أهداف التدخل الأمريكي في العراق بين المعلن والخفي
تتفق جميع الآراء ووجهات النظر، علي أن الأهداف التي اعلنتها أمريكا في حربها على العراق عام ٢٠٠٣ والتي كانت ركيزتها القضاء على السلاح الكيميائي والتي زعمت امتلاك العراق له، لم تكن الأهداف الحقيقية والواقعية، خاصة أن التقارير التي جاءت فيما بعد أثبتت عدم صحة وجود هذا السلاح بيد الجيش العراقي آنذاك، وقد بينت مجريات الحرب ونتائجها المطامع الخفية لأمريكا في العراق بل والمنطقة كلها. وجاء الإنسحاب الأمريكي من العراق عام ٢٠١١ ليشير إلى التخبط الواضح لدى الأمريكيين وعدم مقدرتهم علي الوقوف أمام إرادة الشعب العراقي، لتتجه أمريكا فيما بعد ومن خلال الإستفادة من الجماعات التكفيرية -التي نمت وترعرعت على مدى الاعوام الثمانية لوجود الإحتلال وتحت رعايته- لضرب العراق مجددا، لتعلن فيما بعد نيتها التدخل في العراق بهدف ضرب الجماعات التكفيرية والقضاء على ما سمته الإرهاب.
إذن الهدف الرئيس الذي أعلنته امريكا من تدخلها الحالي في العراق جاء تحت عنوان ضرب الجماعات التكفيرية وإعادة الأمن للعراق والمنطقة، وهو الذي يتعارض تماما مع مجريات الامور، فالتدخل الأمريكي جاء ليجلب المزيد من الفوضى في المناطق المسيطر عليها من قبل جماعات التكفير والوقوف سدا أمام التشكيلات الشعبية من تحقيق المزيد من الإنتصارات ودحر التكفير، ليبرز السؤال مجددا عن الأهداف الحقيقية للتدخل الأمريكي في العراق، والتي يمكن تسجيل بعضها كالتالي:
-١- النفط العراقي هو الهدف الثمين للتدخل الأمريكي في العراق لما يحتويه من فائض إحتياطي بالإضافة إلى سهولة إستخراجه.
-٢- الهيمنة على أعدائها المحتملين وفي مقدمتهم الصين حيث تعتبر بكين أحد المنافسين الرئيسين عسكريا وسياسيا لأمريكا خلال الأعوام القادمة، فالصين مستورد أساسي للبترول والذي تحصل عليه بشكل رئيسي من العراق والدول الخليجية، وبالتالي فإن تواجد ثقل لأمريكا في العراق سوف يسمح لها الضغط والتحكم بالدول المنافسة لها في المنطقة وعلى رأسها الصين.
-٣- السيطرة على العراق يعطي عامل قوة لأمريكا لإحداث تغيير جيبوليتكي راديكالي بإيجاد المزيد من الدول تحت سيطرتها في الشرق الاوسط.
-٤- امريكا تدرك جيدا أن العراق قوة حضارية وهي ارض الذاكرة العربية الإسلامية وهذا يهدد سيادة الثقافة والقيم الغربية.
-٥- الأزمة الإقتصادية التي تعاني منها أمريكا عامل إضافي ومهم لنزوع الطبقة الحاكمة في أمريكا نحو التدخل في الدول الاخرى، فالمخرج من هذه الأزمة بنظرهم هو إقرار سياسة بربرية تبيح قلب الأنظمة واحتلال أمريكا لقرارات الدول الأخرى، وإيجاد اسواق لها لتصريف الفائض عندها. مع ذلك فإن أمريكا تعاني من تراجع متواصل وتاريخي في حصتها من إجمالي الناتج العالمي من ٥٠ في المئة عند انتهاء الحرب العالمية الثانية إلي ٢٢.٥ في الوقت الخاص، وبطبيعة الحال انعكست الأزمة الاقتصادية الأمريكية على توجهات الرأي العام داخليا وخارجيا وخصوصا الطبقة العاملة داخل أمريكا.
-٦- حاجة أمريكا لتعزيز قواعدها العسكرية في الصحراء الغربية العراقية وهي النقطة الجغرافية التي انطلق منها واحد وأربعون صاروخ سكود عام ١٩٩١ لتحط على تل أبيب ويافا وحيفا في عمق الكيان الإسرائيلي. فالإسرائيليون هذه الأيام يلحون على الأمريكان بضرورة احتفاظهم بحق المراقبة على الصحراء الغربية العراقية بهدف حمايتهم وحماية أعمالهم التعسفية في فلسطين وغيرها من دول المنطقة.
-٧- المكسب السياسي في إظهار أمريكا نفسها امام العالم والشعوب على أنها الحامية للديمقراطية والمناهضة للحركات التكفيرية.
-٨- تشويه صورة الإسلام أمام الرأي العام الشعبي وإظهاره على أنه دين الإرهاب والقتل والتكفير، وهذا بسبب ما يمثله الدين الإسلامي من قيم ومبادئ تتعارض مع الفكر الأمريكي الإستعماري.
-٩- القضاء على أي فرصة لإنشاء دولة قوية ومقتدرة في المنطقة، منبثقة من إرادة الشعوب تحترم حقوق المواطن والإنسانية.
هذه الاهداف والمطامع الأمريكية في المنطقة وبالرغم من كل الثقل الذي تبذله لتحقيقها، إلا أن المعطيات على الأرض تشير بوضوح إلي ان السياسة الامريكية في المنطقة قد فشلت، وهي لم تحصد من تدخلها في الشأن العراقي سوى الخيبة والفشل وتراجع دورها الإقليمي والعالمي، إضافة إلي ازدياد مشاكلها الإقتصادية، وتراجع ثقة حلفائها بها، فإرادة الشعوب تأبى إلا ان تنتصر.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق