التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 13, 2024

العلامة آية الله الآصفي .. حياة مليئة بالجهاد 

 شيع الآلاف يوم الجمعة، جثمان المفكر الإسلامي الراحل آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي بعد أداء الصلاة عليه من قبل المرجع الديني آية الله الشيخ ناصر مكارم شيرازي في مدينة قم المقدسة وقبل نقله الى مدينة النجف الاشرف بالعراق ليوارى الثرى.

وشاركت في التشييع شخصيات دينية وسياسية إيرانية وعراقية بارزة والعديد من علماء الحوزة العلمية ومراجع الدين. وكان قائد الثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي قد نعى العلامة الآصفي ببيان، كما وجه سماحته في وقت سابق بنقل جثمان العلامة الآصفي بطائرة خاصة الى مدينة النجف الأشرف.

وتوفي آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي، فجر الخميس (٤ حزيران ٢٠١٥)، عن عمر ناهز الـ٧٦ عاما في مدينة قم المقدسة بعد فترة من المعاناة مع المرض.

ولد آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي في النجف الأشرف عام ١٩٣٩ من عائلة دينية علمية، فكان جده مرجعاً دينياً في إيران، وأبوه آية الله الشيخ علي محمد الآصفي من مجتهدي النجف الأشرف.  

وقد جمع الشيخ محمد مهدي الآصفي بين الدراستين الدينية والأكاديمية، إذ تخرج من كلية الفقه في النجف الأشرف في دورتها الأولى، ثم درس الماجستير في جامعة بغداد، وتتلمذ في دراسته الدينية في الحوزة العلمية في النجف الأشرف على يد كبار الفقهاء ومراجع الدين.

انتمى الى حزب الدعوة الإسلامية في عام ١٩٦٢، وما لبث أن أصبح من كوادره المتقدمة ومسؤولاً عن تنظيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف وعمل أيضاً مع جماعة العلماء في النجف الأشرف في هذه الفترة. 

وفي عام ١٩٧١ بدأت السلطة البعثية تتابع نشاطاته وتحركاته، وتحولت المتابعة إلى ملاحقة دائبة فاضطر الى التخفي بعد صدور أمر إلقاء القبض عليه، حتى هاجر إلى الكويت عام ١٩٧٤ ثم حملته ظروف العمل الإسلامي على السفر إلى إيران، إلّا أن سلطات الشاه بهلوى بدأت بملاحقته، نظراً لعلاقاته مع المقربين من الإمام الخميني في إيران واتصالاته بهم، وحاول السافاك (الأمن الإيراني) إلقاء القبض عليه، ثم احتجزه واحتجز جواز سفره، إلّا أنه عاد إلى الكويت متخفياً خلال عام ١٩٧٥، واستقر فيه ثانية، حيث ساهم في قيادة العمل الإسلامي من هناك، بعد أن اختير عضواً في القيادة العامة لحزب الدعوة الإسلامية.

وبعد انتصار الثورة الإسلامية هاجر إلى إيران، وساهم في إعادة بناء تنظيمات حزب الدعوة التي تعرضت لضربات شديدة في العراق، وانتخب ناطقاً رسمياً لحزب الدعوة خلال عام ١٩٨٠ وساهم في العام نفسه في تأسيس مجلس العلماء لقيادة الثورة الإسلامية في العراق مع قياديين آخرين في الحزب ومستقلين، كما انتخب عضواً في الهيئة الإدارية لجماعة العلماء المجاهدين في العراق عام ١٩٨٢، كما شغل منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق لسنتين.

وكان آية الله الخامنئي قد عيّن العلامة الآصفي أميناً عاماً للمجمع العالمي لأهل البيت في عام ٢٠٠٠ وبعد ثلاث سنوات تقريباً استقال منه ليتفرغ للعمل العلمي والخيري وذلك إمتداداً لنشاطاته في هذين المجالين إذ كان من أساتذة الفقه والأصول والأخلاق والعقائد في الحوزة العلمية في قم منذ وصوله اليها كما كان يرعى في ايران والعراق وافغانستان آلاف الفقراء والمعوزين من مختلف الجنسيات ولا سيما العراقيين والأفغانيين والباكستانيين وذلك عبر مؤسسات خيرية كبيرة أهمها مؤسسة الإمام الباقر(ع).

وبعد سقوط نظام صدام، عاد الشيخ الآصفي الى النجف الأشرف، وشرع فوراً بتدريس الفقه والأصول على مستوى البحث الخارج في الحوزة العلمية وكان من الشخصيات المعتمدة والبالغة الإحترام لدى السيد السيستاني وآية الله الخامنئي كما كان يحظى باحترام جميع الحركات والتيارات الإسلامية الشيعية العراقية وساهم عبر بياناته وفتاواه وتوجيهاته وتحركاته في تثبيت الأوضاع في العراق الجديد ومحاربة الإرهاب.

ويعد الشيخ الآصفي أحد المفكرين الإسلاميين المعاصرين، ويبلغ عدد مؤلفاته المطبوعة أكثر من ثلاثين مؤلفاً في الفلسفة والفكر والفقه والتفسير والاقتصاد. 

وكان أهم ما يميز العلامة الآصفي هو تواضعه الجم وأخلاقه العالية، وانطباق وعضه ونصائحه وإرشاداته مع تفكيره وسلوكه وأسلوب حياته ولذا كان نموذجاً للداعية والمفكر والسياسي الإسلامي الحقيقي، ولكن أكثر ما كان يلفت النظر في سلوكه هو زهده العجيب في ظاهره وباطنه وفي مسكنه ومركبه وملبسه ومأكله على الرغم من وضعه الديني والعلمي والسياسي والإجتماعي وفضّل أن يعيش عيشة الفقراء الذين كان يحبهم ويرعاهم ويخدمهم بنفسه إذ كان الشيخ الآصفي يشتري المواد الغذائية والسلع المنزلية ويملأ سيارته بها، ويخرج كل ليلة مع مرافقه ليوزعها بنفسه على الفقراء في بيوتهم.

توفي العلامة الشيخ الآصفي في مدينة قم، حيث كان يخضع لدورة العلاج الكيمياوي وذلك في صبيحة يوم الخميس ١٦ شعبان ١٤٣٦ هـ الموافق ٤ حزيران/ يونيو ٢٠١٥ عن ٧٦ عاماً بعد أدائه صلاة الفجر مباشرة.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق