التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

وضع المرأة في السعودية … بين الجهل والتدين 

بات معلوماً في الإعلام العالمي والمجتمع الدولي طبيعة القوانين السعودية المقيدة للمرأة في شتى مجالات الحياة الإجتماعية، حيث لا تشكل النساء أكثر من ١٣% من إجمالي اليد العاملة في البلد المصنف بالمرتبة ١٢٧ من أصل ١٣٦ من حيث مستوي المساواة بين المرأة والرجل حسب منتدي الإقتصاد العالمي، وبالرغم من بعض الإصلاحات الأخيرة خلال فترة حكم الملك عبدالله، إلا أن التصنيف مازال على حاله، نظرا لحجم الحصار الإجتماعي المغلف بقوانين قاسية ما زال معمولا بها، تحت حجج الإلتزام الديني وتطبيق الشريعة الإسلامية.

 

وبحسب تعبير الاستاذة بيان زهران المحامية السعودية والمستشارة القانونية أن أي قانون ينشأ عادة ما يبنى على الأسس والأطر الإجتماعية والمعطيات التي تركب عليها المجتمع وبكل تأكيد تختلف الرؤية من مجتمع لآخر ولكن مازالت المرأة في السعودية تعاني من التمييز الإجتماعي بكل أسف مما يجعل حقوقها غير متساوية مقارنة بشقيقها الرجل فضلاً عن هيمنة الرجل في اتخاذ القرار مما يجعل المرأة العنصر الاضعف ومسلوبة الحقوق، وأضافت زهران، فيما يتعلق بابرز قضايا المرأة في بلادي فإن أغلب المراجعات لمكتبي من النساء يشكين من تظلمات اسرية كالطلاق والخلع وفسخ النكاح والنفقة والحضانة والزيارة والارث ونزع الولاية وتأتي بعدها القضايا العمالية فيما يخص حقوق العاملات وتظلماتهن. هناك الكثير من الملفات الشائكة مثل زواج القاصرات والعنف ضد النساء واعتبارهن العنصر الاضعف بل وتنشئتهن على ذلك مما يسهل عملية استغلالهن في انتهاك الحقوق، وجميع هذه الحقوق تحتاج لقوانين صارمة تحمي المرأة وكيانها من اي تمييز او تهجم او استغلال.

ويضاف لهذا الوضع الإجتماعي التربوي القاسي، جيل يتربي على معتقدات تلصق بالشريعة الإسلامية هي في جلها لا تنبع من السيرة النبوية أو القرآن الكريم بل من فتاوى من علماء الدين السعوديين الذين ينظرون في الموضوع حسب سياسات السعودية الإجتماعية معتبرين ما يصدرونه من فتاوى نابع من المذهبين الحنبلي والوهابي. والمفارقة أن من يتدينون بالمذهب الحنبلي تحديدا في البلدان الأخرى ومنها المجاورة للسعودية لا يعملون ولا يقيدون أنفسهم بهكذا نظريات دينية، أما في الوهابية فالمشكلة أكبر وأعمق نظرا لما يشوب هذا الفكر المتشدد والإفراطي من تعاليم لا تنتمي للإنسانية أصلا فكيف إذا نسبت للإسلام السمح، والذي هو أصلا أعظم وأكبر حتى من شتى ما تملكه البشرية من مفاهيم أخلاقية وإنسانية، ونلفت إلي أن أهل المذهب السني، أو المذاهب الأربعة، ينتقدون بشدة ما يصدر عن هذه الجماعات الوهابية والسلفية ويرفضون ما يصدر عنهم من أفكار تلصق بالإسلام وسيرة النبي وأصحابه

وقد أكد مجموعة من علماء الدين المصريين أن العنف يمثل انتهاكا للقيم الثقافية والدينية إضافة إلى كونه في الأصل انتهاكا للحقوق الإنسانية للمرأة، وحذر علماء الدين من الانسياق وراء الفتاوي الدينية المثيرة للجدل التي تكرس وتبيح العنف ضد المرأة، مؤكدين أن القرآن ساوي بين المرأة والرجل، وأن تلك الجرائم بعيدة كل البعد عن مبادئ الإسلام. كما وخرجت آراء علمائية سنية كثيرة تفند رأي الإسلام في موضوع المساواة بين الجنسين وتؤكد على حرص الإسلام على حفظ كرامة المرأة وصيانة حقوقها وأن ما يقدم في بعض الدول الغربية عن صورة معاملة المرأة في بعض الدول ذات الطابع الإسلامي ما هو إلا تشويه لصورة الإسلام الصحيح في العالم، كما جاء في تصاريح عدة للدكتور صابر أحمد طه، عميد كلية الدعوة بجامعة الأزهر، والدكتور عبد الوارث عثمان أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر والدكتور أحمد حسين وكيل كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر.

ويضاف إلى ما تقدم، ونتيجة للتربية القاهرة والمحطمة لنفسية المرأة وكانها تعامل فعليا مثل أيام الجاهلية الأولى حيث تعامل معاملة مواطن من الدرجة الثانية، يتجرأ القضاء السعودي بإصدار أحكام تضطهدها في كافة المحاكم السعودية، والمثال علي ذلك ما نشر على وكالة الأنباء الفلسطينية أف بي أي عن إعدام لمرأة، متهمة زورا بالإعتداء على ابنها، في الشارع العام وبطريقة قطع الرأس بالسيف.

بعد مبادرات الملك السابق عبدالله بن عبدالعزيز إزاء ملف المرأة، خاصة في إعطائها بعضاً من حقوقها في مسألة الترشح بنسبة قليلة لمجلس الشورى والمجالس البلدية وبعض الوظائف العامة، أصبح جليا حجم الضغط الإعلامي الدولي على السعودية الذي أدى لتلك القرارات الخجولة والتي لم تخرج المرأة السعودية من أزمتها ولم تبرأ السعودية من جريمتها بحق المرأة، ويبدو أن لا أمل قريب للمرأة السعودية في الخروج من الظلم اللاحق بها، نظرا لقدوم موجة جديدة من العقول الأكثر تشددا وانغلاقا وعصبية مع الحكم الجديد، ونظرا لاعتبار أصحاب القرار في السعودية حقوق المرأة موضوعا ثانويا لا يستحق النظر فيه خاصة في الوقت الراهن حيث يرزح البلد تحت وطأة الحرب على اليمن والتفاعلات السياسية الناتجة عن تدخلات السعودية في أزمات بلدان المنطقة، وعليه فالأمل الأقرب للمرأة السعودية هو إما تغيير في حكام البلد أو تحول سياسي كبير يلزم هؤلاء الحكام بتغيير نظرتهم للمرأة وتبني نظرة الإسلام الصحيحة لها، وإن كان من نموذج فلا أسلم من نموذج معاملة رسول الإنسانية والرحمة والأخلاق لابنته الزهراء.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق