليس هناك من يقاوم هذا الكيان ويقف في وجه أطماعه.
٧- يعمل تنظيم داعش على بث الفتنة الطائفية بين شعوب المنطقة، الأمر الذي يهدد استقرار ووحدة أراضي البلدان العربية ويعود بالفائدة على الكيان الإسرائيلي.
٨- يسعى تنظيم داعش إلى تقسيم البلاد العربية وتفرقة أوصالها وضرب مكوناتها العرقية والمذهبية بهدف تسهيل السيطرة على أراضي هذه الدول، وهو الأمر الذي طالما حاول الكيان الإسرائيلي القيام به.
٩- يسيطر تنظيم داعش على حقول نفطية واسعة في كل من سوريا والعراق وليبيا، هذا الأمر يهدد استقرار البلدان العربية الاقتصادي مما يسهم في إضعافها، الأمر الذي يسعى إليه الكيان الإسرائيلي.
هذه هي أبرز معالم علاقات تنظيم داعش الإرهابي بالكيان الإسرائيلي والتي تثبت أن هذا التنظيم الإرهابي إنما هو الوجه الآخر أو اليد الضاربة للكيان الإسرائيلي داخل المجتمعات العربية والإسلامية.
في يوم تستبيح فيه عناصر داعش أرضنا وأعراضنا ألا ينبغي لنا الالتفات إلى خطورة هذا التنظيم الإرهابي وخطورة المشروع الذي يقوم بإنجازه؟ ألا ينبغي لنا الوقوف صفاً واحداً لمحاربته ورد كيده إلى نحره؟ ألا ينبغي لنا الحذر من تنفيذ مآربه من حيث لا ندري عبر الانجرار وراء العصبيات العرقية والمذهبية أو عبر تضعيف الإنتماء الوطني لأرضنا وأوطاننا؟
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق