داعش .. مكامن قوته وتنقل أخطاره
وسط تفاقم الأزمات الأمنية التي تسبب بها تنظيم داعش الإرهابي في اكثر من بلد ومنطقة هناك سؤال يطرح نفسه باستمرار ويشغل بال الخبراء والمحللين وهو هل ان تنظيم داعش قوي بالفعل ؟ ان الاجابة السلبية على هذا السؤال ليست دقيقة كما ان الجواب الايجابي ليس صحيحا ايضا، فما هو سبب قوة هذا التنظيم ؟
ان هذا ليس سؤالا فقط بل هو قلق يرتاب الجميع، والقلق من داعش لايقتصر على العراق فقط رغم ان الاوضاع في العراق تبعث على القلق حيث فاجأ داعش الجيش العراقي في الرمادي التي كانت تسمى بوابة بغداد واستسلمت قوات الجيش العراقي المتمركزة هناك لهجوم ٢٠٠ داعشي وقاموا بتسليم المدينة لهم.
وبنظرة شاملة يمكن القول ان المشكلة مع داعش ليست مشكلة تخص الحكومة والجيش العراقيين كما يجب الانتباه إلي ان الاسلوب العسكري لوحده لايمكنه ان يحد من قدرات داعش فكيف بالقضاء الكامل على هذا التنظيم، وفي الحقيقة ان قضية داعش قضية دولية مستترة ومستمرة.
لايمكن ان ننظر الى داعش فقط بانه تنظيم مسلح بل يجب ان ننظر اليه كتيار فكري وسياسي، وهناك ٣ قضايا هامة يجب الانتباه اليها لمواجهة داعش واذا لم يتم ايجاد حل لهذه القضايا فلايمكن حل مشكلة داعش. وهذه القضايا هي اولا البيئة الاجتماعية لداعش وثانيا الموقع الايديولوجي لهذا التيار وثالثا وجود فراغات امنية في المنطقة وعلى الصعيد الدولي يستغلها تنظيم داعش، وان هذه القضايا هي التي تمكن داعش او اية جماعة تشبهه من النمو والنفوذ في المجتمعات التي يتم استهدافها.
ان قوة داعش والجماعات التي تشبهه تكمن في التستر والتخفي داخل المجتمعات التي يظهرون فيها، ففي وقت نجح تنظيم داعش بذكاء في جذب الاهتمامات الدولية والاقليمية نحو نشاطاته في العراق وسوريا يركز هذا التنظيم على التخطيط لنشاطاته السياسية والاجتماعية والايديولوجية الرئيسية في غرب آسيا وتحديدا على الحدود الغربية لافغانستان وباكستان وهي منطقة مليئة بالمخاطر على الحدود الشرقية لايران.
وقد تم تهميش تصريحات قائد القوات الاجنبية في افغانستان الجنرال جون كامبل خلال الاسبوع الماضي بسبب ضجيج المعارك الجارية في العراق وسوريا، حيث حذر كامبل من ان تنظيم داعش الذي اصيب بخيبة من قائد جماعة طالبان الافغانية الملا عمر ينشط بقوة في استقطاب عناصر له لكنه لم يبدأ بعد هجومه ويستعين بالافراد المحليين.
وفي تصريحات مماثلة ابلغ مستشار الامن القومي الافغاني محمد حنيف اتمر البرلمان الافغاني بأن الحكومة الافغانية تعتبر داعش خطراً جديا وحيويا للمصالح القومية لافغانستان على غرار تنظيم القاعدة، وقال اتمر ان داعش قد اعلن موقفه قبل ٣ اشهر فإنه لايعترف بالسيادة الافغانية ويعتبر كل البلدان منطقة خلافته ولذلك يستخدم داعش ارهابيا باكستانيا يدعى حافظ سعيد لقيادة عملياته وتنفيذ اهدافه في المنطقة.
واضاف اتمر “ان جماعة حركة تركستان الشرقية الارهابية تريد استهداف الصين عبر منطقة شمال افغانستان والدخول الى ذلك البلد كما ان جماعة انصارالله الطاجيكية تريد دخول طاجيكستان، وتنوي الحركة الاسلامية في اوزبكستان ايضا مهاجمة هذا البلد ومن ثم الوصول الى روسيا كما تنوي جماعة عسكر طيبة الوصول الى كشمير عبر المناطق الشمالية الشرقية من افغانستان وباكستان.
وفي هذه الاثناء قالت صحيفة “افغانستان” التي تصدر في كابول في عددها الصادر في نهاية الاسبوع الماضي ان قوات داعش لم تأت من العراق وسوريا الى داخل افغانستان بل هي قوات محلية تحولت الى قطب يجتذب القوى والاحزاب المذهبية المتطرفة نظرا الى البيئة المتطرفة المتوفرة في افغانستان، وقال محلل افغاني آخر لصحيفة “اطلاعات” التي تصدر في كابول ايضا ان التشكيلة القبلية للمجتمع الافغاني والأمية ووجود الافكار المتطرفة يشكل بيئة مناسبة لنفوذ الافكار المتطرفة والجماعات الارهابية.
واخيرا يجب طرح هذا السؤال من اجل ان يراجع كل منا افكاره، وهو هل ان سبيل مواجهة داعش والجماعات الشبيهة له هو فقط المواجهة العسكرية؟ أم ان هناك سبلا أخرى ايضا يجب ايجادها للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة ؟
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق