التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

معادلة الرعب الجديدة.. سكود والعمق السعودي 

 دخل العدوان السعودي على الشعب اليمني بالأمس مرحلةً جديدة عنوانها “العمق الإستراتيجي السعودي”، وقد حملت هذه المرحلة في طياتها رسائل ما فوق إستراتيجية قد تكون مقدمةً طبيعية لإنهاء العدوان. ولا شك في أن ما قبل قصف قاعدة خميس مشيط الجوية السعودية بصاروخ إسكود ليس كما بعده، لانه لا يمكن للقيادة السعودية التغافل عن المرحلة الجديدة وتداعياتها على العدوان والداخل في آن واحد.

 

يبدو واضحاً أن أنصارالله والجيش اليمني يستخدمون سياسة التصعيد التدريجي تنفيذاً لمقولة “الصبر الإستراتيجي” في وجه العدوان، لذلك يعتبر قرار استخدام صواريخ سكود بعد حوالي شهرين ونصف على الحرب واعلان التحالف السعودي عن تدمير القدرات الصاروخية للجيش اليمني قراراً مفاجئاً لقوات التحالف فضلاً عن كونه ينذر بتحول خطير للسعودية نظراً لإمتلاك الجيش اليمني المئات منها. فما هي الرسائل التي حملها الـ “سكود” في رحلته إلى السعودية؟ وما هي دلالات إستخدام اليمنيين لسلاح كاسر للتوازن؟

قبل الدخول في شرح الرسائل والدلالات لابد من سرد مقدمة نعرض من خلالها نبذه قصيرة عن الصاروخ الذي يعتبر بنظر الكثيرين “كاسراً للتوازن”.

صاروخ سكود السوفيتي

يعتبر صاروخ “سكود” من بين الأسلحة التكتيكية التي صممها الاتحاد السوفيتي السابق في فترة الحرب الباردة، ويصل مداه حالياً إلى أكثر من ٣٠٠ كيلومتر. دخل صاروخ سكود في الخدمة الفعلية بنهاية العقد الخامس من القرن الماضي، ولكنه خضع لعملية تطوير كبيرة اعتبارا من مطلع العقد السادس ((A,B,C,D، ما مكنه من حمل كميات كبيرة من المتفجرات أو حتى الرؤوس الحربية غير التقليدية.

ويتجاوز طول الصاروخ ١١ مترا، ويعتمد على محرك يعمل بالوقود السائل وهو أسرع من الصوت بعدة مرات، كما أنه يستخدم على نطاق واسع في العديد من العمليات العسكرية.

وتعتبر كوريا الشمالية حالياً من بين أبرز الدول التي تواصل تطوير صواريخ سكود، ويعتبر صاروخ “روندونغ” النموذج الأبرز الذي صنعته بيونغ يانغ، استنادا إلى طراز “سكود” D وقد أدخلت عليه الكثير من التحسينات بهدف تأمين القدرة على الوصول إلى أهداف بعيدة. 

 رسائل ودلالات

لقد شكّل إستهداف قاعدة خالد بن عبد العزيز الجوية في مدينة “خميس مشيط” جنوب السعودية والتي تعتبر من أهم القواعد الجوية، علامةً فارقة في مجرى الحرب، ولا شك في أن هذا الإستهداف حمل في طيّاته رسائل ودلالات عدّة أبرزها:

أولاً كشف هذا الإستهداف فشل العدوان السعودي على اليمن من ناحية، وفضح الإدعاءات السعودية التي أعلنها المتحدث باسم التحالف العميد أحمد العسيري حول تدمير القدرة الصاروخية للجيش اليمني وأنصار الله إبان إنتهاء ما يمسى بعاصفة الحزم من ناحية أخرى، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الصمت كان سيّد الموقف في الإعلام السعودي قبيل إعلان أنصار الله عن إستهداف القاعدة الجوية، ولكن السعودية ما لبث أن أعلنت تدمير الصاروخ اليمني عبر صواريخ باتريوت بعد مقطع الفيديو الذي نشره الإعلام الحربي لأنصار الله.

ثانياً إعتمدت حركة أنصار الله والجيش اليمني سابقاً إستراتيجية السيطرة على الارض، وتحمل الضربات دون رد مباشر على المعتدي، إلا أن هذا الرد يؤكد أن سياسة الصبر الإستراتيجي ليست مفتوحة، وهذا بالفعل ما نقلته مصادر يمنية حين أكدت أن “الحركة بعثت برسالة إلى الجانب الروسي مفادها بدء نفاذ الصبر والإستعداد للقيام برد حاسم، لكن القيادة الروسية طلبت من الحركة التريث لأجل المفاوضات السياسية”.

ثالثاً إستهدفت اللجان الشعبية المركز العسكري حالياً، وهنا يُسجل للتاريخ أنه حتى إعلام عاصفة الحزم لم يذكر إستهداف اليمنيين للشعب السعودي، وربّما المنشآت النفطية وربّما ما بعد المنشآت النفطية إذا ما إستمر العدوان، ما يعني أن يد أنصار الله هي العليا عسكرياً في أي خطوة قادمة، وهذا ما سنرى نتائجه أثناء المفاوضات.

رابعاً لا يمكن للسعودية أن تتجاهل هذه الضربة بإعتبارها الأولى والأخيرة، لأن مصادر خليجية نقلت في وقت سابق أن صورا للأقمار الصناعية أظهرت في يناير كانون الثاني نشر أنصار الله صواريخ سكود بعيدة المدى في الشمال قرب الحدود السعودية، وقد أوضح المصدر حينها أن الجيش اليمني يمتلك نحو ٣٠٠ صاروخ سكود.

خامساً لطالما حاولت السعودية إبعاد الجبهة الداخلية عن آثار الحرب مستفيدةً من عزم أنصار الله على تحييد المدنيين وإقتصار ردّه على المنشآت العسكرية الحدودية، لكن إستخدام صواريخ أرض ـ أرض من مديات مختلفة قادرة على تحقيق إصابات مدمرة في البنى التحتية العسكرية والمدنية والنفطية، يعني أن هذه الجبهة(بإستثناء المدنيين) باتت في قلب المعركة.

سادساً أنصار الله أرادت من هذا الإستهداف الضغط على السعودية لوقف عدوانها، وفرض واقع جديد يحتّم على السعودية القبول بالمفاوضات بين المكونات اليمنية دون أي شروط مسبقة، وقد ظهرت بالفعل نقمة السعودية إزاء هذه المعادلة الجديدة حيث باشرت القوات السعودية فور إستهداف قاعدة الخميس الجوّية بارتكاب المجازر بطريقة أكثر وحشية من ذي قبل ما أسفر عن سقوط ٤٥ ضحية على الأقل، وذلك بعد ساعات فقط على إطلاق صاروخ السكود.

نجحت اللجان الشعبية في المرحلة الجديدة من إختبار “الصبر الإستراتيجي”، حيث إختارت الهدف والسلاح والتوقيت بدقّة عالية، ولا شك أن الرسالة التي أرادت إيصالها حركة أنصار الله للسلطة السعودية قد وصلت. وعندما تعلن الحركة أنها “حددت بنك أهداف سيكون مزلزلاً على مملكة آل سعود”، يعني أن العدوان بات في خواتيمه وعندها ستكون يد(أنصار) الله هي العليا.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق